يَا ابْنَ لُبْنَانَ عُدْ إِلَى لُبْنَانِ - خليل مطران
يَا ابْنَ لُبْنَانَ عُدْ إِلَى لُبْنَانِ
                                                                            نَازِلاً مِنْهُ فِي أَعَزِّ مَكَانِ
                                                                    مِصْرُ تُهْدِي إِلَيْهِ مضنْ هُوَ أَهْدَا
                                                                            هُ إِلَيْهَا تَهَادِيَ الخُلْصَانِ
                                                                    لَيْسَ بِدْعاً وَفِي القُلُوبِ صَفَاءٌ
                                                                            مَا يُرَى مِنْ تَقَارُضِ الجِيْرَانِ
                                                                    سَاءَ هِجْرَانُكَ الرِّفَاقَ وَلَكِنْ
                                                                            لَيْسَ بَيْنَ القُطْرَيْنِ مِنْ هِجْرَانِ
                                                                    وَطَنٌ وَاحِدٌ وَتَجْمَعُهُ الضَّا
                                                                            دُ لِمَغْزًى فِي لَفْظَةِ الأَوْطَانِ
                                                                    فَتَيَمَّمْ تِلْكَ الرُّبَى وَالقَ مَنْ نَمْ
                                                                            حَضُهُمْ وُدَّنَا مِنَ الإِخْوَانِ
                                                                    وَاسْتَزِدْهُمْ مَا تُسْتَزَادُ قُوَاهُمْ
                                                                            مِنْ تَبَارٍ فِي حُبِّهَا وَتَفَانِ
                                                                    لا يَكُنْ بَيْنَكُمْ لِخِدْمَتِهَا غَيْ
                                                                            رُ الوَفِيِّ السَّمَيْذَعِ المِعْوَانِ
                                                                    فَزِعَتْ أُمَّةٌ إِلَيْكِ فَنُبَ عَنْ
                                                                            هَا وَقَرِّبْ لَهَا بَعِيدَ الأَمَانِي
                                                                    وَابْتَغِ الخَيْرَ مَا اسْتَطَعْتَ سَبِيلاً
                                                                            وَاحْمِ ذَاكَ الحِمَى مِنَ العُدْوَانِ
                                                                    وَتَوَخَّ الرَّأْيَ السَّدِيدَ عَلَى مَا
                                                                            دُونَ تَسْدِيدِهِ الضْمِيرُ يُعَانِي
                                                                    ذَاكَ حَوْضٌ فِدَاهُ كُلُّ نَفِيسٍ
                                                                            فَافْدِهِ بِالفُؤَادِ قَبْلَ اللِّسَانِ
                                                                    كَافِحِ الخَصْمَ دُونَهُ وَادْرَأِ البَا
                                                                            طِلَ عَنْهُ بِقُوَّةِ البُرْهَانِ
                                                                    رُبَّ قَوْلٍ يُصَاغُ مِنْ ذَوْبِ قَلْبٍ
                                                                            صَهَرَتْهُ حَرَارَةُ الإِيمانِ
                                                                    لَسْتُ أُوصِيكَ كيْفَ يُوصَى حَكِيمٌ
                                                                            وَلَهُ دَانَ ذَانِكَ الأَصْغَرَانِ
                                                                    يَا طَبِيبَ الأَبْدَانِ تَهْنِيءُ أَرْ
                                                                            شَدْتَ أَوْ عِدْتَ صِحَّةُ الأَبْدَانِ
                                                                    يَا خَطِيباً يُقَوِّمُ الدَّهْرَ مْنْآ
                                                                            داً وَيَثْنِي شَكِيمَةَ الحِدْثَانِ
                                                                    يَا أَدِيباً إِلَى النُّفُوسِ يُؤَدِّي
                                                                            بِأَرَقِّ الأَلفَاظِ أَخْفَى المَعَانِي
                                                                    يَا صَدِيقاً حِرْمَانُ أَصْحَابِهِ الأُنْ
                                                                            سَ بِلُقْيَاهِ غَايَةُ الحِرْمَانِ
                                                                    كَانَ لِلنَّأْيِ فِي النُّفُوسِ انْقِبَاضٌ
                                                                            بَسَطَتْهُ يَدٌ لِهَذَا الزَّمَانِ
                                                                    كُلُّ قَاصٍ دَنَا بِمَا أَبْدَعَ العِ
                                                                            لْمُ إِلَى أَنْ تَلامَسَ القُطْبَانِ
                                                                    وَاسْتَطَاعَ النَّاؤُونَ بَيْنَهُمَا أَنْ
                                                                            يَتَلاقَوْا تَلاقِي الأَجْفَانِ
                                                                    أُلغِيَ البُعْدُ فِي المَسَافَةِ إِلاَّ
                                                                            مِنْ جَنَانٍ وَقَدْ نَبَا بِجَنَانِ
                                                                    سِرْ تُسَايِركَ لِلْعِنَايَةِ عَيْنٌ
                                                                            مُلِئَتْ مِنْ رِعَايَةِ وَحَنَانِ
                                                                    فَإذَا مَا أَتَيْتَ بَيْرُوتَ وَاسْتَشْ
                                                                            رَفْتَ آيَاتِ حُسْنِهَا الفَتَّانِ
                                                                    فِي جِنَانٍ لَعَلَّهَا الصُّورَةُ الصُّغْ
                                                                            رَى تَرَاءَتْ لِخَالِدَاتِ الجِنَانِ
                                                                    فَتَفَقَّدَ سَفْحاً فَخُوراً تَوَارَى
                                                                            تَحْتَ حَانٍ مِنْ سَرْحِهِ شَاعِرَانِ
                                                                    لاحِقٌ بَعْدَ سَابِقٍ وَهُمَا فِي السِّ
                                                                            نِّ تِرْبَانِ وَالحِجَى نِدَّانِ
                                                                    كَابَدَا فِي الحَيَاةِ مَا كَابَدَِاهُ
                                                                            وَاسْتَقَرَّا يُدْنِيهِمَا الرَّمْسَانِ
                                                                    حَيِّ إِليَاسَ حَيِّ طَنْيُوسَ حَيْثُ ال
                                                                            أَلمِعيَّانِ فِي الثَّرَى جَارَانِ
                                                                    وَابْتَعِثْ خَافِقَيْهِمَا مِنْ سُكُونٍ
                                                                            بَعْدَ صَوتٍ دَوَّى بِهِ الخَافِقَانِ
                                                                    ثُمَّ رَوِّحْهُمَا بِنَافِحَةٍ مِنْ
                                                                            رَوْضِ مِصْرَ زَكِيَّةِ الأَرْدَانِ
                                                                    قُلْ وَحَقِّ الوَفَاءِ لَسْنَا بِسَالِ
                                                                            يْنَ وَمَا وَحْشَةٌ سِوَى السُّلْوَانِ
                                                                    فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِنَا عَنْ
                                                                            كُمَا رَجْعاً بِهِ فِي نوَاكُمَا تَأْنَسَانِ
                                                                    شَدَّ مَا نَحْنُ وَاجِدُونَ مِنَ التَّبْ
                                                                            رِيحِ هَلْ مِثْلَ وَجْدِنَا تَجِدَانِ
                                                                    أَبِقَلْبَيْكُمَا مِنَ الشَّوْقِ بَاقٍ
                                                                            فَاشْفِيَاهُ بِدَمْعِنَا الهَتَّانِ
                                                                    يَا نِقُولا عِشْ لِلْفَصَاحَةِ وَالشِّعْ
                                                                            رِ وَلِلْعِلْمِ وَالحِجَى وَالبَيَانِ
                                                                    لا حُرِمْنَا أَنْوَارَ مِرْقَمِكَ الهَا
                                                                            دِي وَأَنْغَامَ صَوْتِكَ الرَّنَّانِ