احْتِدَامُ الجَذْوَتَيْن - صلاح الدين الغزال
وَتَحَسَّسَتْ كَفِّي الجِرَاحْ
                                                                    يَا لَلْغُؤُورْ !!
                                                                    أَكُلُّ هَذَا فِيّ
                                                                    وَمَازِلْتُ ..
                                                                    كَمَا قَدْ كَانَ
                                                                    يَعْهَدُنِي الجَمِيعْ
                                                                    الصَّبْرُ أَفْيُونِي
                                                                    كَأَنِّي لِلْجَزِيرَةِ
                                                                    خِدْنُ مَرْوَانٍ
                                                                    وَهَذَا الحُزْنُ جَيْشُ
                                                                    الهَاشِمِيِّينَ البَوَاسِلْ
                                                                    وَهُنَاكَ زَابٌ
                                                                    غَيْرُ هَاتِيكَ
                                                                    الَّتِي كَانَتْ
                                                                    وَلَكِنْ لاَ تَزَالْ
                                                                    مَعَارِكِي تَحْتَاجُنِي
                                                                    وَأَنَا السَّبِيلُ ..
                                                                    لِمِلْءِ هَذَا السَّأْمِ
                                                                    بِالوَقْتِ المُطَارَدْ
                                                                    فَأَتِيهُ فِي جُرْحِي
                                                                    وَأَسْتَلْقِي عَلَى تَرَحِي
                                                                    مَعَ السَّكَرَاتِ
                                                                    مُرْتَشِفاً ..
                                                                    جَوَى الأَشْجَانْ
                                                                    .. وَفَوْقَ ذُرَاهُ أَبْنِي
                                                                    خَيْمَةَ الأَحْزَانْ
                                                                    مَأْسُوفاً عَلَيَّ
                                                                    وَجِدَّ آسٍ
                                                                    ثُمَّ أَرْهَنُ ..
                                                                    عِنْدَ ضِيقِ الوَقْتِ
                                                                    قَبْلَ مُرُورِهِ
                                                                    سَرْجِي وَمِحْبَرَتِي
                                                                    وَحَقْلَ الأُمْنِيَاتْ
                                                                    فَهَلْ سَيَغُضُّ
                                                                    عَنِّي الطَّرْفَ ثَانِيَةً
                                                                    بُعَيْدَ السَّبْرِ لِلأَغْوَارْ
                                                                    .. أَخْشَى عَلَى أَهْلِي
                                                                    وَنَبْشَ قُبُورِهِمْ بَعْدَ الهَزِيمَهْ
                                                                    أَخْشَى عَلَى الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ
                                                                    حَمْلَهُمْ مَا لاَ يُطَاقْ
                                                                    أَخْشَى عَلَى نَخْلِ العِرَاقْ
                                                                    أَخْشَى عَلَى حُلُمِي ..
                                                                    بِلَمِّ الشَّمْلِ
                                                                    إنْ مَرَّتْ لِوَأْدِ النَّوْمِ
                                                                    عِنْدَ تَسَدُّلِ الأَجْفَانِ
                                                                    عَنْ عَيْنَيْهِ ..
                                                                    مُفْزِعَةً لِغَفْوَتِهِ
                                                                    بِكَابُوسِ الشِّقَاقْ
                                                                    أَخْشَى عَلَى بَلَلِ الجِدَارْ
                                                                    أَخْشَى عَلَى مَخْدَعِنَا العَرَبِيِّ
                                                                    مِنْ زَحْفِ التَّتَارْ
                                                                    إِذْ لَمْ يَعُدْ قُطُزٌ هُنَالِكَ
                                                                    يَشْرَئِبُّ إِلَى الشِّجَارْ
                                                                    وَلِمَ التَّزَحْلُقُ
                                                                    حَيْثُ لاَ ثَلْجَ سَيَصْمُدُ
                                                                    رَغْمَ قُرْبِ الخَافِقَيْنْ
                                                                    شِتَاؤُنَا الصَّيْفِيُّ
                                                                    أَرْهَقَهُ الخَرِيفْ
                                                                    وَلاَ رَبِيعَ فِي الجِوَارْ
                                                                    الزَّهْرُ لَمْ نَشْتَمَّهُ
                                                                    إلاَّ لَدَى الشُّعَرَاءِ
                                                                    فِي نَزْفِ القَصَائِدْ
                                                                    حَيْثُ لاَ الآسُ ..
                                                                    وَلاَ النَّيْلُوفَرُ الوَسْنَانْ
                                                                    قَدْ عَبِقَا ..
                                                                    بِبُسْتَانِ ابْنِ زَيْدُونٍ
                                                                    وَلاَ وَلاَّدَةَ اليَوْمَ
                                                                    بِأَنْدَلُسِ الطَّوَائِفْ
                                                                    سَوْفَ تُذْكِي بِالتَّبَارِيحِ
                                                                    سِرَاجَ الشِّعْرْ
                                                                    إِذْ قَدْ صُودِرَتْ ..
                                                                    عِنْدَ احْتِدَامِ الجَذْوَتَيْنْ
                                                                    كُلُّ القَوَافِي
                                                                    وَتَنَاثَرَتْ فَوْقَ البُحُورِ
                                                                    بِحُجَّةِ الإِقْوَاءْ
                                                                    شُطْآنُ تَفْعِيلاَتِهَا
                                                                    الغُرُّ الفَرَائِدْ
                                                                    قَبْلَ انْبِلاَجِ ..
                                                                    الشَّمْسِ بِالأَوْزَانْ
                                                                    فَانْتَحَرَتْ عَلَى الأَسْتَارِ
                                                                    عِنْدَ الكَعْبَةِ
                                                                    مِمَّا رَأَتْهُ
                                                                    مُلْصَقَاتُ العَرَبِ السَّبْعُ
                                                                    كَمَا افْتُرِشَتْ ..
                                                                    لِكَيْ يَعْبُرَ هُولاَكُو
                                                                    ضِفَافَ النَّهْرِ صَاغِرَةً
                                                                    وَنُكِّسَتِ المَحَابِرُ
                                                                    مِثْلَمَا الرَّايَاتِ ثَانِيَةً
                                                                    وَدُنِّسَتِ المَنَادِيلُ
                                                                    الَّتِي تَحْوِي
                                                                    عَلَى جَنَبَاتِهَا الغَرَّاءْ
                                                                    .. دِمَاءُ بَكَارَةِ النَّخَوَاتْ
                                                                    عِنْدَ سُجُوفِ سُوقِ عُكَاظْ
                                                                    وَفَوْقَ خَزَازَ هَائِمَةً
                                                                    إِلَى المَشْجَى بِلاَ قَائِدْ
                                                                    مِنَ الحَنَقِ
                                                                    عَلَى أَعْقَابِهَا ذُلاًّ
                                                                    وَحُوِّرَتِ الرُّؤَى غَبْناً
                                                                    وَلَمْ تَأَلُ ..
                                                                    وَمُزِّقَتِ القَصَائِدْ