يَا صُورَةً شَبَّهَتْ صَخْراً بِإِنْسَانِ - خليل مطران
يَا صُورَةً شَبَّهَتْ صَخْراً بِإِنْسَانِ
                                                                            فِي رَوْعَةٍ مَلأَتْ قَلْبِي وَإَِنْسَانِي
                                                                    لا وَجْهَ أَبْهَى وَلا أَزْهَى بِرَوْنَقِهِ
                                                                            مِنْ وَجَهْكَ النَّضْرِ فِي مَنْحُوتِ صَوَّانِ
                                                                    مَن المَلِيكُ الَّذِي تَثْنِي جَلالَتُهُ
                                                                            عَنْهُ وَيَمْضِي فَمَا يَثْنِيهِ مِنْ ثَانِ
                                                                    هَذَا فَتَى النَّبِيلِ ذُو التَّاجَيْنِ مِنْ قِدَمٍ
                                                                            هَذَا فَتَى مِصْرَ رَاعَمِسيسٌ الثَّانِي
                                                                    سِيزُسْتُريسُ الَّذِي دَانَ العُتَاةُ لَهُ
                                                                            كِنْ قَوْمِ حِثٍّ وَمِنْ فُرْسٍ وَيُونَانِ
                                                                    إِنْ قَصَّرَ الجَيْشُ أَغْرَى الرَّأْيَ أَمْكِنَةً
                                                                            مَا فَازَ خَاتِلُهَا مِنْهَا بِإِمْكَانِ
                                                                    مَمْنُونُ مُرْدِي الأَعَادِي غَيْرَ مُحْتَشِمٍ
                                                                            بَطْشاً وَمُسْدِي الأَيَادِي غَيْرَ مَنَّانِ
                                                                    مُسْتَقْبِلُ الشَّمْسِ عَبْرَ النَّهْرِ مَا طَلَعَتْ
                                                                            صُبْحاً بِرَأْسٍ مِنَ الجُلْمُودِ رَنَّانِ
                                                                    أَنَاظِرٌ أَنْتَ لَمَّا هَمَّ كيْفَ خَطَا
                                                                            مِنَ الصَّفَا غَيْرَ مُعْتَاقٍ وَلا عَانِ
                                                                    هُوَ المَضَاءُ تَرَاءى فَاسْتَوَى رَجُلاً
                                                                            هُوَ الإِبَاءُ رَعَى ضُعْفِي فَحَيَّانِي
                                                                    قَارَبْتُ سُدَّتَهُ العُلْيَا عَلَى وَجَلٍ
                                                                            وَلَمْ أَخَلْهُ يُنَاجِينِي فَنَاجَانِي
                                                                    تَرَاهُ عَيْنَايَ مَغْضُوضاً لِهَيْبَتِهِ
                                                                            طَرْفَاهُمَا وَتَرَانِي مِنْهُ عَيْنَانِ
                                                                    أَرَابَنِي أَنَّنِي قَبْلاً بَصُرْتُ بِهِ
                                                                            مُحَنَّطاً مُدْرَجاً فِي سَودِ أَكْفَانِ
                                                                    أَكْبِرْ بِرَمْسِيسَ مَيْتاً لَنْ يُلِمَّ بِهِ
                                                                            مَوْتٌ وَأَكْبِرْ بِهِ حَيّاً إِلَى الآنِ
                                                                    تَقَوَّضَ الصَّرحُ فِيما حَوْلَهُ وَنَجَا
                                                                            عَلَى التَّقَادُمِ لَمْ يُمْسَسْ بِحِدْثَانِ
                                                                    لَوْلا تَمَاثِيلُهُ الأُخْرَى مُحَطَّمَةً
                                                                            مَا جَالَ فِي ظَنِّ فَانٍ أَنَّهُ فَانِ
                                                                    فِي مِصْرَ كَمْ عَزَّ فِرْعَونٌ فَمَا خَلَدُوا
                                                                            خُلودَهُ بَيْنَ أَبْصَارٍ وَأَذْهَانِ
                                                                    وَلَمْ يَتِمَّ لَهَا فِي غَيْرِ مُدَّتِهِ
                                                                            مَا تَمَّ مِنْ فَضْلِ إِثْرَاءٍ وَعُمْرَانِ
                                                                    وَلَمْ يَسِرْ بِبَنِيهَا مِثْلَ سِرَتِهِ
                                                                            سَاعٍ إِلَى النَّصْرِ لا سَاهٍ وَلا وَانِ
                                                                    مِنْ مُنْتَهَى النِّيلِ فِي أَيَّامِهِ اتَّسَعَتْ
                                                                            إِلَى أَعَالِيهِ فِي نُوبٍ وَ سُودَانِ
                                                                    وَمِنْ عَلِيِّ الذُّرَى فِي الطُّورِ عَنْ كَثَبٍ
                                                                            إِلَى قَصَيِّ الرُّبَى فِي أَرْضِ كَنْعَانِ
                                                                    فِي أَرْضِ كَنْعَانَ إلاَّ عَسْكَرَهُ
                                                                            أَحَسَّ مَا بَأْسُ شَعْبٍ مِذْعَانِ
                                                                    أَعَادَ كَرَّاتِهِ فِيهَا وَعَادَ عَلَى
                                                                            أَعْقَابِهِ بَعْدَ إِيغَالٍ وَإِمْعَانِ
                                                                    فَمَا يُرَى نَقْعُهُ وَهْوَ الضَّبَابُ عَلا
                                                                            تِلْكَ الرُّبَى فَدَحَاهَا دَحْوَ قِيعَانِ
                                                                    حَتَّى تَهِبُّ بِهِ رِيحٌ فَتَرْجِعُهُ
                                                                            عَنْهَا عَثُوراً بِأَذْيَالٍ وَأَرْدَانِ
                                                                    وَتَبْرُزَ القُمَمُ الشَّمَّاءُ ذَاهِبَةً
                                                                            فِي الأَوْجِ تَحْسَبُهَا أَجْزَاءَ أَعْنَانِ
                                                                    مَغْسُولَةً بِدِمَاءِ الفَجْرِ طَالِعَهَا
                                                                            مِنْ أَدْمُعِ القَطْرِ ذُرٌّ فَوْقَ مَرْجَانِ
                                                                    سُفُوحُها حُرَّةٌ وَالهَامُ مُطْلَقَةٌ
                                                                            وَكُلُّ عَانٍ بِهَا بَعْدَ الأَسَى هَانِي
                                                                    وَمَوْقِعُ الذُّلِّ نَاءٍ عَنْ أَعِزَّتِهَا
                                                                            كَمَوْقِعِ الظِّلِّ عَنْ هَامَاتِ لُبْنَانِ
                                                                    لَكِنَّمَا الخِلْفُ فِي الجَارَيْنِ صَارَ إِلَى
                                                                            حِلْفٍ وَأَدْنَى إِلَى الصُّلحِ الأَشَدَّانِ
                                                                    وَإِنَّ خَيْراً حَلِيفاً مَنْ تَرُوضُ بِهِ
                                                                            صَعْباً وَتُولِيهِ وُدّاً بَعْدَ عُدوَانِ
                                                                    تَصَافَيَا فَصَفَا جَوُّ العُلَى لَهُمَا
                                                                            وَطَوُّعاً مَا عَصَى مِمَّا يَرُومَانِ
                                                                    وَطَالَمَا كَانَ ذَاكَ الإِلفُ بَيْنَهُمَا
                                                                            عَلَى صُرُوفِ اللَّيَالِي خَيْرَ مِعْوَانِ
                                                                    فِي مَبْدأِ الدَّهْرِ وَالأَقْوَامِ جَاهِلَةٌ
                                                                            زَهَا بِمُبْتَكَرَاتِ العَقْلِ عَصْرَانِ
                                                                    عَصْرٌ بِمَا ابْتَدَعَ الفِينِيقُ وَاخْتَرَعُوا
                                                                            فِيهِ لَهُ فَضْلُ سَبَّاقٍ وَمِحْسَانِ
                                                                    وَعَصْرُ مِصْرَ الَّذِي فَاقَتْ رَوَائِعُهُ
                                                                            أيَ الأَجَدَّيْنِ مِنْ فَخْمٍ وَمُزْدَانِ
                                                                    مِمَّا تَوَالَتْ عَلَى الوَادِي بِهِ حِقَبٌ
                                                                            زِينَتْ حَوَاشِي الصَّفَا مِنْهُ بِأَفْنَانِ
                                                                    حَضَارَتَانِ سَمَا شَأْوُ النُّهَى بِهِمَا
                                                                            أَفَادَتَا كُلَّ تَثْقِيفٍ وَعِرْفَانِ
                                                                    وَبِاتِّحَادِهِمَا فِي الشَّأْنِ مِنْ قِدَمٍ
                                                                            مَا زَالَ يَرْتَبِطُ الأَسْنَى مِنَ الشَّانِ
                                                                    يَا مَجْدَ رَمْسِيسَ كَمْ أَبْقَيْتَ مِنْ عَجَبٍ
                                                                            فِيهِ وَمَسْأَلةٍ عَنْهُ لِحَيْرَانِ
                                                                    أَبْغِضْ بِهِ فِي العِدَى مِنْ هَادِمٍ حَنِقٍ
                                                                            وَحَبَّذَا هُوَ التَّارِيخِ مِنْ بَانِ
                                                                    عَالَى الصُّرُوحَ كَمَا وَالَى الفُتُوحَ بِلا
                                                                            رِفْقٍ بِقَاصٍ وَلا عَطْفٍ عَلَى دَانِ
                                                                    أَكَانَ مَنْزِلُهُ فِي المَجْدِ مَنْزِلَهُ
                                                                            لَوْ رَقَّ قَلْباً لِشِيبٍ أَوْ لِشُبَّانِ
                                                                    أَمْ كَانَ مَا أَدْرَكْتْ مِصْرٌ عَلَى يَدِهِ
                                                                            ذَاكَ المَقَامُ الَّذِي أَزْرَى بِكِيوَانِ
                                                                    تَخَيَّرَ الخُطَّةَ المُثْلَى لَهُ وَلَهَا
                                                                            يَعْلُو فَتَعْلُو بِهِ وَالخَفْضُ لِلشَّانِي
                                                                    مَا زَالَ بِالقَوْمِ حَتَّى صَار بَيْنَهُمُ
                                                                            إِلهَ جُنْدٍ تُحَابِيهِ وَكُهَّانِ
                                                                    وَرَبَّ سَائِمَةٍ بَلْهَاءَ هَائِمَةٍ
                                                                            تَشْقَى وَتَهْوَاهُ فِي سِرٍّ وَإِعْلانِ
                                                                    يَسُومُهَا كُلُّ خَسْفٍ وَهْيَ صَابِرَةٌ
                                                                            لا صَبْرَ عَقْلٍ وَلَكِنْ صَبْرَ إِيمَانِ
                                                                    أَلا وَقَدْ بَلَغَتْ فِي الخَافِقِينَ بِهِ
                                                                            مَكَانَةً لَمْ تَكُنْ مِنْهَا بِحُسْبَانِ
                                                                    إِنْ بَاتَ فِي حُجُبٍ بَاءَتْ إِلَى نُصُبٍ
                                                                            يَلُوخُ مِنْهُ لَهَا مَعْبُودُهَا الجَانِي
                                                                    فَبَجَّلَتْ تَحْتَ تَاجِ المُلْكِ مُدْمِيهَا
                                                                            وَقَبَّلَتْ دَمَهَا فِي المَرْمَرِ القَانِي
                                                                    وَاليَوْمَ لَوْ بُعِثَتْ مِنْ قَبْرِهَا لَبَدَا
                                                                            لَهَا كَمَا خَبَرَتْهُ مُنْذُ أَزْمَانِ
                                                                    مَا زَالَ صَخْراً عَلَى العَهْدِ الَّذِي عَهِدَتْ
                                                                            بِلا فُؤَادٍ وَإِنْ دَاجَى بِجُثْمَانِ
                                                                    مُسَخِّراً قَوْمَهُ طُرّاً لِخِدْمَتِهِ
                                                                            وَمَا بَغَى رُبَّ سُوءٍ مَحْضَ إِحْسَانِ
                                                                    مُخَلَّدَ المَجْدِ دُونَ القَائِمِينَ بِهِ
                                                                            مِنْ شُوسِ حَرْبٍ وَصُنَّاعٍ وَأَعْوَانِ
                                                                    مُخَالِساً ذِمَّةَ العَلْيَاءِ مُضْطَجِعاً
                                                                            مِنْ عِصْمَتِهَا فِي مَضْجَعِ الزَّانِي
                                                                    بِحَيْثُ آبَ وَكُلُّ الفَخْرِ حِصَّتُهُ
                                                                            وَلَمْ يَؤُبْ غَيْرُهُ إِلاَّ بِحِرْمَانِ
                                                                    كَمْ رَاحَ جَمْعٌ فِدَى فَرْدٍ وَكَمْ بُذِلَتْ
                                                                            فِي مُشْتَرَى سَيِّدٍ أَرْوَاحُ عُبْدَانِ
                                                                    لِمُوقِعِ الأَمْرِ فِيهِمْ كُلُّ تَكْرمَةٍ
                                                                            وَمُنْفِذِ الأَمْرِ فِيهِمْ كُلُّ نِسْيَانِ
                                                                    كَلاَّ وَعِزَّتِهِ فِيما طَغَى وَبَغَى
                                                                            وَذُلَّ مَنْ قَبِلَ الضِّيزَى بِإِذْعَانِ
                                                                    هُمُ الَّذِينَ عَلَى عُسْرٍ بِمَطْلَبِهِ
                                                                            قَدْ أَسْعَفُوهُ بِأَمْوَالٍ وَفِتْيَانِ
                                                                    وَهُمُ عَلَى سَفَهٍ دَانُوا بِمَنْ نَصَبُوا
                                                                            فَخَوَّلُوهُ مَدِيناً حَقَّ دَيَّانِ
                                                                    فِيمَ الأُولَى صَنَعُوا أَنْصَابَهُ دَرَسَتْ
                                                                            رُسُومُهُمْ مُنْذُ بَاتُوا رَهْنَ أَكْفَانِ
                                                                    وَمَا لأَسْمَائِهِمْ دُونَ اسْمِهِ دُفِنَتْ
                                                                            شُعْثاً مُنَكَّرَةً فِي رَمْسِ كِتمَانِ
                                                                    إِنْ يَجْهَلِ الشَّعْبُ فَالحُكْمُ الخَلِيقُ بِهِ
                                                                            حَقُّ العَزِيزَينِ مِنْ وَالٍ وَسُلْطَانِ
                                                                    أَوْ يَرْشُدُ الشَّعْبُ يُنْسِ الأَمْرُ فِي يَدِهِ
                                                                            وَلا اعْتِدادَ بِأَمْلاكٍ وَأَعْيَانِ
                                                                    لَيْتَ البِلادَ الَّتِي أَخْلاقُهَا رَسَبَتْ
                                                                            يَعْلُو بِأَخْلاقِهَا تَيَّارُ طُغْيَانِ
                                                                    أَلنَّارُ أَسْوَغُ وِرْداً فِي مَجَالِ عُلىً
                                                                            مِنْ بَارِدِ العَيْشِ فِي أَفْيَاءِ فَيْنَانِ
                                                                    أَكْرِمْ بِذِي مَطْمَعٍ فِي جَنْبِ مَطْمَعِهِ
                                                                            يَنْجُو الأَذِلاَّءُ مِنْ خَسْفٍ وَخُسْرَانِ
                                                                    يَهُبُّ فِيهِمْ كَإِعْصَارٍ فَيَنْقُلُهُمْ
                                                                            مِنْ خَفْضِ عَيْشٍ إِلَى هَيْجَاءِ مَيْدَانِ
                                                                    بَعْضُ الطُّغَاةِ إِذَا جَلَّتْ إِسَاءَتُهُ
                                                                            فَقَدْ يَكُونُ بِهِ نَفْعٌ لأَوْطَانِ
                                                                    في كُلِّ مَفْخَرَةٍ تَسْمُو بِهَا
                                                                            تَفْنَى جُمُوعٌ مُفَادَاةً لأُحْدَانِ
                                                                    كَم فِي سَنَى الكَوْكَبِ الوَهَّاجِ مَهْلَكَةٍ
                                                                            فِي كُلِّ لَمْحٍ لأَضْوَاءٍ وَأَلوَانِ
                                                                    لَمْ تَرْقَ حَقْبَةٍ مِصْرٌ كَمَا رَقِيَتْ
                                                                            فِي عَصْرِهِ بَيْنَ أَمْصَارٍ وَبُلْدَانِ
                                                                    لَمَّا رَمَتْ كُلَّ تَانِي الشَّوْطِ مُمْتَنِعٍ
                                                                            بِسَابِقِينَ إِلَى الغَايَاتِ شُجْعَانِ
                                                                    أَلا نَرَى فِي بَقَايَا الصَّرْحِ كَيْفَ مَضَوْا
                                                                            بِأَوْجِهٍ بَادِيَاتِ البِشْرِ غُرَّانِ
                                                                    وَكَيْفَ عَادُوا وَ رَمْسِيسٌ مُقَدَّمُهُمْ
                                                                            إِلَى الرُّبُوعِ بِأَوْسَاقٍ وَغِلْمَانِ
                                                                    فَبَعْدَ أنْ صَالَ بَيْنَ المَالِكِينَ بِهِمْ
                                                                            صَارَ الكَبِيرَ المُعَلَّى بَيْنَ أَوْثَانِ
                                                                    بالأَمْسِ يُدْنِيهِ قُرْبَانٌ لآلِهَةٍ
                                                                            وَاليَوْمَ يَأْتِيهِ أَرْبَابٌ بِقُرْبَانِ
                                                                    إِنْ يَغْدُ رَبَّهُمُ الأَعْلَى فَلا عَجَبٌ
                                                                            هَلْ مِنْ نِظَامٍ بِلا شَمْسٍ لأَكْوَانِ
                                                                    جَهَالَةٌ وَلَّدَتْ فِيهَا قَرَائِحُهُمْ
                                                                            ضُرُوبَ نَحْتٍ وَتَصْوِيرٍ وَبُنْيَانِ
                                                                    مِمَّا لَوِ اسْتَطْلَعَ الرَّانِي نَفَائِسَهُ
                                                                            لَمَا انْقَضَى عَجَدُ المُسْتِطْلِعِ الرَّانِي
                                                                    فِي كُلِّ مُنْكَشِفٍ كَنْزٌ وَمُسْتَتِرٍ
                                                                            مَظِنَّةٌ لِخَبَايَا ذَاتِ أَثْمَانِ
                                                                    آيَاتُ مَقْدِرَةٍ جَلَّتْ دَقَائِقُهَا
                                                                            شَأَى بِهَا كُلَّ قَوْمٍ قَوْمُ هَامَانِ
                                                                    تَقَادَمَ العُصُرُ الخَالِي بِهَا وَلَهَا
                                                                            تِمُّ الجَدِيدَيْنِ مِنْ حِذْقٍ وَإِتْقَانِ
                                                                    لَمْ يَعْتَوِرْ مَجْدَهَا مَهْدُومُ أَرْوِقَةٍ
                                                                            وَلَمْ يُذِلْ فَنَّهَا مَهْدُودُ أَرْكَانِ
                                                                    وَرَاضَ كُلَّ هَوْلِ بِهَا حَرشدٍ
                                                                            دُمىً تَهَاوِيلُهَا آيَاتُ إِحْسَانِ
                                                                    وَزَادَ رَوْعَتَهَا أَنْقَاضُ آلِهَةٍ
                                                                            فِيهَا حَوَانٍ عَلَى أَنْقَاضِ تِيجَانِ
                                                                    سُجُودُ مَا كَانَ مَسْجُوداً لَهُ عِظَةٌ
                                                                            فِي نَفْسِ كُلِّ لبِيبٍ ذَاتِ أَشْجَانِ
                                                                    وَرُبُّ رُزْءٍ بِآثَارٍ أَشَدَّ أَسىً
                                                                            مِنْهُ مُلِمّاً بِأَشْخَاصٍ وَأَعْيَانِ
                                                                    وَالتَّاجُ أَشْجَى إِذَا مَا انْفَضَّ عَنْ صَنَمٍ
                                                                            مِنْهُ إِذَا مَا هَوَى عَنْ رأَْسِ إِنْسَانِ
                                                                    بَيْتٌ عَتِيقٌ يُرَى فِيهِ الكَمَالُ عَلَى
                                                                            مَا شَابَهُ الآنَ مِنْ أَعْرَاضِ نُقْصَانِ
                                                                    حَجَجْتُهُ وَبِهِ مِنْ طُولِ مُدَّتِهِ
                                                                            وَفَضْلِ جِدَّتِهِ لِلطَّرْفِ حُسْنَانِ
                                                                    مَا زَالَ وَالدَّهْرُ يَطْوِيهِ وَيَنْشُرُهُ
                                                                            يُزْهَى جَلالاً رُوَاقَاهُ المَدِيدَانِ
                                                                    فِي النَّقْشِ مِنْهُ لأَهْلِ الذِّكْرِ قَدْ كُتِبَتْ
                                                                            آيَاتٌ ذِكْرٍ بِإِحْكَامٍ وَتِبْيَانِ
                                                                    تَنَزَّلَتْ صُوَراً وَاسْتُكْمِلَتْ سُوَراً
                                                                            فِي مُصْحَفٍ مِنْ دِعَامَاتٍ وَجُدْرَانِ
                                                                    شَاقَتْ بِفِتْنَتِهَا الأَقْوَامَ فَاقْتَبَسُوا
                                                                            مِنْهَا أُصُولَ حُكُومَاتٍ وَأَدْيَانِ
                                                                    وَمِنْ حُلاهَا استَمَدُّوا كُلَّ تَحْلِيَةٍ
                                                                            بِلا مُحَاشَاةِ إِغْرِيقٍ وَ رُومَانِ
                                                                    هَذَا هُوَ المَجْدُ نَفْنَى وَالبَقَاءُ لَهُ
                                                                            عَلَى تَعَاقُبِ أَجيالٍ وَأَزْمَانِ
                                                                    تَارِيخُ مِصْرٍ وَ رَمْسِيسٌ فَريدَتُهُ
                                                                            عِقْدٌ مِنَ الدُّرِّ مَنْظُومٌ بِعِقْيَانِ
                                                                    مَا مِثْلُهُ فِي طُرُوسِ الفَخْرِ مِنْ قِدَمٍ
                                                                            طِرْسٌ مِنَ الفَخْرِ أَوْعَى كُلَّ عُنْوَانِ