البنفسج يرفضُ الذبول - جمال مرسي
للزُّهورِ التِي نَبَتَت فِي حِياضِ فُؤادِيَ ،
                                                                    للنَّرجِسِ الجَبَليِّ ،
                                                                    لعُصفُورةٍ صَدَحَت فَوقَ أَغصَانِ عُمريَ
                                                                    رَقَّ لها الفجرُ..
                                                                    فانتَصَبَت شَمسُ يَومٍ جدِيدٍِ
                                                                    و هبَّت نَسائمُ هادِئةٌ مِن صعِيدِ البلادِ
                                                                    بعطرٍ فرِيدٍ ..
                                                                    تماوَجَ بحرُكَ،
                                                                    قالَ البَنَفسَجُ لا تَقتُلونِي ،
                                                                    دعُونِي على شَجَرِ البَوحِ
                                                                    إنِّي سَئِمتُ الأَيَادِي تَخَاطَفُني ،
                                                                    تخنقُ العطرَ فِي زحمةِ الأَوجُهِ الكَالِحَهْ.
                                                                    في شَوارِعَ دَاسَت على حُلُمي ،
                                                                    لم تَدَع لِلقَطَا فُرصةً للهَدِيلِ
                                                                    تَذَكَّرتُ ما قالَ جدِّي و بَشَّت لهُ جدَّتي
                                                                    حينما كُنتُ أَمتَصُّ ثَديَ العُذُوبَةِ و الطُّهرِ
                                                                    كانَ يُحدِّثُنِي عَن بُطولاتِ أَجدَادِهِ
                                                                    و رُعونَةِ أَحفَادِهِ
                                                                    فبكيتُ ، و أُمِّي تُحاولُ أَن تُسكِتَ الطِّفلَ
                                                                    تُخرِجَهُ مِن أَساهُ
                                                                    بتعنيفِهِ تَارةً ، أَو بتدلِيلِهِ تَارةً .
                                                                    كَبُرَ الطِّفلُ أَصبحَ نِيلاً فُراتاً ،
                                                                    يُلازِمُهُ طَيفُ أُمٍّ و نُصحُ أَبٍ
                                                                    و طرائِفُ أَجدادِهِ الـ..كلَّما زَارَهُم فِي المقابِرِ
                                                                    يقرأُ " ي~س " و الفَاتِحَهْ .
                                                                    و يُزيُّنُ قبرَهُما بِالبَنَفسَجِ
                                                                    ثُمَّ يُولِّي إلى حيثُ تأخُذُهُ خُطُواتُ الإِباءِ
                                                                    يقولُ :
                                                                    سأُثبِتُ عكسَ الذي ظَنَّ أَجدَادِيَ البَارِحَهْ .
                                                                    يكبُرُ الحُلمُ
                                                                    يغدو كما روضَةٍ و البَنَفسَجُ فَارِسُهَا
                                                                    و هْوَ يصنعُ مِن حُلمِهِ مِشمِشاً
                                                                    و سَفَرجلَهْ .