فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ - خليل مطران
فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ
                                                                            بِتْ قَرِيراً يَا أبَا الطَّبِّ
                                                                    يَا رَئِيسَ القَصْرِ مِنْ قِدَمٍ
                                                                            وَأُسَاةِ العَصْرِ فِي العَقْبِ
                                                                    جَلَّ رُزْءُ القِطْرِ أَجْمَعِهِ
                                                                            فِيكَ مِنْ عَلاَّمَةٍ قُطْبِ
                                                                    مِنْ سَدِيدِ الرَّأْيِ مُبْرَمِهِ
                                                                            مُحْكَمِ الإِيجَابِ وَالسَّلْبِ
                                                                    مَنْ صَحِيحِ المجدِ صَادِقِهِ
                                                                            حِينَ يُشْرَى المَجْدُ بِالكذْبِ
                                                                    مِنْ بَعِيْدِ الهَمِّ مُشْتَغِلٍ
                                                                            في انْصِدَاعِ الشَّمْلِ بِالرَّأْبِ
                                                                    لَيْسَ بِالْوَقَّافِ مُخْتَبِلاً
                                                                            بَيْنَ دَفْتِ الفِكْرِ وَالجَذْبِ
                                                                    ذَبَّ عَنْ حَقِّ البِلاَدِ بِمَا
                                                                            في حُدُودِ العِلْمِ مِنْ ذَبِّ
                                                                    إذْ رَآهَا وَالشُّعُوبُ شَأَتْ
                                                                            لَمْ تَزَلْ فِي أَوَّلِ الدَّرْب
                                                                    ورِضَاهَا السِّلْمُ اَشْبَهُ مَا
                                                                            كَانَ فِي عُقْبَاهُ بِالحَرْبِ
                                                                    فَبِجِدٍّ هَبَّ يَرْجِعُ مِنْ
                                                                            شَأْنِهَا مَا ضَاعَ بِاللَّعْبِ
                                                                    وبِمَا أبْلَى لِنُصْرَتِها
                                                                            عُدَّ فِي أَبْطَالِهَا الغُلْبِ
                                                                    فِي سَبِيلِ اللهِ مُرْتَحِلٌ
                                                                            شَقَّ عَنْهُ مُظْلِمَ الحُجْبِ
                                                                    عُمْرُهُ وَالمَالُ قَدْ بُذِلاَ
                                                                            قُرْبَةً فِ خِدْمَةِ الشَّعْبِ
                                                                    إِنَّ مِصْراً إذْ نَعَوْهُ لَهَا
                                                                            وَجَمَتْ مِنْ شِدَّةِ الخَطْبِ
                                                                    وَأَجَلَّ ألْفَاقِدُوهُ بِهَا
                                                                            قَدْرَهُ عَنْ سَاكِبِ الغَرْبِ
                                                                    هَلْ دُمُوعُ العَيْنِ مُغْنِيَةٌ
                                                                            في العُلَى مِنْ هَابِطِ الشُّهْبِ
                                                                    حَقُّهُ الذِّكْرَى تُخَلِّدُهُ
                                                                            بِجَمِيلِ القَوْلِ لاَ النَّحْبِ
                                                                    وَمَعَانٍ يَسْتَدِيمُ بِهَا
                                                                            وَجْهُ حَيٍّ مُنْقَضِي النَّحْبِ
                                                                    مِنْ عَلٍ أشْرِفْ وَبَشَّ إلى
                                                                            هَؤُلاَءِ الآلَ وَالصَّحْبِ
                                                                    هَلْ بِلاَ وُلْدٍ يَعِزُّ بِهِمْ
                                                                            مَنْ لَهُ وُلْدٌ بِلاَ حَسْبِ
                                                                    مَنْ يُرَبِّي كَالأَفَاضِلِ مِنْ
                                                                            هَؤُلاَءِ الصَّفْوَةِ النُّجْبِ
                                                                    تَتَبَنَّاهُمْ لَهُ نِعَمٌ
                                                                            وَاصِلاَتُ الحُقْبِ بِالْحُقْبِ
                                                                    قَطَرَاتٌ مِنْ نَدَى هِمَهمٍ
                                                                            مُثْمِرَاتٌ كَنَدَى السُّحْبِ
                                                                    أرَأيْتَ البِرَّ يَجْمَعُهُمْ
                                                                            هَهُنَا جَنْباً إلى جَنْبِ
                                                                    كَانَ عِيسَى فِي مَوَدَّتِهِ
                                                                            وَاحِداً في البُعْدِ والْقُرْبِ
                                                                    عَزْمُهُ مِنْ عُنْصُرٍ مَرِنٍ
                                                                            خُلْقُهُ مِنْ جَوْهَرٍ صُلْبِ
                                                                    قَوْلُهُ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ
                                                                            طَيِّبٌ كَالمَورِدِ العَذْبِ
                                                                    رَأْيُهُ فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ
                                                                            قَاطِعٌ كَالصَّارِمِ العَضْبِ
                                                                    جُودُهُ شَافٍ أَعَادَ بِهِ
                                                                            مَجْدَ مِصْرٍ عَاليَ الكَعْبِ
                                                                    جَاءَ فِيهِ بِدْعَةً غَصَبَتْ
                                                                            كُلَّ حَمْدٍ أَيَّمَا غَصْبِ
                                                                    والمَعَانِي قَدْ تَكُونُ لَها
                                                                            كَالْغَوَانِي رَوْعَةٌ تَسْبِي
                                                                    لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْقِ وَاحَرَبَا
                                                                            كَرَمٌ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ
                                                                    فَبِحَمْدِي الْيَوْمَ صَارَ لَنَا
                                                                            مَوْقِفٌ فِي جَانِبِ الغَرْبِ
                                                                    حَبَّذَا أنْبَاءُ مِنْحَتِهِ
                                                                            قُلْ وَكَرِّرْ أَيُّهَا المُنْبِي
                                                                    عَلَّ فِي مُثْرِي مَوَاطِنِنَا
                                                                            مَنْ ضِخَامِ الرَّيْعِ وَالْكَسْبِ
                                                                    مَنْ إذَا دَاعِي الوَلاَءِ دَعَا
                                                                            قَالَ إحْسَاسٌ لَهُ لَبِّ
                                                                    هَلْ يُفِيدُ الخِصْبُ فِي بَلَدٍ
                                                                            وَقُلُوبُ القَوْمِ فِي جَدْبِ
                                                                    أَلثَّرَاءُ المُسْتَعَزُّ بِهِ
                                                                            كَنْزُهُ فِي العَقْلِ لاَ التُّرْبِ
                                                                    مِصْرُ يَا أُسْتَاذُ تَذْكُرُ مَا
                                                                            جِئْتَ بِالإِعْجَابِ وَالْعُجْبِ
                                                                    كُلَّمَا مَرَّ الزَّمَانُ بِهِ
                                                                            فَهْوَ فِي إجْلاَلِها مُربِي
                                                                    كَانَ عِيسَى صَبَّ حِرْفَتِهِ
                                                                            يَفْتَدِيهَا فِدْيَةَ الصَّبِّ
                                                                    وَُرَجِّي أنْ يُعِيدَ لَهَا
                                                                            شَأْنَهَا فِي دَوْلَةِ العُرْبِ
                                                                    فَانْبَرَى لِلْكُتْبِ يُخْرِجُهَا
                                                                            آيَ تَعْلِيمٍ بِلاَ كُتْبِ
                                                                    وَأَفَادَ النَّاسَ غَايَةَ مَا
                                                                            فِي اقْتِدَارِ النَّاصِحِ الطَّبِّ
                                                                    فَهُوَ الآسِي لِذِي سَقَمٍ
                                                                            وَالمُوَاسِي لِأَخِي الكَرْبِ
                                                                    تَحْتَ آدَابِ الحَكِيمِ طَوَى
                                                                            مَكْرُمَاتِ السَّيِّدِ النَّدْبِ
                                                                    كَانَ فِي كُلِّ الشُّؤُونِ يَرَى
                                                                            كَيْفَ يَرْقَى الْأَوَْ ذُو الدَّأْبِ
                                                                    فَازَ قِدْماً مَنْ لَهُ نَظَرٌ
                                                                            قَبْلَ بَدْءِ الأَمْرِ فِي الغِبِّ
                                                                    فَإذَا ما سَارَ سِيرَتَهُ
                                                                            لَمْ يَجِدْ صَعْباً مِنَ الصّعْبِ
                                                                    كَانَ لاَ يُعْطِي الحَيَاةَ سِوَى
                                                                            قَدْرِ مَا يُعْطِي أَخُو اللُّبِّ
                                                                    نِضْوُ خُبْرٍ لَيْسَ يَفْتِنُهُ
                                                                            زُخْرُفُ الدُّنْيَا وَلاَ يُصْبِي
                                                                    يَجِدُ الحُسْنَى بِلاَ جَذَلٍ
                                                                            وَيَرَى السُّوأَى بِلاَ عَتْبِ
                                                                    فِيهِ حُبُّ النَّاسِ أَخْلَصَهُ
                                                                            طَبْعُهُ الصَّافِي مَنَ الخِبِ
                                                                    جَاءَهُمْ مِنْهُ بِأبْدَعَ مَا
                                                                            ضُمِّنَتْهُ آيَةُ الحُبِّ
                                                                    خَيْرُ مَا يَأْتِي الذَكَاءُ بِهِ
                                                                            هُوَ مَا يَأْتِي مِنَ الْقَلْبِ
                                                                    ذَاكَ بَعْضُ الحَقِّ فِيهِ وَلَوْ
                                                                            طَالَ وَقْتِي لَمْ يَكُنْ حَسْبِي