صوت الجنة الضائع - سميح القاسم
صوتها كان عجيباً
                                                                    كان مسحوراً قوياً.. و غنياً..
                                                                    كان قداساً شجيّاً
                                                                    نغماً و انساب في أعماقنا
                                                                    فاستفاقت جذوة من حزننا الخامد
                                                                    من أشواقنا
                                                                    و كما أقبل فجأة
                                                                    صوتها العذب، تلاشى، و تلاشى..
                                                                    مسلّماً للريح دفئَه
                                                                    تاركاً فينا حنيناً و ارتعاشا
                                                                    صوتها.. طفل أتى أسرتنا حلواً حبيباً
                                                                    و مضى سراً غريبا
                                                                    صوتها.. ما كان لحناً و غناءاً
                                                                    كان شمساً و سهوباً ممرعه
                                                                    كان ليلا و نجوما
                                                                    و رياحاً و طيوراً و غيوما
                                                                    صوتها.. كان فصولاً أربعه
                                                                    لم يكن لحناً جميلاً و غناءا
                                                                    كان دنياً و سماءا
                                                                    ***
                                                                    و استفقنا ذات فجر
                                                                    و انتظرنا الطائر المحبوب و اللحن الرخيما
                                                                    و ترقّبنا طويلا دون جدوى
                                                                    طائر الفردوس قد مدّ إلى الغيب جناحا
                                                                    و النشيد الساحر المسحور.. راحا..
                                                                    صار لوعه
                                                                    صار ذكرى.. صار نجوى
                                                                    و صداه حسرةً حرّى.. و دمعه
                                                                    ***
                                                                    نحن من بعدك شوق ليس يهدا
                                                                    و عيونٌ سُهّدٌ ترنو و تندى
                                                                    و نداءٌ حرق الأفقَ ابتهالاتِ و وجْدا
                                                                    عُدْ لنا يا طيرنا المحبوب فالآفاق غضبى مدلهمّه
                                                                    عد لنا سكراً و سلوانا و رحمه
                                                                    عد لنا وجهاً و صوتا
                                                                    لا تقل: آتي غداً
                                                                    إنا غداً.. أشباح موتى !!