شُهُبٌ تَبِينُ فَمَا تَأُوبُ - خليل مطران
شُهُبٌ تَبِينُ فَمَا تَأُوبُ
                                                                            فَكَأَنَّهَا حَبَبٌ يَذُوبُ
                                                                    أَرَأَيْتَ فِي كَأْسِ الطِّلاَ
                                                                            دُرَراً وَقَدْ صَعِدَتْ تَصُوبُ
                                                                    هُوَ ذاكَ فِي لُجِِّ الدُّجَى
                                                                            طَفْوُ الدَّرَارِي وَالرُّسُوبُ
                                                                    لاَ فَرقَ بَيْنَ كَبِيرِهَا
                                                                            وَصَغِيرِهَا فِيمَا يَنُوبُ
                                                                    كُلٌّ إلى أَجَلٍ وَعُقْبَى
                                                                            كُلِّ طَالِعَةٍ وُقُوبُ
                                                                    أَلْيَوْمَ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ ال
                                                                            شِّعْرِ أَدْرَكَهُ الغُرُوبُ
                                                                    وَثَبَتْ بِهِ فِي أَوْجِهِ ال
                                                                            أسْنَى فَغَالَتْهُ شَعُوبُ
                                                                    لَقِيَ الحَقِيقَةَ شَاعِرٌ
                                                                            مَا غَرَّهُ الوَهْمُ الكَذُوبُ
                                                                    أوْفَى عَلَى عَدْنٍ وَمَا
                                                                            هُوَ عَنْ مَحَاسِنِها غَرِيبُ
                                                                    كَمْ بَاتَ يَشْهَدُهَا وَقَدْ
                                                                            شَفَّتْ لَهُ عَنْهَا الغُيُوبُ
                                                                    يَا خَطْبَ إسْمَاعِيلَ صَبْ
                                                                            رِي لَيْسَ تَبْلُغُكَ الخُطُوبُ
                                                                    جَزعَ الحِمَى لِنَعِيِّهِ
                                                                            وَبَكَاهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ
                                                                    أَيْ صَاحِبَيَّ لَقَدْ قَضَى
                                                                            أُسْتَاذُنَا البَرُّ الحَبِيبُ
                                                                    فَعَرَا قِلاَدَتَنَا وَكَا
                                                                            نَتْ زِينَةَ الدُّنْيَا شُحُوبُ
                                                                    إنِّ لأَذْكُرُ وَالأَسَى
                                                                            بَيْنَ الضُّلُوعِ لَهُ شُبُوبُ
                                                                    عَهْداً بِهِ ضَمَّتْ فُؤَا
                                                                            داً وَاحِداً مِنَّا الجُنُوبُ
                                                                    إذْ بَعْضُنَا مِنْ غَيْرِ مَا
                                                                            نَسَبٍ إلى بَعْضٍ نَسِيْب
                                                                    وَبِغَيْرِ قُرْبَى بَيْنَنَا
                                                                            كُلٌّ إلى كُلٍّ قَرِيْبُ
                                                                    أَلشِّعْرُ أَلَّفَنَا فَمَا اخْ
                                                                            تَلَفَ العَرِيقُ وَلاَ الجَنِيبُ
                                                                    وَالفَنُّ يَأْبَى أَنْ تُفَ
                                                                            رِّقَهُ المَوَاطِنُ وَالشُّعُوبُ
                                                                    مُسْتَشْرِفٌ لاَ السِّلْمُ
                                                                            طَلاَّعٌ إِلَيْهِ وَلاَ الحُرُوبُ
                                                                    يَضْفِي بِهِ الضَّوْءَ الهِلاَ
                                                                            لُ وَيَبْسُطُ الظِّلَّ الصَّلِيبُ
                                                                    لَوْ دَامَ ذَاكَ العَهْد لَ
                                                                            كِنْ هَلْ لِيَوْمِ رِضىً عَقِيبُ
                                                                    يَامِصْرُ قَامَ العُذْرُ إِنْ
                                                                            يُقْلِقْ مَضَاجِعَكِ الوَجِيبُ
                                                                    وَعَلَى فَقِيدٍ كَالَّذِي
                                                                            تَبْكِينَ فَلْيَكُنِ النَّحِيبُ
                                                                    مَاتَ الأَدِيبُ وَإِنَّهُ
                                                                            فِي كُلِّ مَعْنىً لَلأَدِيبُ
                                                                    مَاتَ المُحَامِي عَنْ ذِمَا
                                                                            رِكِ مَاتَ قَاضِيكِ الأَرِيبُ
                                                                    مَاتَ الأَبِيُّ وَتَحْتَ لَ
                                                                            يِّنِ قَوْلِهِ الرَّأْيُ الصَّلِيبُ
                                                                    مَاتَ الَّذِي تَدْعُوهُ دا
                                                                            عِيَةُ الوَلاَءِ فَيَسْتَجِيبُ
                                                                    مَاتَ الَّذِي مَا كانَ مَشْ
                                                                            هَدُهُ يَذَمُّ وَلاَ المَغِيبُ
                                                                    مَاتَ الَّذِي مَا كَانَ فِي
                                                                            أَخْلاَقِهِ شَيْءٌ يَرِيبُ
                                                                    مَاتَ الَّذِي مَنْظُومُهُ
                                                                            لأُلِي النُّهَى سِحْرٌ خَلُوبُ
                                                                    ألضَّارِبُ الأَمْثَالِ لَيْ
                                                                            سَ لَهُ بِرَوعَتِهَا ضَرِيبُ
                                                                    هلْ فِي الجَدِيدِ كَقَوْلِهِ ال
                                                                            مأْثُورِ وَالمَعْنَى جَلِيبُ
                                                                    آهَانِ لَوْ عَرَفَ الشَّبَا
                                                                            بُ وَآهِ لَوْ قَدَرَ المَشِيبُ
                                                                    شِعْرٌ عَلَى الأَيَّامِ يَرْ
                                                                            وِيهِ مُرَدِّدُهُ الطَّرُوبُ
                                                                    وَكَأنَّمَا فِي أُذْنِ قَا
                                                                            رِئِهِ يُغَنِّي عَنْدَلِيبُ
                                                                    كُلُّ المَعَانِي مُعْجِبٌ
                                                                            مَا شاءَ وَالمَبْنَى عَجِيبُ
                                                                    نَاهِيكَ بِالألْفَاظِ مِمَّ
                                                                            ا تجَوَّدَ اللَّبِقُ اللَّبِيبُ
                                                                    كَالدُّرِّ مُكِّنَ فِي العُقُو
                                                                            دِ وَلِلشُّعَاعِ بِهِ وُثُوبُ
                                                                    دِيبَاجَةٌ كَأَدَقِّ مَا
                                                                            نَسَجَتْ شَمَالٌ أوْ جَنُوبُ
                                                                    فِيهَا حِلَّى جِدُّ الفَوَا
                                                                            تِنِ وَشْيُهَا وَاشٍ لَعُوبُ
                                                                    آيَاتُ حُسْنٍ كُلُّهَا
                                                                            صَفْوٌ وَلَيسَ بِهَا مَشُوبُ
                                                                    فِي رِقَّةِ النَّسَمَاتِ بِال
                                                                            عَبَقِ الذَّكِيّ لَهَا هُبُوبُ
                                                                    تَسْتَافُهَا رأْدُ الضُّحَى
                                                                            وَيُظِلُّكَ الوَادِي الخَصِيبُ
                                                                    فِي بَهْجَةِ الزَّهْراتِ بَا
                                                                            كَرَهُنَّ مِدْرَارٌ سَكُوبُ
                                                                    فَاللَّحْظُ يَشْرَبُ وَالنَّدَى
                                                                            مَشْمُولَةٌ وَالكِمُّ كُوبُ
                                                                    كَنَسِيبِهِ الأَخَّاذِ بِ
                                                                            الألْبَابِ فَلْيَكُنِ النَّسِيبُ
                                                                    وَكَمَدْحِهِ المَدْحُ الَّذِي
                                                                            أَبَداً لَهُ ثَوبٌ قَشِيبُ
                                                                    وَكَوَصْفِهِ الوَصْفُ الَّذِي
                                                                            عَنْ رُؤيَةِ الرَّائِي يَنُوبُ
                                                                    يَتَنَاوَلُ الغَرَضَ البَعِي
                                                                            دّ إِذا البَعِيدُ هُوَ القَرِيبُ
                                                                    أوْ يُبْرِزُ الخَلْقَ السَّوِيَّ
                                                                            فَلِلْحَيَاةِ بِهِ دَبِيبُ
                                                                    كُلٌّ يُصَادِفُ مِنْ هَوَا
                                                                            هُ عِنْدَه مَا يَسْتَطِيبُ
                                                                    فَكَأَنَّ مَا تَجْري خَوَا
                                                                            طِرُهُ بِهِ تَجْرِي القُلُوبُ
                                                                    لِلَّهِ صَبْرِي وَهْوَ لِلُّ
                                                                            غَةِ الَّتِي انْتُهِكَتْ غَضُوبُ
                                                                    بِالرِّفْقِ يَنْقُدُ مَا يَزِي
                                                                            فُ المُخْطِئُونَ وَلاَ يَعِيبُ
                                                                    فِي رَأْيِهِ اللَّغَةُ البِلاَ
                                                                            دُ أَجَلْ هُوَ الرَّأْيُ المُصِيْبُ
                                                                    يُودِي الْفَصِيْحُ مِنَ اللُّغَا
                                                                            تِ إِذَا غَفَا عَنْهُ الرَّقِيبُ
                                                                    أَفْدِيكَ فَاَقْتَ الْحَيَا
                                                                            ةَ وَغَيْرُكَ الْجَزِعُ الْكَئِيبُ
                                                                    جَارَتْ عَلَيْكَ فَضَاقَ عَنْ
                                                                            سَعَةٍ بِهَا الذَرْعُ الرَّحِيبُ
                                                                    تِلْكَ الْحَيَاةُ وَمَا بِهَا
                                                                            إلاَّ لأَهْلِ الْخُبْثِ طِيبُ
                                                                    كَمْ بِتَّ فِي سُهْدٍ وَأَنْتَ
                                                                            لِغَايَةٍ شَقَّتْ طَلُوبُ
                                                                    جَوابُ آفَاقِ المَعَا
                                                                            رِفِ وَالأَسَى فِيمَا تَجُوبُ
                                                                    حَتَّى تُحَصِّلَ مَا تُحَصِّ
                                                                            لُ مِنْ فُنُونٍ لاَ تُثِيبُ
                                                                    وَجَزَاءُ كَدِّكَ ذَلِكَ ال
                                                                            دَّاءُ الدَّوِيُّ بِه تَثُوبُ
                                                                    أَلكَاتِبُ العَرَبِيُّ مَهْ
                                                                            مَا يَدْهَهُ فَلَهُ الذُّنُوبُ
                                                                    إِنْ لَمْ يُصِبْ مَالاً وَكَيْ
                                                                            فَ وَتِلْكَ بِيْئَتُهُ يُصِيبُ
                                                                    فَالْفَضْلُ مَنْقَصَةٌ لَهُ
                                                                            وَخِلاَلُهُ الحُسْنَى عُيُوبُ
                                                                    وَيَمُرُّ بِالْعَيْشِ الكَرِي
                                                                            مِ وَمَا لَهُ مِنْهُ نَصِيبُ
                                                                    فَإِذا قَنَى مَالاً كَمَا
                                                                            يَقْنِي لِعُقْبَاهُ الحَسِيبُ
                                                                    حَذَرَ المَهَانَاتِ الَّتي
                                                                            مُتَقَدِّمُوهُ بِهَا أُصِيْبُوا
                                                                    أَفْنَى بِمَجْهُودَيْهِ قُوَّ
                                                                            تَهُ وَأَرْدَاهُ اللُّغُوبُ
                                                                    قَتْلاً بِنَفْثِ دَمٍ قُتِلْ
                                                                            تَ وَعَجَّ مَرقَدُكَ الخَصِيبُ
                                                                    فَثَوَيْتَ فِي الْيَومِ المُنَ
                                                                            جِّي وَاسْمُهُ اليَوْمَ الْعَصِيبُ
                                                                    وَبِحَقِّ مَنْ كُنْتَ المُنِي
                                                                            بَ إِلَيْهِ يَا نِعْمَ المُنِيبُ
                                                                    لأخَفُّ مِنْ بَعْضِ المَقَا
                                                                            لَةِ ذَلِكَ المَوتُ الْحَزِيبُ
                                                                    أَعْنِي مَقَالَةَ كَاشِحٍ
                                                                            فِي قَدْرِكَ الْعَالِي يُرِيبُ
                                                                    مِمن يَهَشُّ كَما تَثَا
                                                                            ءَبَ وَهُوَ طاوِي الكشْحِ ذِيبُ
                                                                    شرُّ الأَنامِ البَاسِمو
                                                                            ن وفِي جَوَانِحِهِمْ لَهِيبُ
                                                                    أَلمُدَّعُون الْبَحْثَ حِي
                                                                            نَ الْقَصْدُ مِنْهُمْ أَنْ يَغِيبُوا
                                                                    مُتنقِّصُو مَحْسُودِهِمْ
                                                                            وَلَهُ التَّجِلَّةُ وَالرُّجُوبُ
                                                                    فِئَةٌ تَنَالُ مِنَ الْفَتى
                                                                            ما لَمْ تَنَلْ مِنْهُ الْكُرُوبُ
                                                                    لِفَخَارِهَ تَأْسى كَ
                                                                            أنَّ فَخَارُهُ مِنْهَا سَلِيبُ
                                                                    قَلَتْ لِتَضْلِيلِ العُقُو
                                                                            لِ وَلَيسَ كَالتَّضْلِيلِ حُوبُ
                                                                    صَبْرِي مُقِلٌّ وَردُهُ
                                                                            عَذْبٌ وَآفَتُهُ النُّضُوبُ
                                                                    أَخْبِثْ بِمَا أَخْفَوْا وَظَا
                                                                            هِرُ قَصْدِهِمْ عَطْفٌ وَحُوبُ
                                                                    مَا الشِّعْرُ يا أَهْلَ النُّهَى
                                                                            وَالذِّكْرُ دِيوَانٌ رَغِيبُ
                                                                    مَنْ يَسْأَلِ الحُصَرِيَّ وَ ابْ
                                                                            نَ ذُرَيْقَ فَاسْمُهُمَا يُجِيبُ
                                                                    أَزْهَى وَأَبْهى الوَرْدِ لاَ
                                                                            يأْتِي بِهِ الدَّغَلُ العَشِيبُ
                                                                    مَاذا أَجَادَ سِوَى القَلِيلِ
                                                                            أَبُو عُبَادَةَ أَوْ حَبِيبُ
                                                                    لَوْ طَبَّقَ السَّبْعَ النَّعِي
                                                                            بُ أَيُطْرِبُ السَّمْعَ النَّعِيبُ
                                                                    أَوْ لَمْ يَطُلْ شَدُوٌ وَشَا
                                                                            دِيهِ الهَزَارُ أَمَا يَطِيبُ
                                                                    أَلشِّعْرُ تَلْبِيَةُ الْقَوَا
                                                                            فِي وَالشُّعُورُ بِها مُهِيبُ
                                                                    وَبِهِ مِنَ الإِيقَاعِ ضَرْ
                                                                            لاَ تُحَاكِيهِ الضّرُوبُ
                                                                    هُوَ مَحْضُ مُوسِيقَى وَحِسَّ
                                                                            اتٌ تُصَوِّرُهَا الضُّرُوبُ
                                                                    هُوَ نَوْحُ سَاقِيَةٍ شَكَتْ
                                                                            لا َقَدْرُ مَا يَحْوِي القَلِيبُ
                                                                    هُوَ مَا بَكَاهُ الْقَلْبُ لاَ
                                                                            مِعْيَارُ مَا جَرَتِ الغُرُوبُ
                                                                    هُوَ أَنَّةٌ وَتَسِيلُ مِنْ
                                                                            جَرَّائِهَا نَفْسٌ صَبِيبُ
                                                                    عَمَدُوا إِلَيْكَ وَأَنْتَ مَيْ
                                                                            تٌ ذَاكَ بَأْسُهُمُ الغَريبُ
                                                                    وَلَقَدْ تَرَاهُمْ سَخِراً
                                                                            مِنْهُمْ وَأَشْجَعُهُمْ نَخِيبُ
                                                                    خَالُوا رَدَاكَ إِبَاحَةٌ
                                                                            خَابُوا وَمِثْلُهُمُ يَخِيبُ
                                                                    فَاذْهَبْ أَبَا الشُّعَراءِ فَخْ
                                                                            رُكَ لَيسَ ضَائِرَهُ الذُّهُوبُ
                                                                    أَمَّا بَنُوكَ فَعِنْدَ ظَنِّ
                                                                            الْنُبْلِ أَبْرَارٌ نُدُوبُ
                                                                    نَمْ عَنْهُمُو وَمَقَامُكَ ال
                                                                            عَالي وَجَانِبُكَ المَهِيبُ
                                                                    لَكَ فِي النُّهَى بَعْدَ النَّوَى
                                                                            شَفَقٌ وَلَكِنْ لاَ يَغِيبُ