وَادِي المَوْت - صلاح الدين الغزال
مَازِلْتُ أَذْكُرُ ذَلِكَ الدَّرْبَ الطَّوِيلْ
                                                                    وَأَنَا أَتِيهُ مَعَ السَّرَابْ
                                                                    لاَ خِلَّ يَسْمَعُنِي
                                                                    وَقَدْ أَعْيَتْ مَوَاوِيلِي الصِّعَابْ
                                                                    مُتَقَلِّباً فَوْقَ الهَجِيرْ
                                                                    وَحْدِي بِلاَ سَنَدٍ
                                                                    عَلَى شَوْكِ المُعَانَاةِ أَسِيرْ
                                                                    يَوْمٌ عَصِيبٌ ..
                                                                    مَرَّ مِنْ عُمْرِي سُدَىً
                                                                    لاَ جَفْنَ فِي الأَغْوَارِ يُرْجَى
                                                                    بَعْدَ كَدٍّ أَوْ وَسَنْ
                                                                    وَأَخٌ يَفُرُّ بِجِلْدِهِ
                                                                    وَالصَّابِئُونْ ..
                                                                    هُنَاكَ مُذْ زَمَنٍ بَعِيدْ
                                                                    قَدْ غَوَّرُوا آبَارَ بَدْرٍ بِالوَعِيدْ
                                                                    لَوْ كُنْتَ يَا ابْنَ أَبِي القَتِيلْ
                                                                    لَمَلأْتُ وَادِي المَوْتِ خَيْلاً
                                                                    لاَ يُضَاهِيهَا مَثِيلْ
                                                                    أَتَفُرُّ عَنِّي وَالقِتَالْ ..
                                                                    رَغْمَ الخُيُولِ البُلْقِ
                                                                    وَالآجَالُ تَعْنُو لِلْحُتُوفْ
                                                                    لَمْ يَحْتَدِمْ بَعْدُ
                                                                    وَحَرْبِي لَمْ تُلَقِّحْهَا السِّيُوفْ
                                                                    سَأَسِيرُ نَحْوَهُمُ بِلاَ رَأْسٍ
                                                                    عَلَى أَشْلاَءِ قَوْمِي
                                                                    إِمَّا ظَفِرْتُ بِجُرْعَةٍ
                                                                    أَوْ أَنْتَهِي عِنْدَ القَلِيبْ
                                                                    حَتَّى أَبَرَّ ..
                                                                    أَمَامَ جَحْفَلِهُمْ يَمِينِي
                                                                    بِرَغْمِ نَعْتِي بِالجَهَالَهْ
                                                                    وَهَلْ تُرَى ..
                                                                    إِنْ عُدْتَ مِنْ دُونِي
                                                                    سَتَعْذُرُكَ الثَّكَالَى
                                                                    إِنِّي بِرَغْمِ العَجْزِ وَالإِحْبَاطْ
                                                                    مَا كُنْتُ أَخْشَى السَّيْرَ
                                                                    وَحْدِي فِي المَجَاهِلْ
                                                                    فَاظْفِرْ بِنَفْسِكَ وَلْتَدَعْ
                                                                    جَسَدِي المُكَابِرْ
                                                                    يَجْتَازُ دَرْبَ الخَوْفِ
                                                                    بَحْثاً عَنْ ظَفَرْ
                                                                    لَكِنْ حَذَارِ أَنْ تَقُولْ
                                                                    إِنِّي فَرَرْتُ ..
                                                                    لِكَي أَجِيئَكَ بِالمَدَدْ
                                                                    سَيَّانِ عِنْدِي أَنْ تَعُودْ
                                                                    أَوْ لاَ تَعُودْ
                                                                    إَنْ كُنْتُ فِي الوَادِي
                                                                    سَيَقْتُلُنِي الكَبَدْ