صديقي الوطن - حسن شهاب الدين

يباغتُني في وجوهٍ عديده
ويرقبُني في زوايا القصيده
ويأتي ولم يأتِ يشعلُ حولي
طقوسَ هوى وقلوباً شهيده
ويسكنُني دمعةً دمعةً
فأسكنُه في جراحٍ جديده
ونختصرُ الصمتَ مابيننا
فتوغلُ فيَّ الحروفُ الشريده
ويتركُني بعدَها مُستباحًا
كنافذةٍ في سماءٍ وحيده
****
صديقي الذي يعشقُ الأغنياتِ
ويحيا الأساطيرَ وَهْيَ وليده
بسيطٌ مُضِيءٌ كصوفيَّةٍ
رماها الجوى في الغيوبِ البعيده
له وقتُ عُصفورةٍ شردتْ
وراءَ طفولةِ ماءٍ فقيده
قناديلُ صفصافِه مشعلاتٌ
بزِيْتِ النبوءاتِ ترسمُ بيده
ويدخلُه الموتُ أنَّى يشاءُ
ويخرجُ بعد اكتمالِ العقيده
يدٌ منه ترسمُ فوضى الغيومِ
وأخرى تلُمُّ النجومَ البديده
وعيناه تشعلُ لونَ النهارِ
وتأوي إليها الشموسُ الطريده
صديقي اسْتَرحْ ذاك مقعدُ قلبي
فحُطَّ عليه خطاكَ الوئيده
****
هل انفرطَ الوقتُ هل سافرتْ
إليك المسافاتُ.. تلك العنيده
وهل أنتَ في الغيمِ سرُّ الهطولِ
وهل أرَّقتْكَ القلوبُ المُريده
بياقوتةٍ مِنْ دَمِ المعجزاتِ
يدخلُكَ المجدُ أرضاً مجيده
تُظِلُّكَ كلُّ التواريخِ لُغزاً
وكلُّ قصورِ اللغاتِ المشيده
أيا وطناً مِنْ جراحِ النبيين (م)
مِنْ أدمعِ الشهداءِ السعيده
أراكَ كما أنتَ شيخاً جليلاً
عليكَ عباءةُ وَحْيٍ مديده
على حجرٍ فيكَ يغفو الخلودُ
وفي نهرِكِ القُدْسِ يُسكنُ غِيده
رمالُكَ مجمرةٌ والدروبُ
خُطى طفلةٍ لثغةٍ في جريده
وخضرةُ عينيكَ لا تستفيقُ (م)
النهاراتُ فيها فتخبو زهيده
كما أنتَ.. موطنُ كلِّ البلادِ
ولا موطنٌ لكَ حتى تريده
كأنَّكَ قُطـْبٌ لهذا المدارِ
إذا ما تعبتَ سكنتَ وريده
***
لك المجدُ والقصصُ البالياتُ
ولي فيكَ هذي المنافي العديده
زمانُكَ لا أنتَ تحيا به
ولا هوَ يأتي غداً كي تعيده
وها أنتَ وحدَكَ تتلو علينا
ونتلو عليكَ الحكايا الأبيده
إذا شاعرٌ أنَّ في الريحِ تمضي
وصرختُكَ البكرُ تعلو نشيده
فهل فيكَ مُتَّسعٌ للجراحِ
فأقنصَ دهشةَ موتٍ جديده
وما شاعراً كنتُ لكنَّما
أضأتُ دَمِي في زوايا القصيده