أنشودة الأبدّية - نازك الملائكة
"إلى القيثارة الإلهية التي منحت الإنسانية أروع الألحان ,إلى تشايكوفسكي الموسيقي الروسي , ذكرى لمرور أربع وخمسين سنة على وفاته "
                                                                    - - -
                                                                    سأحبّ الحياة من أجل ألحا
                                                                            نك يا بلبلي الحزين وأحيا
                                                                    سأرى في النجوم من نور أحلا
                                                                            مك ظلا مخلّدا أبديّا
                                                                    ***
                                                                    سأناجي في الليل جنحا من الأح
                                                                            زان يوما ألقى عليك ظلاله
                                                                    سأحيّي في الكرم فيضا من الأس
                                                                            رار أضفي يوما عليك جماله
                                                                    ***
                                                                    وإذا ثارت العواصف في اللي
                                                                            ل وراء الحقل الرهيب الدجيّ
                                                                    لمست روحي المشوقة فيها
                                                                            ذكريات من روحك الناريّ
                                                                    ***
                                                                    آه يا أيّها الملاك إلى رو
                                                                            حك , في الموت , حنّ روحي الحزين
                                                                    أنا تلك التي حياتي على الأر
                                                                            ض اكتآب ووحشة وحنين
                                                                    ***
                                                                    آه لو كنت عشت مثلك في الما
                                                                            ضي وأبصرت وجهك العلويّا
                                                                    لولا رأيت الإلهام يملأ عيني
                                                                            ك ضياء ووجهك الشاعريّا
                                                                    ***
                                                                    آه لو بعت كلّ عمري بيوم
                                                                            شاعريّ يراك فيه وجودي
                                                                    من بعيد أرنو إلى الهيكل السا
                                                                            مي وأصغي إليك يا معبودي
                                                                    ***
                                                                    وأرى كيف يغرق الحزن مرآ
                                                                            ك وتبدو أسراره في عيونك
                                                                    وأحسّ ارتعاش قلبك للحس
                                                                            ن وظلّ الشّرود فوق جبينك
                                                                    ***
                                                                    وأرى كيف ترجف الوتر المس
                                                                            حور كفّاك يا ملاكي النبيلا
                                                                    كيف ترنو إلى الحياة وما في
                                                                            ها وتستلهم الوجود الجميلا
                                                                    ***
                                                                    وأرى كيف يغسل الدمع عيني
                                                                            ك وتبكي في وحشة الإنفراد
                                                                    وأرى كيف يرقص الألم الطا
                                                                            هر في مقلتيك قبل الرّقاد
                                                                    ***
                                                                    كيف يأتي الدجى عليك فترنو
                                                                            في ذهول إلى ظلال الماضي
                                                                    بين فك الذكرى يعذّبك الشو
                                                                            ق وتبقى في رعشة وانتفاض
                                                                    ***
                                                                    كيف تحت الدجى تهيم على وج
                                                                            هك بحثا عن لحظة من هدوء
                                                                    هاربا من صراخ نفسك من دن
                                                                            ياك من عالم الورى الموبوء
                                                                    ***
                                                                    هاربا هاربا تحدّق في النه
                                                                            ر وما فوق مائه من جليد
                                                                    تتمنّى أن يدفن الثلج بلوا
                                                                            ك بعيدا عن اضطراب الوجود
                                                                    ***
                                                                    آه يا بلبلي وقد جاءك المو
                                                                            ت أخيرا وغبت عن دنيانا
                                                                    أخمد الصمت والفناء أغاني
                                                                            ك ولم يبق غير رجع أسانا
                                                                    ***
                                                                    رقد الحالم الألهيّ تحت ال
                                                                            فجر جسما ميتا وروحا أصمّا
                                                                    كلّ أنغامه السماويّة الظم
                                                                            أى وأحلام روحه عدن حلما
                                                                    ***
                                                                    وعلا ذلك الجبين الأثيريّ
                                                                            شحوب الموت المرير القاسي
                                                                    وهوى ذلك الإله السماويّ
                                                                            على الأرض خامد الأنفاس
                                                                    ***
                                                                    عبثا قبّلته آلهة الفج
                                                                            ر وغّنته أعذب الأنغام
                                                                    عبثا ذكّرته ربّة موسي
                                                                            قاه بالذكريات والأحلام
                                                                    ***
                                                                    أيّها الموت أيّها المارد الشرّ
                                                                            ير يا لعنة الزّمان العنيد
                                                                    كيف ترضى يداك أن تقتل الإل
                                                                            هام ؟ ماذا تركته للوجود ؟
                                                                    ***
                                                                    سوف تفنى يداك أنت ويبقى
                                                                            ظلّ ذاك الطير الجميل الوديع
                                                                    سوف تبقى نجواه تخفق فوق الأ
                                                                            رض بالحبّ والجنال الرفيع
                                                                    ***
                                                                    أيّها الحاقد الترابيّ أمّا
                                                                            أنت فاحقد وعش على الأضغان
                                                                    إنّه الآن فوق حقدك فوق الأ
                                                                            رض , فوق الفناء والنسيان