مِصْرُ فِي مَوْقِفِ الدِّفَاعِ المَجِيدِ - خليل مطران
مِصْرُ فِي مَوْقِفِ الدِّفَاعِ المَجِيدِ
                                                                            أَيْنَ فِيه مَكَانُ عَبْدِ الحَمِيدِ
                                                                    أَيْنَ ذَاكَ الَّذي تَطَوَّعَ قِدْماً
                                                                            غَيْرَ هَيَّابَةٍ وَلاَ رِعْدِيدِ
                                                                    فاَصْطَلَى الحَرْبَ وَالحِمِيَّةُ تَحْدُو
                                                                            هُ وَحَقُّ الإِخَاءِ فِي التَّوْحِيدِ
                                                                    يَمْنَحُ الجَارَ فَوْقَ مَا يَتَمَنَّى
                                                                            جَارُهُ المُسْتَضَامُ مِنْ تَأْيِيدِ
                                                                    أَقَضَى اليَوْمَ حَتْفَ أَنْفٍ وَأَقْصَى
                                                                            مَا رَجَا أَنْ يَمُوتَ مَوْتَ شَهِيدِ
                                                                    كَانَ سَيْفاً لِقَوْمِهِ مِنْ سُيُوفٍ
                                                                            عَرَفَ القَوْمُ كُرْهَهَا لِلغُمُودِ
                                                                    فَتَرَدَّى فِي جَفْنِهِ وَاغْتِمَادُ السَّ
                                                                            يْفِ إِنْ طَالَ فَهْوَ بِالسَّيْفِ مُودِي
                                                                    حُكْمُ مَاءِ الفِرِنْدِ حُكْمُ سِوَاهُ
                                                                            كُلُّ مَاءٍ فَسَادُهُ فِي الرُّكُودِ
                                                                    فَلَئِنْ فَاتَهُ الجِهَادُ لَقَدْ هَيَّ
                                                                            أَ جِيلاً مِنَ الحُمَاةِ الصِّيدِ
                                                                    وَلِهَذَا عِنَايَةُ الله صَانَتْ
                                                                            قَلْبَ ذَاكَ المُغَامِرِ الصَّنْديدِ
                                                                    هَيَّأَتْ مَنْ تَخَيَّرَتْ لِيُوَلَّى
                                                                            جَيْشَ سَلمٍ يَغْزُو بِغَيْرِ الحَديدِ
                                                                    فِتْيَةُ المُسْلِمِينَ بِالعِلمِ وَالتَّقْ
                                                                            وَى لِخَيْرِ الفُتُوحِ خَيْرُ الجُنُودِ
                                                                    سَلَكُوا كُلَّ مَسْلَكٍ حَسَنٍ فِي
                                                                            طَاعَة اللهِ وَالتِزَامِ الحُدُودِ
                                                                    فَإِذَا اسْتُنْفِرُوا لِدَرْءِ الأَعَادي
                                                                            عَنْ حِمَاهُمْ فَمَا هُمُ بِقُعُودِ
                                                                    لَيْسَ بِدْعاً أَنْ يُرْخِصُوا غَالِيَ الدَّمْ
                                                                            عِ عَلَى ذَلِكَ الزَّعِيمِ الفَقِيدِ
                                                                    أَيُّ صَرْحٍ مُمَرَّدٍ دَكَّهُ رَيْ
                                                                            بُ المَنَايَا وَأَيُّ حِصْنٍ وَطِيدِ
                                                                    رَدَّدَ النَّاسُ فِيه بَيْتاً قَديماً
                                                                            عَادَ وَهْوَ الخَلِيقُ بِالتَّرْديدِ
                                                                    إِنَّ عَبْدَ الحَمِيد حِينَ تَوَلَّى
                                                                            هَدَّ رُكْناً مَا كَانَ بِالمَهْدُودِ
                                                                    لَمْ نَخَلُهُ يَنْقَضُّ إِلاَّ إِذَا انْقَ
                                                                            ضَّ شِهَابٌ أَوْ قِيلَ لِلأَرْضِمِيدي
                                                                    بَاذِخٌ فِي الرِّجَالِ يَسْمُو فَمَا تُخْ
                                                                            طِيءُ عَيْنٌ مَكَانَهُ فِي العَديدِ
                                                                    تَتَجَلَّى صَبَاحَةُ الوَجْهِ مِنْهُ
                                                                            فِي تَقَاسِيمَ مِنْ غَمَائِمَ سُودِ
                                                                    وَالعَصَا فِي يَمِينهِ لاَ تُضَاهَى
                                                                            مَلْمِساً نَاعِماً وَغِلْظَةَ عُودِ
                                                                    قُلِّمَ الشَّوْكُ مِنْ جَوَانِبِهَا وَابْ
                                                                            تَسَمَتْ فِي مَوَاضِعِ التَّجْرِيدِ
                                                                    هَيَ رَمْزُ الطَّبْعِ الشَّديد وَإِنْ كَا
                                                                            نَ عَلَى الوَادِعِينَ غَيْرَ شَديد
                                                                    قلِّبِ الطَّرْفَ فِي الَّذينَ تَرَاهُمْ
                                                                            حَوْلَهُ لاَ تَجِدْ لَهُ مِنْ نَديدِ
                                                                    رَجُلٌ لَم يُدَاجِ فِي أَمْرِ دُنْيَا
                                                                            هُ وَلاَ فِي صَلاَته وَالسُّجُود
                                                                    سَيْرُهُ سَيْرُهُ بِغَيْرِ التِوَاءٍ
                                                                            وَعَنِ الحَقِّ مَا لَهُ مِنْ مَحِيدِ
                                                                    صَادقٌ وَالزَّمَانُ غَيْرُ ذَمِيمٍ
                                                                            صِدْقَهُ وَالزَّمَانُ غَيْرُ حَمِيد
                                                                    وَهْوَ حَيْثُ الحِفَاظُ فِي كُلِّ حَالٍ
                                                                            لاَ بِوَعْدٍ يُثْنَى وَلاَ بِوَعِيدِ
                                                                    حُبُّهُ مِصْرَ قَلْبُهُ وَبِه يَحْ
                                                                            يَا لَهَا وَالوَفَاءُ حَبْلُ الوَرِيدِ
                                                                    إِنْ دَعَا الخُلفُ فَهْوَ غَيْرُ قَرِيبٍ
                                                                            أَوْ دَعَا الإِلْفُ فَهْوَ غَيْرُ بَعِيد
                                                                    وَاسِعُ الجُود لاَيَضَنُّ بِمَالٍ
                                                                            فِي سَبِيلِ الحِمَى وَلاَ مَجْهُود
                                                                    عَجَبٌ فِيه بَأْسُهُ وَنَدَاهُ
                                                                            وَالنَّدَى لَيْسَ مِنْ طِبَاعِ الأُسُودِ
                                                                    إِنْ فِي مِصْرَ بَعْدَهُ شَجَناً هَيْ
                                                                            هَاتَ يُنسَى إِلى زَمَان مَديد
                                                                    اَيُّهَا الحَافِظُونَ ذِكْرَاهُ مَا أَجْ
                                                                            دَرَ ذِكْرَى الأَبْطَالِ بِالتَّخْلِيدِ
                                                                    سَكَتَ النَّائِبُ الجَرِيءُ الجَهِيرُ ال
                                                                            صَّوْتِ فِي كُلِّ مَوْقِف مَشْهُودِ
                                                                    وَاسْتَقَرَّتْ دَارُ النِّيَابَةِ مِنْ أَسئِلَ
                                                                            ةٍ هَزَّهَا بِهَا وَرُدُودِ
                                                                    وَتَلاَ سَابِقيهِ بَاقٍ عَزِيزٌ
                                                                            مِنْ رِفَاقٍ لِمُصْطَفَى وَفَرِيدِ
                                                                    وَخَلاَ مَنْصِبُ الرِّيَاسَة لِلشُّبَّ
                                                                            انِ مِنْ خَيْرِ قَائِدٍ وَعَمِيدِ
                                                                    فَلْيَهَبْهُ الرَّحْمَنُ أَوْفَى جَزَاءٍ
                                                                            وَلْيُثِبْهُ التَّارِيخُ بِالتَّمْجِيدِ
                                                                    وَعَزَاءً لِمِصْرَ فَالخَطْبُ فِي الأُمَّ
                                                                            ة جَمْعَاءَ خَطْبُ آلِ سَعِيدِ