هذه الأرض لي - يوسف الخال
هذه الأرض لي وهذا الفضاءُ
                                                                    ما تُرَاني ملكتُ ما لا أَشاءُ :
                                                                    ثروةٌ ، يا نعمّها ، كم تفادى
                                                                    وقضى في ادّخارها الآباءُ ،
                                                                    سمّروا كلَّ مطرحٍ بالضحايا ،
                                                                    والضحايا على المدى أَحياءُ
                                                                    وأَرادوهُ أَن يظلَّ ، فخاب
                                                                    المحتوى دونه ، وخاب العفاءُ
                                                                    وتحدّى مواكباً كفَّن النورَ
                                                                    لواها ، وكلُّ فتحٍ لواءُ .
                                                                    ..
                                                                    هذه الأَرض لي ، لدى كلِّ ظلٍّ
                                                                    في حماها خميلة وسماءُ .
                                                                    حفنة من ترابها كانت الدنيا ،
                                                                    وكان الهدى ، وكان الضياءُ :
                                                                    ما لشرقٍ لولا شفاعة لبنانَ
                                                                    خلاصٌ ولا لغربٍ فداءُ ،
                                                                    حضن النور وحده وتبنَّى
                                                                    من روت عن مجيئه الأَنبياءُ .
                                                                    ..
                                                                    هذه الأرض لي ، دَرَجْتُ عليها
                                                                    وعليها سيدرُجُ الأَبناءُ :
                                                                    ما أَنا ، إِن هجرتها ، غير طيفٍ
                                                                    أَنكرته ، في وصفه ، الأَسماءُ
                                                                    وسؤالٍ ضاع الجواب عليه ،
                                                                    مثلما ضاع في الدجى إِيماءُ .
                                                                    رُبَّ يومٍ بها ، على نكدِ العيش ،
                                                                    نعيمٌ أَقلّ منه الرجاءُ .
                                                                    ..
                                                                    هذه الأَرضُ لي ، وكانت شراعاً
                                                                    وستبقى ، فما لحقٍّ فناءُ :
                                                                    تردُ النورَ حيثما يُورَد النور
                                                                    سخياً فتشرق الصحراءُ.
                                                                    وغداً ، شأْنها يعود ، فتُعطي
                                                                    إنما الحرُ شأْنُه الإعطاءُ :
                                                                    فإذا كلُّ فكرةٍ قبسٌ منها ،
                                                                    وكلُّ اختلاجةٍ إِيحاءُ .
                                                                    هذه الأرض لي ، ومن كان مثلي ،
                                                                    هل له غيرها منىً ودعاءُ ؟
                                                                    أَنا منها ، وطالما هي منّي ،
                                                                    فلتكن ما أَشاءُ لا ما يُشاءُ.