فِرَاخُ النُّسُور - صلاح الدين الغزال
(مهداة إلى أطفال الإيدز في بنغازي)
                                                                    أُرِيدُ رِثَاءً لِطِفْلِي الصَّغِيرِ
                                                                            يُخَفِّفُ عَنِّي هُمُومِي الضِّخَامْ
                                                                    وَيَمْسَحُ بِالشِّعْرِ عَنِّي الأَسَى
                                                                            وَيَقْشَعُ عَنْ مُقْلَتَيَّ الظَّلاَمْ
                                                                    فَقَدْ مَاتَ مِنْ وَخْزَةٍ فِي الوَرِيدِ
                                                                            تَفُلُّ الحَدِيدَ كَفِعْلِ الحُسَامْ
                                                                    وَلَيْسَ هُنَالِكَ ذَنْبٌ جَنَاهُ
                                                                            وَمَا جَاوَزَتْ سِنُّهُ غَيْرَ عَامْ
                                                                    أَتَانِي عَلَى كِبَرٍ بَعْدَمَا
                                                                            مَضَى العُمْرُ بالقَبْوِ تَحْتَ الرُّكَامْ
                                                                    وَكَانَ كَمِسْبَحَةٍ فِي يَدِي
                                                                            طَوَاهُ الرَّدَى دُونَ سِنِّ الفِطَامْ
                                                                    وَوَلَّى إِلَى حَيْثُ لاَ رَجْعَةٍ
                                                                            وَفِي ظُلْمَةِ اللَحْدِ دُونِي يَنَامْ
                                                                    فَصَارَ بِمَوْتِكَ بَيْتِي الرَّحِيبُ
                                                                            خَوَاءً بِرَغْمِ ازْدِحَامِ الأَنَامْ
                                                                    أَعَدْلاً تَمُوتُ وَأَنْتَ الغَرِيرُ
                                                                            وَيَهْنَأُ بِالمُوبِقَاتِ العِظَامْ
                                                                    لَقَدْ مَزَّقَ الحُزْنُ قَلْبِي الكَسِيرَ
                                                                            وَأَثْقَلَنِي بِالهُمُومِ الجِسَامْ
                                                                    بِإِحْدَى لَيَالِي الشِّتَاءِ الرَّتِيبِ
                                                                            أُصِيبَ بِرَشْحٍ شَبِيهِ الزُّكَامْ
                                                                    نَقَلْنَاهُ لَكِنْ إِلَى حَتْفِهِ
                                                                            فَقَدْ دُسَّ فِي الشَّهْدِ سُمٌّ زُؤَامْ
                                                                    تَسَاءَلْتُ وَهْوَ أَمَامِي أَرَاهُ
                                                                            يُكَابِدُ أَقْسَى صُنُوفَ السَّقَامْ
                                                                    لِمَاذَا تَمُوتُ فِرَاخُ النُّسُورِ
                                                                            وَخَسْفُ الرَّوَابِي عَلَيْهَا تُسَامْ
                                                                    أيُؤْذَى صَغِيرِي وَلَمْ يَقْتَرِفْ
                                                                            مِنَ الإِثْمِ شَيْئاً وَرَبِّي حَرَامْ
                                                                    دَعُونِي فَفَي دَاخِلِي حُرْقَةٌ
                                                                            فَهَلْ حِينَ أَذْرِفُ دَمْعِي أُلاَمْ
                                                                    عَلَى خَيْرِ طِفْلٍ حُبِيتُ بِهِ
                                                                            وَمَا كُنْتُ أَرْجُو لَهُ أَنْ يُضَامْ