مساء شفيف - فواغي صقر القاسمي
من قال أن المساء فوات
                                                                    و أن الليالي تقيم احتفالاتها المزمنة
                                                                    على وقع موت النهار
                                                                    وتلقي عليه سلام الأفول
                                                                    تحطم خلف انسحاب ضياهُ
                                                                    جرار الوداع
                                                                    لألاّ يعود
                                                                    و أن المساءات حضن النزق
                                                                    و كهف يلوذ به الصاخبين !
                                                                    ،
                                                                    مسائي وديع دفيء حميم
                                                                    يقيم بذاتي كأسطورة ٍ من خيال
                                                                    وحلم يسوق إليَّ الهوى
                                                                    يقلـّمُ عني مقلتيَّ النعاسَ
                                                                    ويعبر صحراء قلبي
                                                                    ليزرع فيها روابي القصيد
                                                                    ويغمرها من سواقي الحنين
                                                                    ،
                                                                    سأتلو على ليلتي هذه
                                                                    طقوس البداية
                                                                    شريعة قلبي التي لم تزل
                                                                    تدور كطاحونة صابئة
                                                                    تعمد أحلامها في بياض الغدير
                                                                    فتغسل كل الذنوبْ
                                                                    و كل الدروبْ
                                                                    و كل الذي يعتريها
                                                                    ولمّا يزل
                                                                    من أسىً أوشحوبْ
                                                                    ،
                                                                    سأتلوعليها مزامير جملتنا الأبدية
                                                                    بأني شهيدة
                                                                    فلا الصبح ألقي بعينيّ ضوءا ً
                                                                    لأخمده بافتعال الغروب
                                                                    ليشكوَني لقضاة النهار
                                                                    فيقضون ظلما بأني اقترفت
                                                                    خطيئة وأد الضياء
                                                                    وإني برغم انتشاء الصباح
                                                                    عشقت المساء
                                                                    ,
                                                                    سأتلو على الصمت في ليلتي هذه المرهقة
                                                                    براهين عذري
                                                                    و أرسل في طية مغلقة
                                                                    تباريح وجدي
                                                                    مسورة بالنشيج
                                                                    ودمع يسحُّ هتونا هتونا
                                                                    ليغرق قلبي الوليد....
                                                                    ،
                                                                    لقد غص في خاطري هاجسٌ
                                                                    من عذاب السؤال
                                                                    وبيني و بين الجروح
                                                                    صراع مرير ،
                                                                    أمنيَ ذاتي بأن أحتويها
                                                                    و أن تحتويني
                                                                    و نصبح يوما برغم الأسى أصدقاء
                                                                    ولم يكُ ذاك سوى جولة في الخواء
                                                                    وحار الجواب ..
                                                                    وضاق بيَ الكون حتى كأن المساء
                                                                    لم يعد حالما ً كما كان قبلا ً
                                                                    و أن الجوابَ
                                                                    تعثـّر في صخرة ٍ للرجاء !