السلام ... - سميح القاسم
ليُغنِّ غيري للسلامْ
                                                                    ليُغنِّ غيري للصداقة، للأخوّةِ، للوئامْ
                                                                    ليُغنِّ غيري.. للغراب
                                                                    جذلانَ ينعقُ بين أبياتي الخراب
                                                                    للبوم.. في أنقاضِ أبراجِ الحمام !
                                                                    ليُغنِّ غيري للسلام
                                                                    و سنابلي في الحقل تجهشُ بالحنين
                                                                    للنورج المعبود يمنحها الخلود من الفناء
                                                                    لصدى أغاني الحاصدين
                                                                    لِحُداء راعٍ في السفوح
                                                                    يحكي إلى عنزاته.. عن حّبّه الخَفِرِ الطموح
                                                                    و عيونهِا السوداء.. و القدِّ المليح
                                                                    ***
                                                                    ليُغنِّ غيري للسلام
                                                                    و العينُ ما عادت تبلُّ صدى شُجيرات العنب
                                                                    و فروعُ زيتوناتها.. صارت حطب
                                                                    لمواقد اللاهين.. يا ويلي.. حطب!
                                                                    و سياجُنا المهدودُ أوحشهُ صهيل الخيل في الطِّفلِ المهيب
                                                                    و الُجرن يشكو الهجرَ.. و الإبريقُ يحلم بالضيوف
                                                                    بالـ (( يا هلا )) ! .. عند الغروب
                                                                    و رؤى البراويز المُغَبَّرةِ الحطيمه
                                                                    تبكي على أطرافها، نُتفٌ من الصور القديمة
                                                                    و حقائبُ الأطفال... أشلاءٌ يتيمه
                                                                    لبثت لدى أنقاض مدرسةٍ مهدّمةٍ حزينه
                                                                    ما زال في أنحائها.. ما زال يهزاُ بالسكينه
                                                                    رَجعٌ من الدرس الأخير..
                                                                    عن المحبة و السلام !!
                                                                    ***
                                                                    ليُغنِّ غيري للسلام
                                                                    و هناك.. خلف حواجز الأسلاك.. في قلب الظلام
                                                                    جثمت مدائن من خيام
                                                                    سُكّانُها..
                                                                    مستوطنات الحزن و الحمّى، و سلّ الذكريات
                                                                    و هناك.. تنطفئ الحياة
                                                                    في ناسِنا..
                                                                    في أبرياء.. لم يسيئوا للحياة !
                                                                    و هنا... !
                                                                    هَمَت بيّارةٌ من خلقهم.. خيراً كثير
                                                                    أجدادهم غرسوا لهم..
                                                                    و لغيرهم، يا حسرتي، الخير الكثير
                                                                    و لهم من الميراث أحزان السنين !
                                                                    فليشبع الأيتام من فضلات مأدبة اللئام !!
                                                                    ***
                                                                    ليُغنِّ غيري للسلام..
                                                                    و على ربى وطني، و في وديانه.. قُتِل السلام ؟
                                                                    (الأسطر الثمانية الأخيرة من هذه القصيدة محذوفة بالشكل التالي:
                                                                    )X X X X X X X X
                                                                    لا نُصبَ.. لا زَهرةَ.. لا تذكار
                                                                    لا بيتَ شعرٍ.. لا ستار
                                                                    لا خرقة مخضوبة بالدم من قميص
                                                                    كان على إخوتنا الأبرار
                                                                    لا حَجَرٌ خُطّت به أسماؤهم
                                                                    لا شيءَ.. يا للعار
                                                                    ***
                                                                    أشباحُهم ما برحت تدورْ
                                                                    تنبش في أنقاش كَفْر قاسم القبور
                                                                    (الأسطر الثمانية الأخيرة من هذه القصيد أيضاً محذوفة بإشارة الرقيب الصهيوني...)