وغَيثٍ تبَطَّنَتْ قُرْيانَهُ - ابن مقبل
وغَيثٍ تبَطَّنَتْ قُرْيانَهُ
                                                                            إذا رَفَّهُ الوَبْلُ عنهُ دُجِنْ
                                                                    وُقوفٌ بهِ تحتَ أظلالِههِ
                                                                            كهولُ الخُزامى وقوفَ الظُّعُنْ
                                                                    كَأَنَّ صَوَاهِلَ ذِبَّانِهِ
                                                                            قُبَيْلَ الصَّبَاحِ صَهِيلُ الحُصُنْ
                                                                    بنَهدِ المَراكِلِ ذي مَيْعَة ٍ
                                                                            أَزَلِّ العِثَارِ مِعَنٍّ مِفَنّ
                                                                    هَرِيتٍ قصيرِ عِذَارِ اللِّجامِ
                                                                            أَسيلٍ طويلِ عِذارِ الرَّسَنْ
                                                                    ذَعَرْتُ به العَيْرَ مُسْتَوْزِياً
                                                                            شَكِيرُ جَحافِلِهِ قدْ كَتِنْ
                                                                    عدا هَرِجاً غيرَ مُستَيقِنٍ
                                                                            بِوَقْعِ اللِّقَاءِ،ولاَ مُطْمئِنّ
                                                                    يَمُجُّ بَراعيمَ مِنْ عَضْرَسٍ
                                                                            تَروَاحَهُ القَطْرُ حتَّى مَعِنْ
                                                                    كأنَّ نُقاعاتِ خَطْمِيَّة ٍ
                                                                            على حَدِّ مَرْسِنِهِ لوْ رُسِنْ
                                                                    غَدَا يَنْفُضُ الطَلَّ عنْ مَتْنِهِ
                                                                            تسيلُ شَراسيفُهُ كالقُطُنْ
                                                                    وصاحبِ صِدقٍ تَناسَيْتُهُ
                                                                            كَرَاهُ،ولهَّيْتُ حتَّى أَذِنْ
                                                                    يذودُ العصافيرَ عنْ داثرٍ
                                                                            دَفينِ الإزاءِ خَلاَءٍ أَجِنْ
                                                                    وخَشخَشْتُ بالعَنْسِ في قَفرة ٍ
                                                                            مَقِيلَ ظِبَاءِ الصَّرِيمِ الحُزُنْ
                                                                    وهُنَّ جُنُوحٌ لدَى حَاذَة ٍ
                                                                            ضَوارِبَ غِزلانُها بالجُرُنْ
                                                                    بِعَنْسَيْنِ تَصرِفُ أَلْحِيهِما
                                                                            بِمُستَنْقِعٍ كَصُبَابِ اللَّجِنْ
                                                                    ظَلَلْنَا مُظِلَّيْ زِمَامَيْهِمَا
                                                                            يُرَاوَحُ زَوْرَاهُمَا بِالثَّفِنْ
                                                                    فَرُحْنَا تُرَاكِلُ أَيدِيهمَا
                                                                            سَريحاً تَخَرَّقَ بعدَ المُرُنْ
                                                                    وأَصيدَ صَادَيْتُ عن دَائِهِ
                                                                            ونارٍ ببِطْنَتِهِ إذْ بَطِنْ
                                                                    جمَحْتُ بهِ ، ثمَّ نحَّيْتُهُ
                                                                            ببَيْنِ القَرينَيْنِ حتى قُرِنْ
                                                                    فَداجِ أخاكَ إلى يومِهِ
                                                                            فَإِنْ عَزَّ غَيْرَ مُسيءٍ فَهُنْ
                                                                    سَيُشوِي الفَتَى بَعْضُ أَوْجَالِهِ
                                                                            ويَفْجعُهُ بَعْضُ ما قَدْ أَمِنْ
                                                                    بِمُخْتَلَسٍ من نَوَاحِي الحُتُو
                                                                            فِ تُرمى الرجالُ بهِ عنْ شَزَنْ
                                                                    فَإِمَّا هَلَكْتُ فلاَ تَجْزَعِي
                                                                            ونَامِي على دَائِكِ المُسْتَكِنْ
                                                                    لعَمْرُ أَبِيكِ،لَقَدْ شَاقَني
                                                                            مكانٌ حزنْتُ لهُ أوْ حَزِنْ
                                                                    مَنَازِلُ لَيْلَى وأَتْرَابِهَا
                                                                            خَلا عَهدُها بينَ قَوٍّ فَقُنْ
                                                                    خلا عهدُها بعدَ سُكَّانِها
                                                                            لِما نالَها مِن خَبالٍ وجِنْ
                                                                    لياليَ ليلى على غانِظٍ
                                                                            وليلى هوى النَّفْسِ ما لمْ تَبِنْ
                                                                    سقَتْني بصَهباءَ دِرْياقَة ٍ
                                                                            مَتَى مَا تُلَيِّنْ عِظَامِي تَلِنْ
                                                                    صُهَابِيَّة ٍ مُتْرَعٍ دَنُّهَا
                                                                            تُرَجَّعُ من عُودِ وَعْسٍ مُرِنّ
                                                                    وشَقَّتْ ليَ اللَّيْلَّ عن جَيْبِهِ
                                                                            بِلَذَّتِهَا،وضَجِيعِي وَسِنْ
                                                                    ولوْ بذلَتْ حُسنَ ما عندَها
                                                                            لِبَارِحِ أَرْوَى نَوَارٍ مُسِنْ
                                                                    قَرُوعِ الظِّرَابِ بأَظْلافِهِ
                                                                            رَشُوفِ الفَرَاشِ بِسَامٍ رَكُنْ
                                                                    شَبُوبٍ كَأَنَّ قَرَا ظهْرِهِ
                                                                            مِنَ الزَّيْتِ بَعْدَ دِهَانٍ دُهِنْ
                                                                    مَرابِعُهُ الخُمْرُ مِن صاحَة ٍ
                                                                            ومُصْطافُهُ في الوُعولِ الحُزُنْ
                                                                    لَظَلَّ يُنَازِعُهَا لُبَّهُ
                                                                            نِزَاعَ القَرِينِ حِبَالَ الرُّهُنْ
                                                                    سَأَتركُ لِلظَّنِّ ما بَعْدَهُ
                                                                            ومَنْ يَكُ ذَا أُرْبَة ٍ يَسْتَبِنْ
                                                                    فلا تتْبَعِ الظنَّ إنَّ الظنونَ
                                                                            تُريكَ منَ الأمرِ ما لمْ يكُنْ
                                                                    وأَرْعَى الأَمَانة َ فِيمَنْ رَعَى
                                                                            ومَنْ لا تَجدْهُ أَميناً يَخُنْ
                                                                    تركْتُ الخَنا ، لستُ مِن أهلِهِ ،
                                                                            وسَمَّنْتُ في الحمدِ حتى سَمِنْ
                                                                    بِوَفْرِي العَشِيرَة َ أَعْرَاضَهَا
                                                                            وخَلْعي عِذارَ الخطيبِ اللَّسِنْ
                                                                    وجَوْفاءَ يَجنَحُ فيها الضَّرِيكُ
                                                                            لحينِ الشتاءِ جُنوحَ العَرِنْ
                                                                    ملأْتُ ، فأتْرَعْتُها تابِلي
                                                                            على عادة ٍ مِن كريمٍ فَطِنْ
                                                                    إِذا سَدَّ بِالْمحلِ آفَاقَهَا
                                                                            جَهَامٌ يَؤُجُّ أَجِيجَ الظُّعُنْ
                                                                    وصَالِحَة ِ العَهْدِ زَجَّيْتُهَا
                                                                            لِواعي الفؤادِ حَفيظ الأُذُنْ
                                                                    بِبَابِ المَقَاولِ من حِمْيَرٍ
                                                                            تُشَدَّدُ أعْضادُهُ باللَّبِنْ
                                                                    فما أُخْفِ يَخْفَ على عِفَّة ٍ
                                                                            وما أُبْدِ يَعْلُنْ إذا ما عَلَنْ