أيها العيد كن سعيداً ! - خميس
آسِفٌ ! ، إنْ طرقتَ يا عيدُ بابي
                                                                    آيباً ، بعد فترةٍ من غيابِ .
                                                                    فتعجَّبتَ من سلوكي كثيراً
                                                                    وتساءلتَ :
                                                                    ما جرى لي ؟ وما بي .؟
                                                                    ولماذا أبدو حزيناً كئيباً
                                                                    غير مستبشرٍ بهذا الإيابِ .
                                                                    لم أقابلْكَ مثلما كنتَ ترجو
                                                                    بكمانٍ ، وطبلةٍ ، وربابِ .
                                                                    ما تبسَّمتُ ، أو دعوتُ لحفلٍ
                                                                    أو عَشاءٍ ،
                                                                    أو سهرةٍ ، أصحابي .
                                                                    كلما رنَّ هاتفي ،
                                                                    قلتُ للطالبِ :
                                                                    " عيدٌ مباركٌ " باقتضابِ .
                                                                    ليس من زينةٍ على باب بيتي
                                                                    أو عطورٍ ، تفوح من أعتابي .
                                                                    ليس عندي ، يا عيدُ ، مَنٌّ وسلوى
                                                                    وطعامي ، لم يختلفْ ، وشرابي .
                                                                    قهوتي " سادةٌ " ،
                                                                    ككل صباحٍ
                                                                    ومساءٍ ،
                                                                    والماءُ في أكوابي .
                                                                    ومن السوق ما اشتريتُ جديداً
                                                                    ولبستُ القديمَ من أثوابي .
                                                                    وكأنِّي لم أحسِب اليوم هذا
                                                                    يومَ عيدٍ ، لمَّا حسَبتُ حسابي .
                                                                    فلْتعاتِبني .. ولْتلُمني فإني
                                                                    مستعدٌ ، للوْمِ أو للعتابِ .
                                                                    وإذا ما وجدتني لا مبالٍ
                                                                    ولمستَ البرودَ في أعصابي .
                                                                    لا تسلني ..
                                                                    ما السرُّ في لامبالاتيَ أو في
                                                                    تعاستي واكتئابي.
                                                                    وتأكَّدْ .. بأنَّ لي ألفَ عذرٍ
                                                                    وتأكَّدْ .. بأنَّ لي أسبابي .
                                                                    وبأني واعٍ ، بكامل وعيي
                                                                    جئتَني أنت كي تُطِير صوابي .!
                                                                    فلتحاولْ ..
                                                                    يا عيدُ ، فهمي وحاولْ
                                                                    مرةً ، في حياتكَ ، استيعابي .
                                                                    ***
                                                                    أيَّ دربٍ ، سلكتَه أيها العيدُ ،
                                                                    وهل زرتَ ، يا ترى ، أحبابي ..
                                                                    في فلسطينَ ، ؟
                                                                    هل نزلتَ إلى الوديان فيها ،
                                                                    وهل صعدتَ الروابي .؟
                                                                    هل رأيتَ الخيامَ تقذفها الريحُ بعيداً ،
                                                                    في جيئةٍ وذهابِ ؟
                                                                    هل رأيتَ البيوتَ تُهدمُ ؟ قلْ لي :
                                                                    هل توقعتَ حجم ذاك الخرابِ .؟
                                                                    هل رأيتَ الدموعَ في أعين الناسِ ،
                                                                    وأدركتَ ما بهم من عذابِ .؟
                                                                    هل رأيتَ الأطفالَ ، يقضون أيامكَ ،
                                                                    يا عيدُ ، دون ما ألعابِ .؟
                                                                    أو مراجيحَ او ملاهٍ ، ولمَّا
                                                                    جئتَهم ، قابلوكَ باستغرابِ . ؟
                                                                    هل سمعتَ الأقصى ينادي : " هلمُّوا .!
                                                                    أنقِذوني ..
                                                                    من اليهود الكلابِ " . ؟!
                                                                    هل رأيتَ الجوابَ ؟! وهو دماءٌ ..
                                                                    حول أسواره ، لخير الشبابِ .
                                                                    نحنُ بين الشعوب معجزةَ العصر، غدونا
                                                                    ومبعثَ الإعجابِ .
                                                                    في الأعالي نحيا ، إذا ما أردنا
                                                                    وطناً ،
                                                                    كي نعيشَ فوق الترابِ .!
                                                                    ***
                                                                    أي عيدٍ ؟ ولم نزل في لجوءٍ
                                                                    ونزوحٍ ، وغربةٍ ، واغترابِ .؟
                                                                    أي عيدٍ ؟ بدون أهلي وصحبي
                                                                    وجبالي ، وأبحُري ، وهضابي .؟
                                                                    وانسحابِ المحتلِّ من كل أرضي
                                                                    أي عيدٍ هذا ؟ بدون انسحابِ .؟!
                                                                    ***
                                                                    أيها العيدُ ، كنْ سعيداً ، وعُدْ لي
                                                                    حينها ، ألتقيك بالترحابِ .!