صَوْتُ الكِنَانَةِ فِي يُوبِيلِكَ الذَّهَبِي - خليل مطران
صَوْتُ الكِنَانَةِ فِي يُوبِيلِكَ الذَّهَبِي
                                                                            صَوْتٌ لَهُ رَجْعَةٌ فِي الْعَالَمِ الْعَرَبي
                                                                    فَصَارَ عِيدُكَ فِي الأَيَّامِ مَكْرُمَةً
                                                                            أَنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ فِي حَفْلٍ مِنَ الشُّهُبِ
                                                                    كَذَاكَ تَسْطَعُ أَنْوَارُ الْمَسِيحِ وَمَا
                                                                            مِنْ حَاجِبٍ فِي دَرَارِيهَا وَمُحْتَجَبِ
                                                                    للهِ أنْتَ وَهَذَا الْعِقْدُ مُنْتَظَماً
                                                                            حَوْلَ الأَرِيكَةِ مِنَ صَيَّابَةٍ نَخُبِ
                                                                    إِنَّا لَنَفْخَرَ وَالأَعْمَالُ شَاهِدَةٌ
                                                                            بِحِبْرِ أَحْبَارِنَا الْعَلاَّمَةِ الأَرِبِ
                                                                    الطَّاهِرِ الشَّيْمَةِ الصِّدِّيقِ في زَمَنٍ
                                                                            وُجُودُ أَمْثَالِهِ فِيهِ مِنَ الْعَجَبِ
                                                                    القَانِتِ الْعَائِفِ الدُّنْيَا لَطَالِبِهَا
                                                                            العِفِّ عَنْ غَيْرِ بَابِ اللهِ فِي الطَّلَبِ
                                                                    الصَّالِحِ الوَرِعِ المُوفِي أَمَانَتَهُ
                                                                            إِيفَاءَ مَنْ طَبْعُهُ يَنْبُو عَنِ الرِّيَبِ
                                                                    نِفْسٌ أَتَمُّ سَجَايَاهَا تَعَهُّدِهَا
                                                                            بِالْعِلْمِ وَالأَخْذِ لِلأَحْدَاثِ بِالأَهِبِ
                                                                    مِنَ النُّفُوسِ اللَّوَاتِي لاَ يَجُودُ بِهَا
                                                                            لِطْفُ الْعِنَايَةِ إِلاَّ فِي مَدَى حُقَبِ
                                                                    أَعَدَّهَا لِلْمُهِمَّاتِ الْجَلاَئِل مَا
                                                                            أَعَدَّهَا مِنْ يَقِينٍ غَيْرِ مُؤْتَشِبِ
                                                                    وَمِنْ فَضَائِلَ لاَ يُبْهَى مَحَاسِنُهَا
                                                                            في الأَمنْ إِلاَّ تَجْلِيهُنَّ في النُّوَبِ
                                                                    وَمَنْ مَنَاقِبَ أَزْكَاهَا وَأشْرَفَهَا
                                                                            تَكَرُّمُ الطَّبْعِ عَنْ حِقْدٍ وَعَنْ غَضَبِ
                                                                    وَمِنْ عَزَائِمَ لَمْ تَفْتَأْ مُصَرَّفَةً
                                                                            فِي النَّفْعِ لِلْنَّاسِ وَالتَّفْرِيجِ لِلْكَرَبِ
                                                                    شَمَائِلُ النُّبْلِ فِي كِيرلُّسَ اجْتَمَعَتْ
                                                                            أشْتَاتُهَا بَيْنَ مُوْهُوبٍ وَمُكْتَسَبِ
                                                                    وَهِيَ الَّتِي وَطَأَتْ أكْنَافَ مَنْصِبِهِ
                                                                            لَهُ وَأَذْنَتْ إِلَيْهِ أَرْفَعَ الرُّتَبِ
                                                                    فَجَشَّمَتْهُ أُمُوراً لاَ اضِّطِلاعَ بِهَا
                                                                            إِلاَّ لِنَدْبِ نَزِيهٍ غَيْرِ مُحْتَقَبِ
                                                                    فِي كُلِّ حالٍ عَلَى الْمَولَى تَوَكُّلُهُ
                                                                            كَمْ فِي التَّوَاكُّلِ مَنْجَاةٍ مِنَ الْعَطَبِ
                                                                    إِنْ يُرْجَ لاَ يُرْجَ إِلاَّ فَضْلُ بَارِئِهِ
                                                                            وَمَنْ رَجَا غَيْرَهُ يَوْماً وَلَمْ يَخِبِ
                                                                    يَعْنِي بِمَا يَتَوَخَّى غَيْرَ مُتَّئِدٍ
                                                                            فَمَا يَخَالُ لَهُ إِلاَّهُ مِنْ أَرَبِ
                                                                    هَلْ رَدَّدَتْ نَدْوَةٌ ذِكْرَى مَآثِرَهُ
                                                                            إِلاَّ وَقَدْ أَخَذَتْهَا هَزَّةُ الطَّرَبِ
                                                                    كَمْ بِيعَةٍ قَدِمَتْ عَهْداً فَجَدَّدَهَا
                                                                            وَبِيعَةٍ شَادَهَا مَرْفُوعَةَ القِبَبِ
                                                                    كَمْ دَارِ عِلْمٍ بَنَاهضا أَوْ مُرَدَّمَةٍ
                                                                            أَعَادَهَا فِي حِلَىً فَخْمَةٍ قَشِبِ
                                                                    كَمْ مَعْهَدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنْشَأَهُ
                                                                            لِمُسْتَضَامِ وَمُحْرُوبٍ وَمُغْتَرِبِ
                                                                    فِي كُلِّ ذَلِكَ لاَ يَأْلو مَبَانِيَهُ
                                                                            صَوْناً وَرَعْياً وَلاَ يَشْكُو مِنَ النَّصِبِ
                                                                    يَكَادُ يَسْأَلُ مَنْ يَدْرِي تَزَهُّدَهُ
                                                                            مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِذَاكَ الْمَالِ وَالنَّشبِ
                                                                    فَضْلٌ مِنَ اللهِ لاَ يَحْصِيهُ حَاسِبُهُ
                                                                            يُؤْتَأهُ كُلُّ نَدَىِّ الْكَفِّ مُحْتَسَبِ
                                                                    دَعْ مِنْ عَوَارِفِهِ مَا لَيْسَ يَعْلَمُهُ
                                                                            إِلاَّ الَّذِي كَفْكَفْتَ مِنْ دَمْعِهِ السَّرِبِ
                                                                    أوِ الَّذِي كَشَفَتْ ضَيْماً أَلَمَّ بِهِ
                                                                            أَوِ الَّذِي مَسَحَتْ مَا فِيهِ مِنْ وَصِبِ
                                                                    نَطَّافُ سُحْبِ وَلَكِنْ لاَ يُخَالِطُهَا
                                                                            عَوَارِضُ الْبَرْقِ وَالأَرَعَادِ في السُّحُبِ
                                                                    فَلاَ الإِذَاعَةُ تُدْمِي قَلْبَ مَنْ جَبِرَتْ
                                                                            وَلاَ الإِشَادَةُ تَنْضَى سِتْرَ مَنْتَقَبِ
                                                                    الصَّمْتُ أَفْصَحُ وَالأَفْعَالُ نَاطِقَةٌ
                                                                            مِمَّا تُنَمِّقَهُ الأقْوَالُ في الْخُطُبِ
                                                                    وَالسَّعْيُ أَبْلَغُ في نُجْحٍ وَمسْعَدَةٍ
                                                                            لِلنَّاسِ مِنْ شَقْشَقَاتِ المدْرَةِ الذَّرِبِ
                                                                    إِدا النُّفُوسُ إلى غَايَاتِهَا اتَّجَهَتْ
                                                                            وَلَمْ تُعَوِّلُ عَلَى الأَوْصَافِ وَالنَّسَبِ
                                                                    فَالنَّقْصُ في المُتَجَنِّي أَنْ تُنَقِّصُهَا
                                                                            وَالْعَيْبُ في رَأْيهِ الْمَأْفُونَ أَنْ يَعِبِ
                                                                    وَكَيْفَ يُحْسِنُ في فَضْلٍ شَهَادَتُهُ
                                                                            مَنْ لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَدِّ وَاللَّعِبِ
                                                                    إن الأُوْلَى بِالهُدَى وَالرِّفْقِ سِسْتَهُمُ
                                                                            دَهْراً سِيَاسَةَ رَاعِ صَالِحٍ وَأَبِ
                                                                    فَمَا ادْخَرْتَ نَفِيساً قَدْ تَضُنُّ بِهِ
                                                                            عَلَى الذَّرَاِري نَفْسُ الْوَالِدِ الحَدِبِ
                                                                    لَيَعْرِفُونَ لَكَ الْفَضْلَ الْعَظِيمَ بِمَا
                                                                            أَوْليتَ مِنْ مِنَنٍ مَوْصُولَةِ السَّبَبِ
                                                                    يَا سَادَةٌ يَزْدَهَى هَذَا الْمُقَامُ بِهِمْ
                                                                            مِنَ الأَسَاقِفَةِ الأَعْلاَمِ وَالنُّخَبِ
                                                                    مَا أَبْهَجَ الْعِيدَ وَالأَقْطَابُ تَجْمَعُهُمْ
                                                                            رَوَابِطُ الْوَدِّ حَوْلَ السَّيِّدِ الْقُطُبِ
                                                                    هَذِي الْمُشَارَكَةُ الْحُسْنَى تُسَجِّلُهَا
                                                                            لَكُمْ جَوَانِحُنَا فَضْلاً عَنِ الْكُتُبِ
                                                                    وَيَا مَلِيكاً ظَفِرْنَا مِنْ رِعَايَتِهِ
                                                                            بحُظْوَةٍ لَمْ تَدَعْ في النَّفْسِ مِنَ رَغِبِ
                                                                    قَلَّ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا في الْوَفَاءِ بِهَا
                                                                            لَوْ قُرْبَهُ مِنَ أَنْفُسِ الْقُرَبِ
                                                                    حَمْدٌ أَجَابَ إِلَيْهِ الْقَلْبَ دَاعِيَهُ
                                                                            وَلَّى بِهِ فَخْرُ مَنْدُوبٍ وَمُنْتَدَبِ
                                                                    فَهَلْ لَدَى بَابِكَ الْعَالِيِّ يَشْفَعُهُ
                                                                            صُدُورُهُ عَنْ صُدُورٍ فِيهِ لَمْ تَرِبِ
                                                                    للهِ دَرَّكَ فِيمَنْ سَادَ مُحْتَكِماً
                                                                            مِنْ عَاهِلٍ عَادِلٍ للهِ مُرْتَقِبِ
                                                                    مُقَلَّدٌ مِنَ سَجَايَاهُ نِظَامُ حُلَىً
                                                                            يَبُزُّ كُلَّ نِظَامٍ مُوْنَقٍ عَجِبِ
                                                                    يَرْعَى الْطَّوَائِفَ شَتَّى فِي مَذَاهِبَهَا
                                                                            وفي هَوَى مِصْرَ شَعْباً غَيْرَ مَنْشَعِبِ
                                                                    تَحِيطُ حُبّاً وَإِجْلاَلاً بِسُدَّتِهِ
                                                                            كَمَا يُحَاطُ سَوَادُ الْعَيْنِ بِالْهُدُبِ
                                                                    بَنَى الْمَفَاخِرَ َأنْوَاعاً مُنَوَّعَةً
                                                                            لِلْدِّينِ وَالْعِلْمِ أوْ لِلْفَنِّ وَالأَدَبِ
                                                                    وَقَادَ في سُبُلِ الْعَلْيَاءِ أُمَّتَهُ
                                                                            وَرَاضَهَا في مَرَاسِ الْدَّهْرِ بِالْغَلَبِ
                                                                    يَبْغِي بِكُلِّ مَرَامِي عَبْقَرِيَتِهِ
                                                                            تَكَافُؤَ الْحَسَبِ المَصْرِيِّ وَالْنَّسَبِ
                                                                    فَدُمْ لِمِصْرِكَ يَا مَوْلاَيّ مَفْخَرَةً
                                                                            فَوْقَ الْمَفَاخِرِ بَلْ لِلْشَّرْقِ وَالْعَرَبِ