سَنى آنَسَ الْغَرْب فِيهِ هُدَى - خليل مطران

سَنى آنَسَ الْغَرْب فِيهِ هُدَى
فَحَيَّاهُ بِالبشْرِ لَمَّا بَدا

تَبَيَّنُ مِنْهُ لأُمِّ اللُّغَاتِ
حُلىً غُرَرٌ رُعْنَه مَشْهَدَا

فَأُمُّ الْبَنِينَ الأُولى قَصَّرُوا
تُكَرِّمُ وَاصِفَها المُسْعِدا

تُكَرِّمُ نَابِغَةً فَاضِلاً
أَمِينَ البَلاَغِ صَدُوقَ الصَّدَى

أَبَانَ لِجُهَّالِهَا فَضْلَهَا
وَأَبْدَى فَرَائِدَهَا الخُرَّدَا

بِلَفْظٍ عَلَى كَوْنِهِ مُعْجَماً
حَكَى حُسْنُهُ المُعْرَبَ الجَيِّدا

لِمُشْرِقِهِ مِنْ سَنَاهَا سَنىً
وَمُورِقِهِ مِنْ نَدَاهَا نَدَى

يَكَادُ الطَّرُوبُ لإِيقَاعِهِ
يردِّدُه نَغَماً مُنْشِدَا

أَرَاهُمْ بَدِيعاً بِذاك الْبَدِيعِ
صَفا جَوْهَراً وَحَلاَ مَوْرِدَا

وَبَاحَ لَهُمْ مِنْ كُنُوزِ النُّهَى
بِمَا يَسْتَفِزُّ لَهَا الحُسَّدا

كُنُوزٌ سَيَغْزُونَ أَعْلاَقَهَا
وَيَسْبُونَ قَيِّمَها المُرْصَدا

فَإِنْ فَعَلُواوَهَمُ فَاعِلُونَ
وَلِلْمَرْءِ فِي الدَّهْرِ مَا عُوِّدَا

كَمَا اسْتَنْزَفُوا الشَّرْقَ بَرّاً وبَحْراً
فَلاَ دُرَّ أَبْقَوْا وَلاَ عَسْجَدَا

فَهَذِي الْغَوَالِي بَقَايَا الْمَعَالِي
تُقِرُّ لَنَا الْمَاضِي الأَمْجَدَا

وَمَا ضَائِرٌ فَخْرَنَا أَنْ تُبَاحَ
وَلاَ ضَائِرُ الْجَّاهِ أَنْ تُجْتَدَى

أَلاَ لِيْتَهُمْ تَرَكُوا غَيْرَهَا
قَدِيماً وَمَدُّوا إِلَيْهَا يَدَا

عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا بَعْدَ لأْيٍ
كَرَامَةَ أُمَّتِنَا مَحْتِدا

لأْنَّ بَيَاناً كَهَذَا الْبَيَانِ
جَدِيرٌ كَمَا شَاءَ أَنْ يَخْلُدَا

وَأَنَّ نُفُوساً كَتِلْكَ النَُفُوسِ
لَهَا رَجْعَةٌ فِي بَنِيهَا غَدَا

سَمَا فِي الْمَفَاخِرِ هَذَا الْفَخَارُ
لَنَا وَأَبَى الْحَقُّ أَنْ يُجْحَدَا

فَلا تَبْتَئِسْ وَهْوَ ذَاكَ النُّضَارُ
إِذَا ما رَأَيْنَا لَهُ نُقَّدَا

يُرِيدُونَ مِنَّا بِنَاءَ الْقَرِيضِ
كَثِيرَ الْمَنَاحِي قَصِيَّ المَدَى

وَقَدْ جَهِلُوا الْبَيْتَ نَبْنِيه فَذّاً
فَيَسْتَغْرِبُ الأَمَدُ الأَبْعَدَا

حُلاَه تُنَافِسُ زَهْرَ الرِّيَاضِ
وَمَعَنْاهُ يَسْتَنْزِلُ الفَرْقَدَا

أَواصِفُ حُييْتَ مِنْ سَابِقٍ
وَمِنْ أَرْيَحِيِّ بِهِ يُقْتَدَى

تَوَخَّيْتَهَا غايَةً وَعْرَةً
فَأَدْرَكْتَهَا فَائِزاً أَيِّدا

بِرَأْيٍ جَمِيلٍ وَسَعْيٍ جَلِيلٍ
خَلِيقٍ عَلَى الدهْرِ أَنْ يُحْمَدَا

كَذَا يُصْرَفُ الْحَزْمُ فِي وَجْهِهِ
وَلاَ تَتَوَلَّى الْمَسَاعِي سُدَى