بِعِنَايَةِ اللّهِ الجَدِيدَةِ أَبْشِرِ - خليل مطران
بِعِنَايَةِ اللّهِ الجَدِيدَةِ أَبْشِرِ
                                                                            وَاهْنَأْ بِطَالِعِهَا السِعيدِ المُسْفِرِ
                                                                    جَاءَتْ عَلَى أَثرِ النَّجَاةِ فَضاعَفَتْ
                                                                            مَعْنى رِعَايَةِ رَبِّكَ المتَكَبِّرِ
                                                                    فَاحْمَدْ لِرَبِّكَ يَا مَلِيكِي فَضْلَهُ
                                                                            فِيما بَدا مِنْهُ وَفِي المُتنَظَّرِ
                                                                    أَرأَيْتَ يَا مَوْلاَيَ شَعْبَكَ مُعْرَبِاً
                                                                            لك عَنْ هَوًىَ فِي صِدْقِهِ لَمْ تمْترِ
                                                                    شَعْبٌ هُوَ الحرُّ اسْترقَّ لِبُؤْسِهِ
                                                                            فأَعَدْتَهُ بِاليُسْرِ حقَّ محَرَّرِ
                                                                    أَكرَمْتَهُ فرَفَعْتَه فِي نفْسِهِ
                                                                            فَإِذَا تَفانَى فِي هَوَاكَ فَأَجْدِرِ
                                                                    صَرَّفْتَ فِي إِصْلاَحِهِ وَصَلاَحِهِ
                                                                            رِفْقَ الحَلِيمِ وَفِطْنَةَ المُتَبَصِّرِ
                                                                    سُبْحَانَ مَنْ آتَاك جُودَ سَحَابَةٍ
                                                                            وَجَلاَءَ صَمْصَامٍ وَهَيْبَةَ قَسْوَرِ
                                                                    حَسْبُ الكِنانةِ أَنَها بِكَ أَصْبَحَتْ
                                                                            قَطْبَ العُرُوبَةِ بَدْوِهَا وَالحُضَّرِ
                                                                    تسْعَى مَمَالِكهَا إِليْكَ وَقدْ رَأَتْ
                                                                            بِيَدَيْكَ رَايَةَ الاتَّحَادِ الأَكْبرِ
                                                                    هَيْهَاتَ يُنسَى مِنْ جَمِيلِك مَا وَقى
                                                                            لُبنانَ صَوْلَةَ الاِعْتِدَاءِ الأَنكرِ
                                                                    مَا أَشبَهَ الفَاروقَ بِالفارُوقِ مِنْ
                                                                            مُتَقَدِّمٍ عَهْداً وَمِنْ مُتأَخِّرِ
                                                                    أَلعاهِلُ الوَرِعُ الَّذِي هُوَ قدْوَةً
                                                                            وَهُدىً لِكلِّ مُهلِّلٍ وَمُكبِّرِ
                                                                    أَوْلَى شُؤُونَ الدِّينِ جُهْداً جَاءَ فِي
                                                                            عُنْوَانِهِ إِعْلاءُ شَأْنِ الأَزْهَرِ
                                                                    هَلْ بِالكِنَانِة حَاجَةٌ لَمْ يَقْضِها
                                                                            لِرُقِيِّهَا فِي مَخبَرٍ أَوْ مَظْهَرِ
                                                                    تتسَاءَلُ الطَّبَقَاتُ أَيَّتُهَا الَّتِي
                                                                            فَازَتْ مِنَ النُّعْمَى بِحظٍّ أَوْفَرِ
                                                                    مَا فِي القَضَاءِ وَلاَ الإِدَارةِ عَامِلٌ
                                                                            إِلاَّ واسْتَمَدَّ شُعَاعَ ذَاكَ النَّيِّرِ
                                                                    فِي كلِّ أَجْزَاءِ الحكومَةِ أَمْرُهُ
                                                                            كُلٌّ وَتصْدُرُ كُلُّهَا عَنْ مَصْدَرِ
                                                                    أَنْمَى المَعَارِفَ وَالفُنُونَ وَأيُّهَا
                                                                            فِي ظِلِّهِ وَبِفَضْلِهِ لَمْ يُزْهِرِ
                                                                    مَنَحَ الريَاضَةَ فِي اخْتِلاَفِ ضُرُوبِهَا
                                                                            حِسّاً وَمَعْنىً هِمَّةً لَمْ تُنْكَرِ
                                                                    أَزْكَى ذَخَائِرَ الاقْتِصادِ زِرَاعَةً
                                                                            وَصِنَاعَة بِعَزِيمَةٍ لَمْ تُذْخَرِ
                                                                    أَوْفَى عَلَى جيْشٍ غَدا وَنِظَامُهُ
                                                                            أَرْقَى مِثَالٍ فِي نِظَامِ العَسْكرِ
                                                                    مسْتَكمِلٌ عُدَدَ الجِلادِ وَدونَهَا
                                                                            بَأْسٌ كفِيلُ النَّصْرِ إِنْ لَمْ تَنْصُرِ
                                                                    أَمَّا السَّوَادُ فَقَدْ جَبَاهُ مَلِيكُهُ
                                                                            بِمَآثرٍ عَنْ غَيْرهِ لَمْ تُؤْثَرِ
                                                                    كَثُرَتْ بِما يعْدُو مُناُه وَإِنَّمَا
                                                                            هِي مِنْكَ يَا مَوْلاَيَ لَمْ تُسْتَكْثَرِ
                                                                    أَوْرَدْتَهُ مِنْ نِيلِهِ مَاءً صَفَا
                                                                            لِلوَارِدِينَ وَطَابَ طِيْبَ الكَوْثَرِ
                                                                    وَغَذوْتَهُ وَكسَوْتَهُ وَأَسَوْتَهُ
                                                                            وَكَفَيْتهُ عِلَلَ المَرِيضِ المُعْسِرِ
                                                                    وَبَعَثْتَ هِمَّةَ كُلَّ مُقتَبَلِ الصِّبَا
                                                                            وَغَمَرْتَ بِالأَلْطَافِ كُلَّ مُعَمَّرِ
                                                                    جُودُ المَلِيكِ بِهِ الغَنَاءُ وَكَمْ يَد
                                                                            قَدْ ضَاعَفَتْهَا فِطْنَةُ المُتَخَيِّرِ
                                                                    مَنَحَ القِرَى أَهْلَ الدَّساكِرِ وَالقُرَى
                                                                            وَالشَّهْرُ عِنْدَ اللّهِ خَيْرُ الأَشهُرِ
                                                                    وَاسْتَمْتَعَ الطُّلاَّبُ حَولَ سِمَاطِهِ
                                                                            بِالعِزِّ فِي ذَاكَ الجَنابِ الأَخْضَرِ
                                                                    إِذْ يَطْعَمُ الفَمُ فِيهِ أَشْهَى مَطْعمٍ
                                                                            وَالعَيْنُ تَنْظُرُ فِيهِ أَبْهى مَنْظَرِ
                                                                    ويُثَابُ بِالإِقْبَالِ عَزْمُ مُبَرِّزٍ
                                                                            وَيُحَثُّ بِالآمَالِ عَزْمُ مُقَصِّرِ
                                                                    هَذا هُوَ الفَضْلُ الَّذِي مابَعْدَهُ
                                                                            فَضلٌ وَليْسَ وَرَاءَهُ مِنْ مَفْخَرِ
                                                                    فَارُوقُ عِشْ وَابْلُغْ نِهَايَاتِ العُلَى
                                                                            وبِمَا تَشَاءُ مِنَ الأَمَانِيِّ اظْفَرِ
                                                                    وَلْتهْنَإِ الدُّنْيَا بِنَسْلِكَ وَلَيَدُمْ
                                                                            يُمْنُ التَّسلْسُلِ فِي شَرِيفِ العُنْصُرِ