لَعلَّكَ ذاكِرُ الطَّللِ القَدِيمِ - أبو تمام

لَعلَّكَ ذاكِرُ الطَّللِ القَدِيمِ
و موفٍ بالعهودِ على الرسوم

ووَاصِفُ ناقَة تَذَرُ المَهارَى
موكلة ً بوخدٍ أو رسيمِ

و قد أممتُ بيتَ الله نضواً
على عيرانة ٍ حرفٍ سعومِ

أتيتُ القادسية َ وهي ترنو
اليَّ بعينِ شيطانٍ رجيمِ

فما بلغتْ بنا عسفانَ حتى
رنت بلحاظِ لقمانَ الحكيمِ

و بدلها السى بالجهلِ حلماً
وقَدَّ أديمَها قَدَّ الأدِيمِ

أذابَ سَنامَها قَطْعُ الفَيافي
ومَزَّقَ جِلْدَها نَضْجُ العَصِيمِ

طَوَاها طَيُّها المُومَاة َ وَخْداً
الى أجبال مكّة َ والحطيمِ

رمَتْ خُطواتِها بِبَني خَطايَا
مواشكة ً إلى ربٍّ كريمِ

بِكُل بعيدَة ِ الأرجاءِ تِيهٍ
كأَنَّ أُوَارَها وَهْجُ الجَحيمِ

أقولُ بها وقَدْ أوحَتْ بعين
إليَّ تشكي الدنفِ السقيمِ

بكُورُكِ أشعَرُ الثَّقلَيْن طُرّاً
و أوفى الناس في حسب صميمِ

لمالَكِ تَشتكِينَ وأنتِ تَحْتي
وتحتَ محمّدٍ بَدْرِ النُّجومِ؟

متى أظمتك هاجرة ٌ فشيمي
أنامِلَه تُرَوكِ بالنَّسِيمِ

و إنغشيتكِ ظلماءُ فجلّي
بِغُرَّته دُجَى الليلِ البَهيمِ

فمَرَّتْ مِثْلما يَمشِي شَهيدٌ
سويّاً إلى صراطٍ مستقيمِ

ولولا اللَّه يومَ مِنى ً لأبدَتْ
هواها كلُّ ذاتِ حشا هضيمِ

رَميْنَ أخا اغترابٍ واكتئَابٍ
بَعِيْنَيْ جُؤْذَر وبجيدِ رِيمِ