يَا لَيْلَةَ فَاجَأْتُ سِرْبَ الغِيدِ - خليل مطران
يَا لَيْلَةَ فَاجَأْتُ سِرْبَ الغِيدِ
                                                                            فِي مَجْمَعٍ يَصْنَعْنَ حَلوى العِيدِ
                                                                    يُخْرِجْنَ مِنْ كُتَلِ العَجِينِ بَدَائِعاً
                                                                            أَمْثَالَ كُلِّ مُشَخَّصٍ مَشْهُودِ
                                                                    ويُجِدْنَهَا فَلَوِ الشَِّفَاهَ تَعَفَّفَتْ
                                                                            عَنْ أَكْلِهَا لَضَمِنْتُهَا لخُلُودِ
                                                                    بأَنَاملٍ بِيضٍ تَكَادُ تَظُنُّهَا
                                                                            مَخْضُوبَةً بِدَمٍ مِنَ التَّوْرِيدِ
                                                                    وَزُنُودِ عَاجٍ عُرِّقَتْ بِزُمُرُّدٍ
                                                                            آيَاتُ حُسْنٍ فِي شُكُولِ زُنُودِ
                                                                    رُوِّعْنَ حِينَ قَدِمْتُ ثُمَّ أَنِسْنَ لِي
                                                                            وَرَضِينَ بِي فِي المَحْفِلِ المَعْقُودِ
                                                                    فَثوَيْتُ بَيْنَ مَناطِقٍ وَقَرَاطِقٍ
                                                                            وَمَبَاسِمٍ وَمَا عَاصِمٍ وَنُهُودِ
                                                                    مِنْ كُلِّ طَاوِيَةِ الحَشَى مَمْشُوقَةٍ
                                                                            رَيَّا الخُدُودِ كَحَبَّةِ العُنْقُودِ
                                                                    سَلاَّبَةٍ خَلاَّبَةٍ غَلاَّبَةٍ
                                                                            بِاللَّفْظِ أَوْ بِاللَّحْظِ أَوْ بِالجِيدِ
                                                                    لَوْلا هَوىً يُصْبِي الحَلِيمَ لَمَا ثَوى
                                                                            مَثْوَى الإِنَاثِ أَخْو الرِّجَالِ الصِيدِ
                                                                    شَأْنِي مُكَافَحَةُ الخُطُوبِ إِذَا دَجَا
                                                                            نَقْعُ الحَوَادِثِ فِي اللَّيَالِي السُّودِ
                                                                    شَأْنِي مُطَارَدَةُ الضَّلاَلَةِ بِالهُدَى
                                                                            أَسْتَنْزِلُ الإلهَامَ غَيْرَ بَعِيدِ
                                                                    شَأْنِي التَّطَلُّعُ لِلعَلاَءِ وإِنَّمَا
                                                                            هَذِي السَّمَاءُ وَأَنْتِ شَمْسُ وُجُودِي
                                                                    أَنْتِ الحَقِيقَةَ فِي الحَيَاةِ وَكَاذِبٌ
                                                                            غَيْرُ الهَوَى لِلمَائِتِ المَلحُودِ
                                                                    إِنْ أَسْعَفْتَنَا سَاعَةٌ مِنْهُ فَقَدْ
                                                                            أَرْبَتْ بِغِبْطَتِهَا عَلَى التَّخْلِيدِ
                                                                    أَمَّا العَظَائِمِ وَالعُلَى فَمَشَاغِلٌ
                                                                            خُلِقَتْ مِنَ التَّفْكِيرِ وَالتَّسُهِيدِ
                                                                    لاَ تَمْلأُ القَلْبَ الخَلِيَّ وَدَأبُهَا
                                                                            نَهْكُ القُوَى فِي شِقْوَةٍ وَسُعُودِ
                                                                    أَدَواتُ لَهْوٍ نَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى
                                                                            سَيْرٍ عَسِيرٍ فِي الحَيَاةِ كَؤُودِ
                                                                    أَشْبَاهُ مَا يُعْطَى مَنَ الثَّمَر امْرُؤٌ
                                                                            فِي زَادِ تَرْحَالٍ عَلَيْهِ شَدِيدِ
                                                                    وَلَعَلَّ غَايَةَ كُلِّ طَالِبِ رِفْعَةٍ
                                                                            إِرْضَاءُ ذَاتِ سلاَسِلٍ وَعُقودِ
                                                                    فَيَكُونُ عِيدُ العُمْرِ سَاعَةَ مُلْتَقىً
                                                                            وَأَعَزُّ مَا نَرْجُوهُ حَلْوَى العِيدِ