يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ - خليل مطران
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
                                                                            وَحِمىً عَلَى الأَرْوَاحِ مُؤْتَمَنُ
                                                                    حُبِّي كَعَهْدِكِ فِي نَزَاهَتِهِ
                                                                            وًالحُبُّ حَيْثُ القَلْبُ مُرْتَهَنُ
                                                                    مِلْءُ الجَوَانِحِ مَا بِهِ دَخَل
                                                                            يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا بِهِ دَخَنُ
                                                                    ذَاكَ الهَوَى هُوَ سِرُّ كُلِّ فَتىً
                                                                            مِنَّا تَوَطَّنَ مِصْرَ وَالعَلَنُ
                                                                    هُوَ شُكْرُ مَا مَنَحَتْ وَمَا مَنَعَتْ
                                                                            مِنْ أَنْ تُنَغِّصَ فَضْلَهَا المِنَنُ
                                                                    هُوَ شِيمَةٌ بِقُلُوبِنَا طَهُرَتْ
                                                                            عَنْ أَنْ تَشُوبَ نَقَاءهَا الظِّنَنُ
                                                                    أَيُّ الدِّيَار كَمِصْرَ مَا بَرِحَتْ
                                                                            رَوْضاً بِهَا يَتَقَيَّدُ الظُّعُنُ
                                                                    فِيهَا الصَّفَاءُ وَمَا بِهِ كَدَرٌ
                                                                            فِيهَا السَّمَاءُ وَمَا بِهَا غَصَنُ
                                                                    مِصْرُ الَّتِي لَيْسَتْ مَنَابِتُهَا
                                                                            خِلَساً وَمَا فِي مَائِهَا أَسَنُ
                                                                    مِصْر الَّتِي أَبَداً حَدَائِقُهَا
                                                                            غَنَّاءُ لا يَعْرَى بِهَا غُصُنُ
                                                                    مِصْر الَّتِي أَخْلاقُ أُمَّتِهَا
                                                                            زَهْرٌ سَقَاهُ العَارِضُ الهَتِنُ
                                                                    مِصْر الَّتِي أَخْلاقُهَا حُفُلٌ
                                                                            وَيَدِرُّ الشُّهْدُ وَاللَّبَنُ
                                                                    كَذَبَ الأُولى قَالوا مَحَاسِنُهَا
                                                                            تُوهِي القُوَى وَجِنَانُهَا دِمَنُ
                                                                    فَهْيَ الَّتِي عَرَفَتْ مُرُوءَتَهَا
                                                                            أُمَمٌ وَيَعْرِفُ مَجْدَهَا الزَّمنُ
                                                                    وَهْيَ الني أَبْنَاؤُهَا شُهُبٌ
                                                                            عَنْ حَقِّ مِصْرٍ مَا بِهَا وَسَنُ
                                                                    يَذْكُو هَوَاهَا فِي جَوَانِحِهِمْ
                                                                            كَالجَمْرِ مَشْبُوباً وَإِنْ رَصُنُوا
                                                                    هُمْ وَارِثُو آلامِهَا وَبِهِمْ
                                                                            سَتُرَدُّ عَنْ أَكْنَافِهَا المِحَنُ
                                                                    صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَلَيْسَ تَهِي
                                                                            فِي حَادِثٍ جَلَلٍ وَلا تَهِنُ
                                                                    للهِ وَثَبْتَهُمْ إذَا اسْتَبْقَتْ
                                                                            فِيهَا النُّهَى وَتَبَارَتِ المُنَنُ
                                                                    دَاعِي المَبَرَّةِ وَالوَفَاءِ دَعَا
                                                                            فَأَجَابَتِ العَزَمَاتُ وَالفِطَنُ
                                                                    صَوْتٌ مِنَ الوَادِي تَجَاوَبَ فِي
                                                                            تَرْدِيدِهِ الأَسْنَادُ وَالقُنَنُ
                                                                    رُوحُ البِلادِ تَنَبَّهَتْ فَجَرَى
                                                                            مَا أَكْبَرَتْهُ العَيْنُ وَالأُذُنُ
                                                                    جَرَتِ المَسَالِكِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ
                                                                            غَمَرَتْ بِهِمْ رَحَبَاتِهَا المُدُنُ
                                                                    جَرْيَ الأَتِيِّ يَفِيضُ مُنْطَلِقاً
                                                                            مِنْ حَيْثُ يَطْغَى وَهْوَ مُخْتَزَنُ
                                                                    مِنْ كُلِّ مُدَّثِرٍ بِثَوْبِ هَوىً
                                                                            لِدِيَارِهِ أَوْ ثَوْبُهُ الكَفَنُ
                                                                    رَهَنَ الحَيَاةَ بِعِزِّهَا فَإِذَا
                                                                            هَانَتْ فَمَا لِحَيَاتِهِ ثَمَنُ
                                                                    سَادَ الإِخَاءُ عَلَى الجُمُوعِ فَلا
                                                                            رُتَبٌ تُمَيِّزُهَا وَلا مِهَنُ
                                                                    فِرَقٌ تَقَارَبَتْ القُلُوبُ بِهَا
                                                                            وَتَنَاءَتْ البِيئَاتُ وَاللسُنُ
                                                                    لا جِنْسَ بَلْ لا دِينَ يَفْصِلهَا
                                                                            وَالخُلْفُ مَمْدُودٌ لَهُ شَطَنُ
                                                                    أَلإِلفُ وَالسَّلْمُ الوَطِيدُ يُرَى
                                                                            حَيْثُ الحَفَائِظُ كُنَّ وَالفِتَنُ
                                                                    فَإذَا بَدَا فِي مَوْقِفٍ ضَغَنٌ
                                                                            لَمْ يَعْدُ رَأْياً ذَلِكَ الضَّغَنُ
                                                                    أَلشَّعْبُ إٍِنْ يَصْدُقْ تَكَافُلُهُ
                                                                            بِلُوغِ غَايَاتِ العُلَى قَمِنُ
                                                                    كُلٌّ يَقُولُ وَمَا بِمِقْوَلِهِ
                                                                            كِذْبٌ وَمَا فِي قَلْبِهِ جُبُنُ
                                                                    يَا أَيُّهَا الوَطَنُ العَزِيزُ فِدىً
                                                                            لَكَ مالُنَا والرُّوحُ وَالبَدَنُ
                                                                    مِنْكَ الكَرَامَةُ وَالوُجُودُ مَعاً
                                                                            فَإذَا اسْتَعَدْتَهُمَا فَلا حَزَنُ
                                                                    حُيِّيْتِ يَا صِلَةً مُبَارَكَةً
                                                                            شُدَّتْ وَلَنْ يُلْفَى بِهَا وَهَنُ
                                                                    أَهْلاً بِرَهْطِ الفَضْلِ مِنْ نُجُبٍ
                                                                            بِهِمْ التُّقَى وَالعِلْمُ وَاللَّسَنُ
                                                                    بِالنَّاصِحِينَ وَنُصْحًهًمْ بَلَجٌ
                                                                            بِالنَّاهِجِينَ وَنَهْجُهُمْ سَنَنُ
                                                                    خَيْرُ الدُّعَاةِ إِلَى الوفاقِ عَلَى
                                                                            مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالسُّنَنُ
                                                                    جَادُوا بِسَعْيٍ لا يُوَازِنُهُ
                                                                            بِالقَدْرِ حَمْدٌُ جَلَّ مَا يَزنُ
                                                                    بِجَمِيلِ مَا صَنَعُوا وَمَا رَفَعُوا
                                                                            فَازَ الوِئَامُ وَخَابَتِ الإِحَنُ
                                                                    حُكَمَاءُ إِنْ عَرَضَتْ لأُمَّتِهِمْ
                                                                            حَاجٌ فَهُمْ لأَدَقِّهَا فُطُنُ
                                                                    أَلأَزْهَرُ الأَزْهَى لَهُ مِنَنٌ
                                                                            عَظُمَتْ وَهَذِي دُونَهَا المِنَنُ
                                                                    فَلْتَحْيَا مِصْرُ وَتَحْيَا أُمَّتُهَا
                                                                            وَلتَرْقَ أَوْجَ السَّعْدِ يَا وَطَنُ