العِشْقُ الأَسْوَد - صلاح الدين الغزال
إِنِّي أُحِسُّ بِأَنَّنِي
                                                                    دُمِّرْتُ نَفْسِياً
                                                                    وَأَنَّ جِسْمِي كَالحُطَامْ
                                                                    مَا أَبْشَعَ الغَدْرَ
                                                                    إِذَا مَا كَانَ مِنْ
                                                                    أَقْرَبِ إِنْسَانٍ إِلَيْنَا
                                                                    كَمْ تَمَنَّيْتُ بِأَنِّي مَا وُلِدْتُ
                                                                    أَوْ أَنَّنِي لَمْ أَطْرُقِ الحَسَرَاتِ
                                                                    أَوْ أَنِّي قُتِلْتُ
                                                                    صَارَ صُبْحِي مِثْلَ لَيْلِي
                                                                    وَجِرَاحِي فَوْقَ سَطْحِ السُّهْدِ
                                                                    يَنْكَؤُهَا الجَمِيعْ
                                                                    صَدْمَتِي أَكْبَرُ مِنْ هَذَا التَّدَاعِي
                                                                    وَحَيَاتِي بَعْدَهَا أَضْحَتْ
                                                                    جَحِيماً لاَ يُطَاقْ
                                                                    مَلَّنِي الحِبْرُ
                                                                    وَأَصْبَحْتُ عَلَى أَوَرَقِ مَأْسَاتِي
                                                                    دُمُوعاً أَنْزِفُ الآلاَمْ
                                                                    لاَ إِنْسَانَ يَسْمَعُنِي
                                                                    أُشَاكِيهِ بِمَا بِي مِنْ سَقَمْ
                                                                    كَمْ خُضْتُ قَبْلَ لِقَاءِ مَنْ أَهْوَى
                                                                    مَعَارِكَ وَانْتَصَرْتْ
                                                                    وَزَهِدْتُ فِي جَمْعِ الغَنَائِمْ
                                                                    وَاليَوْمَ قَدْ أَصْبَحْتُ فِيهَا مُضْغَةً
                                                                    لاَكَتْ مَوَاجِعَهَا الهَزَائِمْ
                                                                    غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ
                                                                    أَنِّي مِثْلَ شَمْشُونٍ سَأُسْحَقْ
                                                                    لَيْتَ سِرَّ القَوَّةِ المَشْؤُومِ
                                                                    مَا كَانَ بِشَعْرِي
                                                                    سَمَلُوا مِنْ أَجْلِ مَعْبَدِهُمْ
                                                                    عُيُوناً قَدْ رَأَيْتُهُمُ بِهَا
                                                                    وَتَوَاثَبَ الصَّفْعُ ..
                                                                    عَلَى وَجْهِي العَبُوسْ
                                                                    ثُّمَ قَادُونِي إِلَى مَحْجَرِهُمْ
                                                                    مُبْتَسِماً تَحْتَ الفُؤُوسْ
                                                                    ثُّمَّ دَاسُونِي عَلَى أَنْغَامِ
                                                                    رَقْصِهُمُ الهَزِيلْ
                                                                    كَبَّلُوا رِسْغِي
                                                                    وَجَرَّوْنِي إِلَى القَاعِ
                                                                    وَأَلْقُوا بِالأَمَانِي
                                                                    فِي خِضَمِّ الخَوْفِ
                                                                    لاَ إِنْسَانَ يَسْمَعُنِي
                                                                    وَأَسْقَوْنِي مِيَاهَ النَّارِ
                                                                    حَتَّى يُخْمِدُوا شَجْوِي
                                                                    وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِنْ مَثَّلُوا
                                                                    يَوْماً بِذَاتِي
                                                                    وَأَذَابُونِي بِحُمْضِ المُكْرَهَاتِ
                                                                    سَوْفَ أَغْدُو مِثْلَهُمْ
                                                                    فِي مَعْبَدِ الخَوْفِ ذَلِيلاً
                                                                    إِنِّي بِرَغْمِ الجُرْحِ وَالأَلَمِ المَقِيتْ
                                                                    وَحْدِي سَأَبْقَى صَامِداً كَالطُّودْ
                                                                    لاَ أَخْشَى سِوَاهُنَّ
                                                                    وَلَنْ أَبْنِي وَإِنْ عَمَّ الأَذَى
                                                                    وَاجْتَثَّ أَحْلاَمِي القُنُوطْ
                                                                    فِي رِحَابِ الشَّرِّ قَهْراً
                                                                    ذَاتَ يَوْمٍ مَعْبَداً
                                                                    يَرْتَادُ مَبْكَاهُ اليَهُودْ