كلوا و اشربوا - إيليا أبو ماضي
كلوا و اشربوا أيّها الأغنياء
                                                                            و إن ملأ السكك الجائعون
                                                                    و لا تلبسوا الخزّ إلاّ جديدا
                                                                            و إن لبس الخرق البائسون
                                                                    و حوطوا قصوركم بالرجال ،
                                                                            و حوّطوا رجالكم بالحصون
                                                                    فلا ضحايا الطّوى
                                                                            و لا يبصرون الذي تصنعون
                                                                    و إن ساءكم في الوجود
                                                                            و أزعجكم أنّهم يولون
                                                                    مرّوا فتصول الجنود عليهم
                                                                            تعلّمهم فتك المنون
                                                                    فهم معتدون ، و هم مجرمون
                                                                            و هم مقلقون ، و هم ثائرون
                                                                    و تلك العصيّ لتلك الرؤوس
                                                                            و تلك الحراب لتلك البطون
                                                                    و تلك السّجون لمن شدّتموها
                                                                            إذا تزجّوهم في السّجون ؟
                                                                    كلوا للظبي حلق عاماتهم
                                                                            فإنّ الملوك كذا يفعلون
                                                                    إذا الجند لم يحرسوكم و أنتم
                                                                            سراة البلاد فمن يحرسون ؟
                                                                    و إن هم لم يقتلوا الأشقياء
                                                                            فيا ليت شعري من يقتلون ؟
                                                                    و لا يحزننّكم موتهم
                                                                            فإنّهم للردى يولدون
                                                                    و قولوا كذا قد أراد الإله
                                                                            و إن قدّر الله شيئا يكون
                                                                    و يا فقراء لماذا التشكّي ؟
                                                                            ألا تستحون ؟ ألا تخجلون ؟
                                                                    دعوا الأغنياء و لذّاتهم
                                                                            فهم مثل لذّاتهم زائلون
                                                                    سيمسون في " سقر " خالدين
                                                                            و تمسون في جنّة تنعمون
                                                                    فلا تعطشون ، و لا تسغبون ،
                                                                            و لا يرتوون ، و لا يشبعون
                                                                    لكم وحدكم ملكوت السّماء
                                                                            فما بالكم لستم تقنعون ؟
                                                                    فلا تحزنوا أنّكم ساهرون
                                                                            فسوف تنامون ملء الجفون
                                                                    ستتّكئون مع الأنبياء
                                                                            تظلّلكم وارفات الغصون
                                                                    يضوع السّنا بالشّذى
                                                                            و تجري الطّلا أنهرا و عيون
                                                                    و تسقيكم الخمر حور حسان
                                                                            كما يشتهين ، كما تشتهون
                                                                    كذا وعد الله أهل التقى
                                                                            و أنتم هم ، أيّها ، المتعبون
                                                                    ألا تؤمنون بقول الكتاب ؟
                                                                            فويل لكم إنّكم كافرون !