فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى وَنِعْمَ الرَّفِيقُ - خليل مطران
فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى وَنِعْمَ الرَّفِيقُ
                                                                            فُزْتَ بِالخُلْدِ أَيهَا الصِّدِّيقُ
                                                                    فَتَمَلَّ النَّعِيمَ أَنْتَ بِهِ مِنْ
                                                                            أَجْلِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ حَقِيقُ
                                                                    رُمْتَهُ بَعْدَ شُقَّةِ الْعَيْشِ وَالقَلْبُ
                                                                            إِلى رَاحِةِ السَّمَاءِ مَشوقُ
                                                                    فَقَدَ الدَّينُ يَوْمَ فَقْدِكَ حَبْراً
                                                                            فِي المَعَالِي مَكَانُهُ مَرْمُوقُ
                                                                    عَالِمٌ لَيْسَ فِي المَعَاضِلِ مَا
                                                                            يَخْفَى عَلَيْهِ وَشَأْنُهُ التَّدْقِيقُ
                                                                    عَامِلٌ لاَ يَنِي يَرُودُ المَظِنِّا
                                                                            تِ إِلى أَنْ يُجْلَى لَدَيْهِ الطَّرِيقُ
                                                                    إِنْ يُحَقِّقْ قَضِيَّةً فَهْوَ فِيهَا
                                                                            جَاهد أَوْ يَمَلَّهُ التَّحْقِيقُ
                                                                    آخِذاً بِاللُّبَابِ لَيْسَ يُغَشِّي
                                                                            نَاظِرَيْهِ التَّمْويهُ وَالتَّمْلِيقُ
                                                                    رُزِيءَ الشَّرْقُ عَبْقَرِيّاً بِمَجْهُو
                                                                            دَاتِهِ جُدِّدَ الفَخَارُ العَتِيقُ
                                                                    ثَقَّفَ النَّشْءَ وَهْوَ يَعْلَمُ أَنْ الشَّرْقَ
                                                                            إِلاَّ بِالنَّشْءِ لاَ يَسْتَفِيقُ
                                                                    فَمَضَى فِي إِنَارَةِ الشَّعْبِ مَا يَسْطِيعُ
                                                                            وَالشَّعْبُ فِي الظَّلاَمِ غَرِيقُ
                                                                    جَاعِلاً هَمَّهُ مُؤَالَفَةَ الأَنْفُسِ
                                                                            إِذْ هَمُّ غَيْرِهِ التَّفْرِيقُ
                                                                    كَوْكَبٌ كَانَ فِي تَجَلِّيهِ لِلْجَهْلِ
                                                                            غُرُوبٌ وَلِلْعُلُومِ شُرُوقُ
                                                                    يَا رَئِيسِي إِنِّي لأَذْكُرُ عَهْداً
                                                                            قَدْ تَوَلَّى بِهِ زَمَانٌ سَحِيق
                                                                    تَارِكاً في الفُؤَادِ جُرْحاً وَلِلْجُرْ
                                                                            حِ مِنَ الذَّكْرَياتِ غَوْرٌ عَمِيقُ
                                                                    كُنْتَ فِيهِ لَنَا الزَّعِيمَ المُفَدَّى
                                                                            وَالأَبَ الْبَرَّ أَيُّهَا الجَاثَلِيقُ
                                                                    وَكَمَالُ الرَّئِيسِ فِي أَنَّهُ المَرْ
                                                                            هُوبُ حِينَ الوُجُوبِ وَالمَوْمُوقُ
                                                                    ذَلِكَ العَهْدُ كَيْفَ أَسْلَوهُ
                                                                            وَالسَّلْوَى جُحُودٌ لِفَضْلِهِ بَلْ عُقُوقُ
                                                                    كَثُرَتْ عِنْدَنَا حُقُوقٌ لَهُ وَالْيَوْمَ
                                                                            بَعْدَ الْفَوَاتِ تُوفَى الحُقُوقُ
                                                                    يَا بَنِي مَعْهَدِ الْفَضِيلَةِ وَالْعِلمِ
                                                                            قَضَى الوَالِدُ الحَكِيمُ الشَّفِيقُ
                                                                    وَتَوَلَّى لِغَيْر عَوْدٍ مُرَبِّينا
                                                                            الإِمَامُ المُفَوَّهُ المِنْطِيقُ
                                                                    ذُو المَضَاء الِّذي يُنَاصِرُهُ
                                                                            فِكْرٌ بدِيعُ السَّنَى وَلَفْظٌ أَنِيقُ
                                                                    هذِهِ فِيهِ تَعْزِيَاتِي وَهَلْ تُجْدِي
                                                                            دُمُوعٌ وَقدْ تَعَالَى الحَرِيقُ
                                                                    فَلْتَدُمْ فِي القُلُوبِ ذِكْرَى رَئِيسٍ
                                                                            هُوَ بِالشُّكْرِ مَا حَيِينَا خَلِيقُ