الضَّاحِكُ اللاَّعِبُ بِالأَمْسِ - خليل مطران
الضَّاحِكُ اللاَّعِبُ بِالأَمْسِ
                                                                            بَاتَ صرِيعاً فَاقِدَ الأُنْسِ
                                                                    أَوْحَشَنا تمْثِيلُهُ جَامِعاً
                                                                            ما شاقَ مِنْ رَمْزٍ وَمِنْ نَبْسِ
                                                                    وَذَلِكَ الإِلْقَاءُ مُسْتظْرِفاً
                                                                            مِنْ فمِهِ فِي الْجَهْرِ وَالْهَمْسِ
                                                                    وَذِلكَ التَّعْقِيبُ فِي فنِّهِ
                                                                            بَيْنَ صَفاءِ العَقْلِ وَالمَسِّ
                                                                    عَفا مِنَ الدنْيَا عَلَى أَنَّهُ
                                                                            عُوفِيَ مِنْ صَادِعَةِ الرَّأسِ
                                                                    كمْ رَاقِصٍ فِي عُرْسِهَا رُبَّمَا
                                                                            كَان هُوَ الأَتْعَسَ فِي العُرْسَ
                                                                    أَمْسَى وَمَا قوْلِي كَذَا فِي امْرِيءٍ
                                                                            لاَ مُصِبحٍ بَعْدُ وَلاَ مُمْسِي
                                                                    فِي مَوْطِنٍ حُرٍ نفَى عَدلُهُ
                                                                            مَا كُان مِنْ سعْدٍ وَمِنْ نَحْسِ
                                                                    مَاذَا تُرَاهُ ناقِلاً فِي دُجَى
                                                                            مثْواهُ لِلجِنِّ وَلِلأَنْسِ
                                                                    أَم أَخْرَسَتْهُ سِنَةٌ ذاقَهَا
                                                                            بيْنَ نَدَامَى هُمًّدٍ خُرسِ
                                                                    لَهَفِي عَلَيهِ وَعَلَى ذَاهِبٍ
                                                                            فِي إِثْرِهِ يَعْثُرُ بِاليَأْسِ
                                                                    حَيٌّ وَما فِي الفَضْلِ مِنْ جسْمِهِ
                                                                            حَيٌّ سِوَى فضْلٍ مِنَ الحِسِّ
                                                                    يلْقِي علَيْكُمْ مِنْ بَقايَا القوَى
                                                                            آخرَ مَا يُلْقَى مِنَ الدَّرْسِ
                                                                    فِي الخافِتِ الرَّاجِفِ مِنْ صَوْتِهِ
                                                                            رَجْعّ بَعِيدٌ مِنْ صَدَى نَفْسِ
                                                                    إِحسَانكمْ يُمْسِكُ حَوْبَاءَهُ
                                                                            عَلَى شَفا هَارٍ مِنَ البُؤْسِ
                                                                    نَبَتْ بِهِ الْخَيْبةُ عَنْ مُلْكِهِ
                                                                            فِي الرومِ وَالأَعْرَابِ وَالفرْسِ
                                                                    وإِنمَا العَاثِرُ عَنْ وَهْمِهِ
                                                                            كَالْحَاكِمِ الْهَاوِي عَنِ الكٌرْسِي
                                                                    يَا سَادَةً وَاسَوْا بِآلاَئِهِمْ
                                                                            ذُرِّيَّةً فِي مُنْتَهى التَّعْسِ
                                                                    فِي أَيِّ قُطْرٍ عَاشَ أَمْثالُكُمْ
                                                                            فَلَيْسَ فِي البَأْسَاءِ مِنْ بِأْسِ
                                                                    لاَ يُقْتَلُ الظَّمْآن فِي حَيِّكم
                                                                            مَا دَامَ فضْلُ المَاءِ فِي الكأْسِ