حَائِطُ الشَّجَا - صلاح الدين الغزال
مَالَتْ تُمَزِّقُ فَوْقَ النَّعْشِ أَكْفَانِي
                                                                            مِنْ فَرْطِ مَا اقْتَرَفَ الآسِي بِجُثْمَانِي
                                                                    تَرْجُو انْبِعَاثِي وَمَا لِي غَيْرُ حُرْقَتِهَا
                                                                            نَفْسِي وَقَدْ أَوْعَدَ الإِلْحَادُ أَدْيَانِي
                                                                    أَجَبْتُ ثَوْبُ الأَسَى فِي المَهْدِ جلَّلَنِي
                                                                            والسَّيْرُ بَيْنَ ثَنَايَا الجَمْرِ أَضْنَانِي
                                                                    جُرِّعْتُ كَأْسَ الشَّجَا مِمَّنْ أُنَادِمُهُمْ
                                                                            وَالنَّحْتُ عِنْدَ جِدارِ اللَحْدِ أَدْمَانِي
                                                                    طَرَقْتُ أَبْوَابَ مَنْ عَاثُوا بِنَسْمَتِنَا
                                                                            وَخُضْتُ حَرْباً ضَرُوساً دُونَ فُرْسَانِ
                                                                    فَمَا وَجَدْتُ لِنَيْلِ الثَّأْرِ خَاصِرَةً
                                                                            تُزِيحُ عَنْ كَاهِلِي المَنْهُوكِ أَحْزَانِي
                                                                    سَوَاحِلُ الضَّيْمِ أَدْنَتْنِي مَرَافِئُهَا
                                                                            وَاسْتَقْبَحَ الرَّسْفُ فِي الأَغْلاَلِ إِذْعَانِي
                                                                    أَنَا الأَبِيُّ سَلِيلُ المَجْدِ آلَمَنِي
                                                                            فُقْدَانُ حَتْفِي وَمَكْثُ الرُّوحِ أَشْقَانِي
                                                                    أَرَى الحَيَاةَ بِلاَ مَعْنَىً مُذِ انْفَرَطَتْ
                                                                            قُيُودُ عَزْلِي وَسَيرُ الجَلْدِ أَقْصَانِي
                                                                    أَرَقْتُ جَفْنِي عَلَى دَمْعٍ أُلاَزِمُهُ
                                                                            قَدْ ظَنَّهُ النَّاسُ بَحْراً دُونَ شُطْآنِ
                                                                    وَخُضْتُ حَرْباً عَلَى طَيْفٍ أُنَازِعُهُ
                                                                            نَبْذَ الهَوَانِ وَلَكِنْ حَالَ إِيمَانِي
                                                                    عَنْ وَضْعِ حَدٍّ لِعَيْشٍ بِتُّ أَمْقُتُهُ
                                                                            وَزَجْرِ ضَيْمٍ ثَوَى يَمْتَاحُ أَشْجَانِي
                                                                    أَبْدَيْتُ جُرْحِي إِلَى الآسِي أُسَائِلُهُ
                                                                            مِنْ فَرْطِ غَيْظِي لِمَ التَّمْثِيلُ بِالفَانِي
                                                                    أَنَا الشَّقِيُّ رَدِيفُ النَّزْفِ أَرَّقَنِي
                                                                            زَمُّ العِنَانِ وَعُسْرُ الحَالِ أَعْيَانِي
                                                                    أَرَدْتُ ثَلْمَ وَمِيضٍ لِلنَّفَاذِ بِهِ
                                                                            فَالْتَاعَ زَنْدِي وَسَيْفُ الوَيْلِ أَرْدَانِي
                                                                    فَصَارَ جِسْمِي عَدِيمَ الحِسِّ وَانْدَلَعَتْ
                                                                            نِيرَانُ شَجْوِي وَمَجَّ الدَّمْعُ أَجْفَانِي
                                                                    حَتَّى انْتَهَيْتُ بِلاَ حَتْفٍ وَمَزَّقَنِي
                                                                            يَأْسِي وَفَوْقَ جَحِيمِ المَوْتِ أَحْيَانِي