يَا ميُّ أَبْطَأ حَمْدي - خليل مطران
يَا ميُّ أَبْطَأ حَمْدي
                                                                            وَلمْ يَكنْ عَنْ عَمْدِ
                                                                    إِبْطَاؤُهُ وَأَبِيكِ
                                                                    أَظْفَرْتِنِي بِهَدِيهْ
                                                                            مِنْ كَفِّكِ الوَردِيهْ
                                                                    تُزْرِي هدايا المُلُوكِ
                                                                    ذَاكَ الكِتَابُ الثَّمِينُ
                                                                            فِيهِ البَلاَغُ المُبِينُ
                                                                    نصْحاً لِمُسْتَنْصِحِيكِ
                                                                    تَرْجَمْتِهِ وَقَلِيلُ
                                                                            فِي التَّرْجَماتِ الجَمِيلْ
                                                                    قَضِيَّةٌ تَعْدوكِ
                                                                    أَلنَّقْلُ غَيرُ الحَقِيقَهْ
                                                                            وَمَا أَتَى بِالسَّلِيقَهْ
                                                                    يَجِيءُ غَيْرَ ركِيكِ
                                                                    وَإِنَّ أَقْوَى بَيَانِ
                                                                            عِنْدَ اخْتِلاَفِ اللِّسَانِ
                                                                    ينَالُ بِالتَّفْكِيكِ
                                                                    ذاكَ اخْتِبَارِي وَلكِن
                                                                            أَكَادُ وَالبَالُ آمِنْ
                                                                    يا مَيُّ أَسْتَثْنِيكِ
                                                                    فَقَدْ أَجَدْتِ لَعَمْرِي
                                                                            تقْرِيبَ أَبْعدِ فِكْرِ
                                                                    إِجَادَةً تُرْضِيكِ
                                                                    وَزِدْتِ يَا مَيُّ فضْلاً
                                                                            فَأَصْبَحَ السِّفْرُ أَعْلى
                                                                    قَدراً لَدَى منْصِفِيكِ
                                                                    قَدَّمْتِهِ بِمَقَالِ
                                                                            أَعَزَّهُ فِي الَّلآلِي
                                                                    أَنْ صِيغَ فِي أَيْدِيكِ
                                                                    حُلْوٌ كَخَمْرِ القُسوسِ
                                                                            صَفْوٌ كَدَمْعِ العَروسِ
                                                                    سَمْحٌ كَوَجْهِ الضَّحوكِ
                                                                    أَخالنَا النَّثْرَ شِعْرا
                                                                            لِلهِ دَرُّكِ دَرَّاً
                                                                    لاَ عَاش مَنْ يَشْنُوكِ
                                                                    أَبْلِي الزَّمَانَ وَأَحْيِي
                                                                            وَاسْتَنْزِلي نُورَ وَحْيِي
                                                                    هدًى لِمسْتَطْلِعِيكِ
                                                                    وليَغْدُ عَصْرُكِ عصْرَاً
                                                                            لِلنَّابِهَاتِ وَفَجْرَا
                                                                    لِلنَّابِغاتِ َتلِيكِ
                                                                    بِفَضْلِ عقلٍ مُنِيرِ
                                                                            وَعَوْنِ قَلْبٍ كَبِيرِ
                                                                    لِلبرِّ يَنْبِضُ فِيكِ
                                                                    وَالقَلْبُ إِنْ هوَ جَلاًّ
                                                                            مَا زَالَ فِي كلِّ جُلَّى
                                                                    لِلْعقْلِ خَيْرَ شَرِيكِ
                                                                    سِرَّاهُمَا التَقَيَا فِي
                                                                            نَظْمٍ بِغَيْرِ قَوَافِي
                                                                    مِنَ الدُّمُوعِ مَحُوكِ
                                                                    لِلهِ تَنْزِيلُ حُسْنِ
                                                                            مِزَاجُ ظَرْفٍ وَحُزْنِ
                                                                    فِي آيَةٍ مِنْ فِيكِ
                                                                    بِهِ افْتَتَحْتِ الكِتَابَا
                                                                            وَصُغْتِ دُرّأً عُجَابَا
                                                                    فِي عَسْجَدٍ مَسْبُوكِ
                                                                    ذِكْرَى وَأَيَّةُ ذِكْرَى
                                                                            لِمَنْ تَولَّى فَقَرّاً
                                                                    وَلَمْ يَزَلْ يُبْكِيكِ
                                                                    ذِكْرَى شَقِيقٍ رَثيْتِ
                                                                            فعَاشَ مَا كُلُّ مَيْتِ
                                                                    بِالرَّاحِلِ المتْرُوكِ
                                                                    كَمِ اسْتَعدْتِ سَنَاهُ
                                                                            فَرَاعَنَا أَنْ نَرَاهُ
                                                                    فِي دَمْعِكِ المسْفُوكِ
                                                                    وَكَمْ تَحِيَّةُ نُورِ
                                                                            إليْهِ فِي الدَّيْجُورِ
                                                                    بَعَثْتِهَا فِي أَلُوكِ
                                                                    عَلاَمَ نوْحٌ وَشَجْوُ
                                                                            هَلْ لِلْفَرِيدَةِ صِنْوُ
                                                                    أَغْلَى فتىً يَفْدِيكِ
                                                                    لَهْفِي عَلَيْهِ هِلاَلاَ
                                                                            كَمْ قَبْلَهُ الدَّهْرُ غَالا
                                                                    أَهِلَّةً فِي الشُّكُوكِ
                                                                    لَوْ لَمْ يُعَاجِلْ لَتَمَّا
                                                                            فِي مطْلَعِ النُّبْلِ نَجْمَا
                                                                    أَلَمْ يَكُنْ بِأَخِيكِ