بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ - خليل مطران
بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ
                                                                            وَأَيِّ قُيُودٍ قُيِّدَ الحِسُّ وَالفِكْرُ
                                                                    عَلَى مَا رَأَى الإِغْرِيقُ وَالرَّسْمُ رَسْمُهُمْ
                                                                            جَرَى الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ وَالعَصْرُ فَالعَصْرُ
                                                                    وَظَلَّ مَثالاً لِلبَيَانِ مِثَالُهُمْ
                                                                            وَأَمْرُهُمُ حَتَّى أَتَيْتَ هُوَ الأَمْرُ
                                                                    فَلَمَّا هَدَتْكَ الفِطْرَةُ السَّمْحَةُ الَّتِي
                                                                            رَأَتْ أَنَّ أَسْراً كَيْفَ كَانَ هُوَ الأَسْرُ
                                                                    وَأنَّ افْتِكاكاً مِن هَوىً مُتَمَكنٍ
                                                                            عَنَاءٌ عَلَى مِقْدَارِهِ يَعْظُمُ الفَخْرُ
                                                                    وَأَنَّ العُقُولَ المُسْتَرَقَّةَ حُرِّرَتْ
                                                                            وَقَدْ آنَ أَنْ يَقْتَادَهَا القَلَمُ الحُرُّ
                                                                    أَسَلْتَ يَنَابِيعَ الفَصَاحَةِ كُلَّهَا
                                                                            وَكَانَ الَّذِي يُمْتَاحُ مِنْهَا هُوَ النَّزْرُ
                                                                    فَللّهِ دَرَّ العَبْقَرِيَّةِ إِنَّهُ
                                                                            لَفَيْضٌ إِذَا مَا غَاضَ مِنْ غَيْرِهَا الدُّرُّ
                                                                    لَهُ فِي النُّهَى عَزْمُ الإِتيِّ وَصَوْتُهُ
                                                                            يُصَاحِبُهُ تَطْريبُهُ الفَخمُ وَالهَدْرُ
                                                                    تَسَاقَاهُ أَعْشَابٌ فُتُوِفي نَصِيبَهَا
                                                                            مِنَ الحُسْنِ فِي الدُّنْيَا وَلاَ يُحْرَمُ الزَّهْرُ
                                                                    فَمِن أَيِّ أَوْجٍ بِالحَيَاةِ وَأَهْلِهَا
                                                                            وَبِالكَوْنِ وَالأَحْدَاثِ أَلْمَمْتَ يَا نَسْرُ
                                                                    وَفِي أَيِّ فَنٍّ مِنْ فُنُونِ جَمَالِهَا
                                                                            تَعَايَى عَلَيْكَ النَّظْمُ أَوْفَاتَكَ النَّثْر
                                                                    تُرَى سِيَرُ الأَحْقَابِ فِيمَا خَطَطْتَهُ
                                                                            موَاثِلَ وَهْيَ الطِّرْسُ بِالعَيْنِ وَالحِبْرُ
                                                                    وَتَطَّرِدُ الأَحْقَابُ مِنَّا بِمَشْهَدٍ
                                                                            وَإِنْ هِيَ إِلاَّ السَّطْرُ يَتْبَعُهُ السَّطْرُ
                                                                    لَقَدْ جِئْتَ بِالبِدْعِ الَّذِي آبَ سُنَّةً
                                                                            لَكَ الفَضْلِ فيهَا خَالِداً وَلَكَ الذِّكْرُ
                                                                    وَجَارَاكَ فِي الفَتْحِ الحَدِيثِ فَوَارِسٌ
                                                                            تَوَازَعَ فِي عُقْبَاهُ بَيْنَكُمُ النَّصْرُ