القصيدة الناقصة - سميح القاسم
أمرُّ ما سمعت من أشعارْ
                                                                    قصيدةٌ.. صاحبها مجهول
                                                                    أذكر منها، أنها تقول:
                                                                    سربٌ من الأطيارْ
                                                                    ليس يهمّ جنسُه..سرب من الأطيار
                                                                    عاش يُنغِّمُ الحياه
                                                                    قي جنَّةٍ..يا طالما مرَّ بها إله
                                                                    ***
                                                                    كان إن نشنَشَ ضَوءْ
                                                                    على حواشي الليل..يوقظ النهار
                                                                    و يرفع الصلاه
                                                                    في هيكل الخضرة، و المياه، و الثمر
                                                                    فيسجد الشجر
                                                                    و يُنصت الحجر
                                                                    و كان في مسيرة الضحى
                                                                    يرود كل تلّة.. يؤم كل نهرْ
                                                                    ينبّه الحياة في الثّرى
                                                                    و يُنهِض القرى
                                                                    على مَطلِّ خير
                                                                    و كان في مسيرة الغيابْ
                                                                    قبل ترمُّد الشعاع في مجامر الشفق
                                                                    ينفض عن ريشاته التراب
                                                                    يودّع الوديان و السهول و التلال
                                                                    و يحمل التعب
                                                                    و حزمة من القصب
                                                                    ليحبك السلال
                                                                    رحيبةً..رحيبةً..غنيّة الخيال
                                                                    أحلامُها رؤى تراود الغلال
                                                                    و تحضن العِشاشُ سربَها السعيد
                                                                    و في الوهاد، في السفوح، في الجبال
                                                                    على ثرى مطامحِ لا تعرف الكلال
                                                                    يورق ألف عيد
                                                                    يورق ألف عيد..
                                                                    ***
                                                                    و كان ذات يوم
                                                                    أشأم ما يمكن أن يكون ذات يوم
                                                                    شرذمةٌ من الصّلال
                                                                    تسرّبت تحت خِباءِ ليلْ
                                                                    إلى عِشاشِ.. دوحها في ملتقى الدروب
                                                                    أبوابها مشرّعةْ
                                                                    لكل طارقٍ غريب
                                                                    و سورها أزاهرٌ و ظل
                                                                    و في جِنان طالما مرَّ بها إله
                                                                    تفجّرت على السلام زوبعهْ
                                                                    هدّت عِشاشَ سربنا الوديع
                                                                    و هَشَمتْ حديقةً.. ما جدّدت (( سدوم ))(1)
                                                                    و لا أعادت عار (( روما )) الأسود القديم
                                                                    و لم تدنّس روعة الحياه
                                                                    و سربُنا الوديع ؟!
                                                                    ويلاه.. إنّ أحرفي تتركني
                                                                    ويلاه.. إنّ قدرتي تخونني
                                                                    و فكرتي.. من رعبها تضيع
                                                                    و ينتهي هنا..
                                                                    أمر ما سمعت من أشعار
                                                                    قصيدة.. صاحبها مات و لم تتم
                                                                    لكنني أسمع في قرارة الحروف
                                                                    بقيّة النغم
                                                                    أسمعُ يا أحبّتي.. بقيّة النغمْ