عَبَاءَةُ الجَمْر - صلاح الدين الغزال
عِشْرُونَ عَاماً مَلَفِّي حَامِلاً عَبَثاً
                                                                            أَسْعَى بِلاَ أَمَلٍ مِنْ أَجْلِ تَعْيِينِي
                                                                    لاَ زَادَ يَسْنُدُنِي مِمَّا أُكَابِدُهُ
                                                                            أَطْوِي المَدَى ظَمِئاً وَالبِيدُ تُقْصِينِي
                                                                    مُمَزَّقَ الجِسْمِ مَنْهُوكَ الخُطَى وَجِلاً
                                                                            لاَ إِنْسَ يَسْمَعُنِي أَوْ ظِلَّ يَأْوِينِي
                                                                    حَتَّى بَلَغْتُ زَعِيمَ الجَانِ مُعْتَقِداً
                                                                            أنِّي سَأَبْلُغُ شَيْطَاناً مِنَ الطِّينِ
                                                                    وَكَانَ كَالمَوْتِ فِي الجَدْبَاءِ مُلْتَحِفاً
                                                                            عَبَاءَةَ الجَمْرِ مَدْسُوساً عَلَى الدِّينِ
                                                                    فَأَوْصَدُوا بَابَهُ دُونِي وَمَا عَلِمُوا
                                                                            أَنِّي عَلَى اللهِ رِزْقِي وَهْوَ يَكْفِينِي
                                                                    قَدْ هَدَّنِي الجُوعُ وَالإِنْهَاكُ لاَئِمَتِي
                                                                            وَاسْتَلَّنِي السُّهْدُ حَتَّى كَادَ يُرْدِينِي
                                                                    لاَ دَخْلَ يَعْرِفُ لِي بَاباً فَيَطْرُقَهُ
                                                                            وَلاَ حَلِيفَ مِدَادٍ سَائِدَ الجِينِ
                                                                    جَأَرْتُ خَوْفاً لَدَى الإِزْهَاقِ مُرْتَجِفاً
                                                                            وَمَنْ سِوَى اللهِ إِنْ نَادَيْتُ يُنْجِينِي
                                                                    سِيَّانِ عِنْدِي حَيَاةٌ دُونَمَا عَمَلٍ
                                                                            وَالمَوْتُ فَتْكاً بِبُطْءٍ دُونَمَا لِينِ
                                                                    ضَرْبٌ مِنَ العَظْمِ قَدْ أَوْهَمْتُ أَعْيُنَهُمْ
                                                                            لَمَّا اقْتَفَوْا مَأْتَمِي شُعْثاً لِتَأْبِينِي
                                                                    قَدْ عِشْتُ بَيْنَهُمُ لاَ ثَوْبَ يَسْتُرُنِي
                                                                            وَبَعْدَ مَوْتِي أَتَوْا رَكْضاً لِتَكْفِينِي
                                                                    رَبَّاهُ أَدْعُوكَ أَنْ تَجْتَثَّهُمْ زُمَراً
                                                                            مَنْ بِالأَسَى سَحَلُوا رُوحِي وَتُحْيِينِي