كِتَابُ الله - صلاح الدين الغزال
كِتَابُ اللهِ أَعْظَمُهَا كِتَابا
                                                                            بِهِ سُدْنَا وَلاَمَسْنَا السَّحَابَا
                                                                    وَخُضْنَا اليَمَّ فِي ذَاتِ الصَّوَارِي
                                                                            وَجَاوَزْنَا بِمَسْلَكِهِ العُبَابَا
                                                                    وِفِي (تَوْلُوزَ) أَوْدَعْنَا رِجَالاً
                                                                            رَوَوْا بِدِمَائِهِمْ تِلْكَ الهِضَابَا
                                                                    وَبِالتَّرْغِيبِ أَصْبَحْنَا حُمَاةً
                                                                            لِهَذَا الكَوْنِ مَنّاً وَاحْتِسَابَا
                                                                    وَأَهْدَيْنَا الشُّعُوبَ وَقَدْ تَدَاعَتْ
                                                                            عَلَى عِلاَّتِهَا تَطْوِي السَّرَابَا
                                                                    وَمِيضَ النُّورِ مِنْ غَيْرِ امْتِنَانٍ
                                                                            وَأَسْقَيْنَاهُمُ المِسْكَ المُذَابَا
                                                                    بِهَدْيِ نَبِيِّنَا وَالصَّحْبِ كُنَّا
                                                                            نَجُوبُ الأُفْقَ سَيحاً وَاغْتِرَابا
                                                                    وَلَمْ نُذْخِرْ لِخَوْضِ الحَرْبِ جُهْداً
                                                                            وَأَفْحَمْنَا الظَّلاَمَ فَمَا أَجَابَا
                                                                    وَأَحْصَيْنَا خُيُولَ الشِّرْكِ عَدّاً
                                                                            وَكَمْ نِلْنَا بَأَسْيُفِنَا الثَّوَابَا
                                                                    وَذلَّلْنَا لَهُمْ دُونَ اسْتِلاَبٍ
                                                                            لِنَدْحَرَ غَيَّهُمْ تِلْكَ الصِّعَابَا
                                                                    وَكُنَّا وَالحُضُورُ دَوِيَّ رِيحٍ
                                                                            وَصِرْنَا بَعْدَمَا اصْطَفَقَتْ غِيَابا
                                                                    وَأَصْبَحْنَا كَمَا كَانَتْ نُمَيْرٌ
                                                                            نَغُضُّ الطَّرْفَ كَعْباً أَوْ كِلاَبا
                                                                    نُرَاوِدُ كُلَّ ذِي شَرَفٍ مَصُونٍ
                                                                            وَمَا خِفْنَا عَلَى النَّفْسِ الحِسَابَا
                                                                    لَقَدْ تُهْنَا عَنِ الأَقْصَى وَتَاهَتْ
                                                                            مَسَالِكُنَا فَشَمَّرْنَا الثِّيَابَا
                                                                    وَأَعْفَيْنَا اللُحَى ظَنّاً بِأَنَّا
                                                                            وَبِالمِسْوَاكِ نَتَّبِعُ الصَّوَابَا
                                                                    وَصَارَ الشَّارِبُ المَحْفُوفُ نَهْجاً
                                                                            نُؤَنِّقُهُ لِذَا ازْدَدْنَا اغْتِرَابَا
                                                                    عَجِبْتُ عَلاَمَ لاَ يُبْدَى اكْتِرَاثٌ
                                                                            إِلاَمَ غَزَيَّةٌ تُحْنِي الرِّقَابَا
                                                                    أَلَمْ تُرْشَدْ فِإنْ غَوِيَتْ غَوَيْنَا
                                                                            وَبِالإِعْدَادِ نَمْتَشِقُ الحِرَابَا
                                                                    وَنَفْتَرِشُ السَّمَاءَ بِخَيْرِ مُزْنٍ
                                                                            لِنَجْعَلَ مَوْطِئَ القَدَمِ الرِّكَابَا