الليلة أقلد بازوليني - سعدي يوسف
لستَ " المتصوِّفَ " …
                                                                    لستَ " الســرياليَّ "
                                                                    ولستَ النادمَ عمّــا أحببتَ :
                                                                    النخلَ ، ورايتَكَ الحمـــراءَ ؛
                                                                    ولستَ المتوسِّــلَ بالصحفِ الصفراءِ
                                                                    ( أ كُلُّ الصحفِ الآنَ تسـمِّـيها صفراءَ ؟ )
                                                                    إذاً … كيف ستمضي في هذي الـمَـذأبةِ الكبرى … ؟
                                                                    مَن سيترجمُ أشعارَكَ عبرَ لغاتِ الســـوقِ الأوربــيّــةِ ؟
                                                                    مَن سَـيُـرَشِّـحُكَ ، الليلةَ ، في الـمطعمِ ، للجائزةِ الألمانيةِ ، أو تلكَ الكَرواتيةِ ؟
                                                                    مَن سيُســجِّــلُ عنوانَك والهاتفَ والإيميلَ ، عـلــى قائمةِ الـمدعوِّينَ إلى كل جهاتِ الأرضِ ؟
                                                                    وأيّ امرأةٍ سوف تُـمَـسِّـدُ خُصـلةَ شَـعرِكَ ، هذا الأشيبِ ، من عينٍ في هاتفـها النــقّالِ ؟
                                                                    و مُؤصدةً ، ســـتكـــــونُ البــــــــــابُ أمــــــــامَـكَ
                                                                    مُـؤصَـدةً ، وحديــداً ؛ ولَـسوفَ يكونُ الظُّهرُ – كما كان الليلُ – شـــــديداً
                                                                    يبدو أنكَ تعرفُ هذا من زمنٍ ! أ لهذا كانت دعوتُكَ اليومَ إلــى الحـــانـــةِ ؟
                                                                    أرجوكَ ، اســمَــعْـني ! أنا مثلكَ ، أرتاحُ إلى البــارِ الإيــرلنـــديِّ
                                                                    ومثلكَ ، لا أعرفُ أن أتوقّفَ ... مثل قطارات تروتسكي في ثورة أكتوبــــرَ ،
                                                                    كم قلتُ لكَ : انتبـــه ! الدنيا ما عادت تُـقـرأُ مثلَ الكَــفِّ …
                                                                    ولكنكَ ، ما زلتَ المأخوذَ بما أتوهَّـمُ أنكَ لم تَعُدِ المأخوذَ بــه :
                                                                    مثلاً ، بعراقٍ مركونٍ في زاويةٍ من ميثولوجيا وشيوعييــنَ !
                                                                    إذاً سأصدِّقُ : لســــتَ المتصــــــوِّفَ
                                                                    لستَ السّــــــــــــريالـيَّ
                                                                    ولستَ النادمَ عـمّـا أحببــتَ :
                                                                    النخلَ ، ورايتَكَ الحمراء …