مَهَاوِي اليَأْس - صلاح الدين الغزال
لَقَدْ صِرْنَا أَيَا أَبَتَاهُ هَمّاً
                                                                            ثَقِيلاً مِثْلَمَا كُنَّا صِغَارا
                                                                    تُمَزِّقُنَا رِيَاحُ الرَّسْفِ عَسْفاً
                                                                            فَتَوَّهْنَا فَيَافِينَا كِبَارا
                                                                    لِمَاذَا هَذِهِ الأَشْوَاكُ لاَقَتْ
                                                                            بِأَعْيُنِنَا أَصِيصَاً لَنْ يُبَارَى
                                                                    لِمَاذَا ضِدَّنَا التَّيَّارُ يَمْضِي
                                                                            وَذَا المَجْهُولُ يَرْكُلُنَا احْتِقَارا
                                                                    نَسُدُّ عَلَى طُبُولِ الحَرْبِ أُذْنَاً
                                                                            وَعِنْدَ البَطْشِ نَلْتَحِفُ الشَّنَارَا
                                                                    فَلاَ الآفَاقُ تَدْرِي أَيْنَ نَعْدُو
                                                                            وَلاَ هَذِي المَغَاوِرُ وَالصَّحَارَى
                                                                    نَجُرُّ إِلَى مَهَاوِي اليَأْسِ هَاماً
                                                                            كَأَنَّ بِهَا بِلاَ سُكْرٍ دُوَارَا
                                                                    تَرَنَّحَ كُلُّ شَيْءٍ نَلْتَقِيهِ
                                                                            عَلَى وَضَمٍ نُقَبِّلُهُ حَيَارَى
                                                                    نَعُدُّ نُجُومَ هَذَا الكَوْنِ ظُهْراً
                                                                            وَفِي الإِظْلاَمِ نَمْتَقِعُ انْتِظَارا
                                                                    لِفَجْرٍ سَوْفَ نَلْمَحُهُ قَرِيباً
                                                                            إِذَا جَوْفُ الثَّرَى مِنَّا اسْتَجَارا
                                                                    يُفَجِّرُ فِي بَقَايَانَا لَهِيباً
                                                                            وَيُوقِظُنَا عَلَى صَوْتِ العَذَارَى
                                                                    وَهُنَّ اللاَئِذَاتُ يُثِرْنَ نَقْعاً
                                                                            عَلَى مَضَضٍ وَلَكِنْ لَنْ يُثَارا
                                                                    وَخَيْلِي وَيْحَ خَيْلِي لَيْتَ نَسْفَاً
                                                                            يَشُدُّ أَزِمَّةً وَيُزِيحُ عَارا
                                                                    دِمَائِي يَوْمَ شُحِّ الغَوْثِ هَدْرٌ
                                                                            وَصَوْتِي خَلْفَ عَزْمِكُمُ تَوَارَى
                                                                    عَلَى أَعْتَابِ قِمَّتِكُمْ فَبُوءُوا
                                                                            بِعَارٍ لِلَّظَى اسْتَاقَ الدِّيَارَا
                                                                    فَصَارَ الدَّكُّ مَنْبَرَ كُلِّ رُكْنٍ
                                                                            وَكُلُّ الرُّكْنِ تَحْتَ الدَّكِّ صَارا