أَبْقَى وَيَرْفَضُّ حَوْلِي عِقْدُ خُلاَّنِي - خليل مطران
أَبْقَى وَيَرْفَضُّ حَوْلِي عِقْدُ خُلاَّنِي
                                                                            أَشْكُو إِلَى اللهِ آلامِي وَأَحْزَانِي
                                                                    يَا يَوْمَ سَمْعَانَ هَلْ أَبْقَيْتَ لِي سَكَناً
                                                                            يُحَبِّبُ العَيْشَ أَوْ يُغْرِي بِسُلْوَانِ
                                                                    فَجَعْتَنِي فِي أَخٍ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ
                                                                            دُنِيَا تَحَلَّتْ مِنَ النُّعْمَى بِأَلْوَانِ
                                                                    نَشَأْتُ أَرْعَاهُ إِكْبَاراً وَأُكْرِمُهُ
                                                                            وَظَلَّ يُكْرِمُنِي لُطْفاً وَيَرْعَانِي
                                                                    إِرْحَمْ مُحِبِّيكَ يَا مَنْ كُنْتَ أَرْحَمَهُمْ
                                                                            لَكِنْ هَجَرْتَ وَلَمْ تَعْمَدْ لِهِجْرَانِ
                                                                    هَذَا خَلِيلُكَ لَوْ تَدْرِي بِمَوْقِفِهِ
                                                                            وَالرُّوحُ مُهْتَزَّةٌ فِي شِبْهِ جُثْمَانِ
                                                                    أَأَنْتَ شَاهِدُهُ وَالوَجْدُ عَامِدُهُ
                                                                            يَسْقِي ثَرَاكَ بِدَمْعٍ مِنْهُ هَتَّانِ
                                                                    مَعَاذَ حَقِّكَ عِنْدِي أَنْ يُضَيِّعَهُ
                                                                            عَلَى المَفَاخِرِ إِعْوَالِي وَإِرْنَانِي
                                                                    قَلَّتْ جَزَاءً دُمُوعٌ جِدُّ فَانِيَةٍ
                                                                            وَأَنْتَ مُخْلِدُ مَجْدٍ لَيْسَ بِالفَانِي
                                                                    يَا مُلْهِمَ الشِّعْرِ هَبْ لِي مِنْكَ مُسْعِدَةً
                                                                            لا تَغْلِبَنِّي عَلَى الإِلْهَامِ أَشْجَانِي
                                                                    وَيَا قَرِيضِي دَعَا دَاعِي الوَفَاءِ إِلَى
                                                                            رَعْيِ الذِّمَامِ فَكُنْ لِي خَيْرَ مِعْوَانِ
                                                                    فِي كُلِّ جَانِحَةٍ مَنِّي وَجَارِحَةٍ
                                                                            لِسَانُ صِدْقٍ وَهَذَا وَقْتُ تِبْيَانِ
                                                                    فَأُطْلِقُ القَوْلَ فِي تَأْبِينِ مُرْتَحِلٍ
                                                                            مُسْتَكْمِلِ الزَّادِ مِنْ فَضْلٍ وَإِحْسَانِ
                                                                    نَهَاكَ بِالأَمْسِ عَنْ مَدْحٍ يُصَاغُ لَهُ
                                                                            فَاليَوْمَ لا تَكُ لِلنَّاهِي بِمِذْعَانِ
                                                                    وَاذْكُرْ صُرُوحاً لِسَمْعَانٍ مُشَيَّدَةً
                                                                            لَمْ يَبْنِهَا مِنْ عُصُورٍ قَبْلَهُ بَانِي
                                                                    وَحَدِّثِ الشَّرْقَ وَالأَقْوَامُ مُصْغِيَةٌ
                                                                            عَمَّا أَجَدَّ لَهُ فِيهَا مِنَ الشَّانِ
                                                                    أَلمْ يَكُ الشَّرْقُ مَهْدَ الفَخْرِ أَجْمَعِهِ
                                                                            فِي كُلِّ فَنٍّ أَخَذْنَاهُ وَعِرْفَانِ
                                                                    تَجَاهَلَتْ قَدْرَهُ الدُّنْيَا وَمَا جَهِلَتْ
                                                                            لَكِنَّ كُلَّ قَدِيمٍ رَهْنُ نِسْيَانِ
                                                                    تِلْكَ القُوَى لَمْ تَزَلْ فِي القَوْمِ كَامِنَةً
                                                                            وَإِنْ طَوَتْهَا اللَّيَالِي مُنْذُ أَزْمَانِ
                                                                    هِيَ الكُنُوزُ الَّتِي لَوْ قُوِّمَتْ لأَبَتْ
                                                                            نَفَاسَةً كُلَّ تَقْوِيمٍ بِأَثْمَانِ
                                                                    ظَلَّ الجُمُودُ عَلَى أَبْوَابِهِ رَصَداً
                                                                            حَتَّى تَجَلَّتْ فَفَاقَتْ كُل حُسْبَانِ
                                                                    أَمْجِدْ بِسَمْعَانَ إِذْ أَبْدَى رَوَائِعَهَا
                                                                            وَرَدَّ حُجَّةَ مَنْ مَارَى بِبرْهَانِ
                                                                    فَقَدْ أَمَاطَ حِجَابَ الرَّيْبِ عَنْ هِمَمٍ
                                                                            إِنْ أُطْلِقَتْ سَبَقَتْ فِي كُلِّ مَيْدَانِ
                                                                    وَسَارَ فِي طَلَبِ العَلْيَاءِ سِيرَتُهُ
                                                                            لا يَرْتَضِي بِمَقَامٍ دُونَ كِيوَانِ
                                                                    فَعَزَّ فِي شَمْلِهِ وَالشَّمْلُ عَزَّ بِهِ
                                                                            وَرُبَّ فَرْدٍ بَعْثٌ لأَوْطَانِ
                                                                    فَتْحُ التِّجَارَةِ مُذْ خُطَّتْ صَحِيفَتُهُ
                                                                            عُنْوَانُهُ اسْمُ سَلِيمٍ وَاسْمُ سَمْعَانِ
                                                                    سَلِيمٌ العَلَمُ الفَرْدُ الَّذِي بَعُدَتْ
                                                                            بِهِ النَّوَى وَهْوَ فِي آثَارِهِ دَانِ
                                                                    أَلحَازِمُ العَازِمُ المَرْهُوبُ جَانِبُهُ
                                                                            وَالمَانِحُ الصَّافِحُ المَحْبُوبُ فِي آنِ
                                                                    فِي دَوْحَةِ الصِّيدَنَاوِيِّ الَّتِي بَسَقَتْ
                                                                            إِلَى العَنَانِ هُمَا فِي النِّيلِ صِنْوَانِ
                                                                    كَانَا لَزِيمَيْنِ حَالَ البَيْنُ بَيْنَهُمَا
                                                                            حَتَّى تَلاقَى اللَّزِيمَانِ الوَفِيَّانِ
                                                                    لَكِنَّ أَصْلَيْنِ قَدْ حَلَّتْ مَحَلَّهُمَا
                                                                            تِلْكَ الفُرُوعُ الزَّوَاكِي لا يَزُولانِ
                                                                    مِنْ كُلِّ رَيَّانِ ذِي ظِلٍّ وَذِي ثَمَرٍ
                                                                            صُلْبٍ عَلَى الدَّهْرِ إِنْ يَعْصِفْ بِحِدْثَانِ
                                                                    سَمْعَانُ لَوْ دَامَتِ النُّعْمَى ودمت لَهَا
                                                                            لَكُنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْ كُلِّ إِنْسَانِ
                                                                    عُمْرٌ مَدِيدٌ تَقَضَّى فِي مُجَاهَدَةٍ
                                                                            شَرِيفَةٍ بَيْنَ تَأْثِيلٍ وَبُنْيَانِ
                                                                    سَلْسَلْتَهُ فِي كِتَابٍ كُلُّهُ غُرَرٌ
                                                                            مِنَ المَحَامِدِ لَمْ تُوصَمْ بِأَدْرَانِ
                                                                    يَزِيدُهَا فِي طَرِيقِ المَجْدِ مَا أَخَذَتْ
                                                                            عَنْ مَحْتِدٍ بِقَدِيمِ المَجْدِ مِزْدَانِ
                                                                    تَسُوسُ شَأْنُكَ فِيهِ دَائِباً فَطِناً
                                                                            بِعَزْمِ أَدْرَبَ لا سَاهٍ وَلا وَانِ
                                                                    وَتَمْحَضُ البَلَدَ الحُبَّ الخَلِيقَ بِهِ
                                                                            وَتَحْفَظُ اليَدَ فِي سِرٍّ وَإِعْلانِ
                                                                    وَتُوسِعُ الضُّعَفَاءِ البّائِسِينَ جَدًى
                                                                            بِأَرْيَحِيَّةِ سَمْحٍ غَيْرِ مَنَّانِ
                                                                    وَتَقْبَلُ العُذْرَ مِمَّنْ جَاءَ مُعْتَذِراً
                                                                            وَتَغْفِرُ الوِزْرَ لِلمُسْتَغْفِرِ الجَانِي
                                                                    إِلَيْكَ بِاسْمِ جُمُوعٍ كُنْتَ كَافِلَهُمْ
                                                                            مِنْ حَاسِبِينَ وَكُتَّابٍ وَأَعْوَانِ
                                                                    وَبِاسْمِ آلافِ أَطْفَالٍ تُقَوِّمُهُمْ
                                                                            عَلَى مَبَادِيءِ تَهْذِيبٍ وَعِرْفَانِ
                                                                    وَبِاسْمِ شَتَّى جَمَاعَاتٍ تُؤَازِرُهَا
                                                                            عَلَى تَبَايُنِ أَجْنَاسٍ وَأَدْيَانِ
                                                                    وَبِاسْمِ أَرْبَابِ عِيلاتٍ عَصَمْتَهُمُ
                                                                            مِنَ افْتِضَاحٍ بَبَدْلٍ طَيَّ كِتْمَانِ
                                                                    وَبِاسْمِ طَائِفَةٍ كُنْتَ العَمِيدَ لَهَا
                                                                            وَكُنْتَ حِصْناً لَهَا مِنْ كُلِّ عُدْوَانِ
                                                                    وَبِاسْمِ مَنْ لا يَكَادُ العَدُّ يَحْصُرُهُمْ
                                                                            فِي مِصْرَ وَالشَّرْقِ مِنْ صَحْبٍ وَأَخْدَانِ
                                                                    أُهْدِي أَكَالِيلَ تَبْقَى فِي نَضَارَتِهَا
                                                                            لا كَالأَكَالِيلِ مِنْ وَرْدٍ وَرَيْحَانِ
                                                                    أَزْهَارُهَا خَالِدَاتٌ بَهْجَةً وَشَذَاً
                                                                            لا يُجْتَنَى مِثْلُهَا مِنْ كُلِّ بُسْتَانِ
                                                                    جَنَّاتِهَا مُهَجٌ أَنْمَى نَدَاكَ بِهَا
                                                                            أَزْهَى الأَفَانِينِ مِنْ وُدٍّ وَشُكْرَانِ
                                                                    فَاذْهَبْ وَحَسْبُكَ تَبْجِيلاً وَتَكْرمَةً
                                                                            أَنْ عِشْتَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي فَضْلِكَ اثْنَانِ
                                                                    وَأَنَّ بَيْتَكَ مَا مَرَّتْ بِهِ حِقَبٌ
                                                                            حَلِيفُ نُجْحٍ وَإِقْبَالٍ وَعُمْرَانِ
                                                                    يَعْتَزُّ مِنْكَ بِتَذْكَارٍ يُتَوِّجُهُ
                                                                            وَمِنْ بَنِيكَ بِأَعْضَادٍ وَأَرْكَانِ
                                                                    لا فَرْقَ فِي ابْنٍ إِذَا عُدُّوا وَلا ابْنِ أَخٍ
                                                                            وَهَلْ هُمُ غَيْرُ أَنْدَادٍ وَإِخْوَانِ
                                                                    أَيُّ الأُمُورِ تَوَلَّوْهُ فَإِنَّ لَهُمْ
                                                                            فِيهِ تَصَرُّفَ إِبْدَاعٍ وَإِتْقَانِ
                                                                    هُمُ الشَّبَابُ الأُولَى تَعْتَزُّ أُمَّتُهُمْ
                                                                            بِهِمْ إِذَا أُممٌ بَاهَتْ بِفِتْيَانِ
                                                                    جِئْنَا نُلَطِّفُ تَبْرِيحَ المُصَابِ بِهِمْ
                                                                            إِنْ لَطَّفَ البَثُّ نِيرَاناً بِنِيرَانِ
                                                                    وَإِنَّ أَخْلَقَ مَفْجُوعٍ بِتَعْزِيةٍ
                                                                            تِلْكَ الَّتِي بَانَ عَنْهَا شَطْرُهَا الثَّانِي
                                                                    تِلْكَ الفَرِيدَةُ فِي الأَزْوَاجِ إِنْ ذُكِرَتْ
                                                                            دَارٌ تَقَاسَمَ فِيهَا البِرَّ زَوْجَانِ
                                                                    عَفِيفَةُ النَّفْسِ إِلاَّ عَنْ تَزَيُّدِهَا
                                                                            مِنَ الفَضَائِلِ مَا كَرَّ الجَدِيدَانِ
                                                                    رَعَتْ بَنِيهَا وَلَمْ تُغْفِلْ كَرَائِمَهَا
                                                                            فَنَشَّأَتْهُمْ عَلَى تَقْوَى وَإِيْمَانِ
                                                                    وَشَرَّفَتْ كُلَّ عِرْسٍ أَسْعَدَتْ رَجُلاً
                                                                            وَكُلَّ وَالِدَةٍ بَرَّتْ بِوِلْدَانِ
                                                                    يَا مَنْ نُوَدِّعُهُ قَسْراً وَنُودِعُهُ
                                                                            قَبْراً وَلَيْسَ الفِدَى مِنَّا بِإِمْكَانِ
                                                                    فُزْ بِالرِّضَى فِي جِوَارِ اللهِ وَارِثِ لَنَا
                                                                            فَنَحْنُ نَشْقَى وَأَنْتَ النَّاعِمُ الهَانِي