تأبط شـراً - خميس
أنحتاج كي نستمر إليكَ ،
                                                                    وإن غبتَ عنا فلن نستمرّا ؟!
                                                                    أنبصر نحن بعينيكَ أنتَ ،
                                                                    ولن نستطيع بدونك سيرا ؟
                                                                    أنبطش بالمعتدي بيديكَ ،
                                                                    ومن دونها لن نحقّق نصرا . ؟
                                                                    لماذا تظن بأنْ لا مفرَّ لنا منكَ ،
                                                                    إنْ نحن يوماً أردنا المفرا .؟!
                                                                    وأنَّا بدونك سوفَ نجوعُ
                                                                    ونشقى ونعرى .؟!
                                                                    وأنك تعرف ماذا نريدُ ،
                                                                    وأنك دوماً بنا أنت أدرى .؟!
                                                                    لماذا تظن بأنَّا على يساركِ صفرٌ ؟!
                                                                    ولسنا كظنك صفرا .؟!
                                                                    وأنَّا سنقبل عذركَ ،
                                                                    حتى ولو كانَ أقبح من كل ذنبٍ ،
                                                                    ولكنْ مجازاً نسميه عذرا .
                                                                    وأنَّا سنصفح عنكَ مراراً ،
                                                                    ولو كنتَ حتى " تأبَّط شرا " !؟
                                                                    لماذا نراك مُصِرَّاً مُصِرَّاً مُصِرَّا .
                                                                    على أن تظل مكانك مهما حييتَ ،
                                                                    وأنت الذي مذ أتيت لنا ،
                                                                    والهزائم تترى .!
                                                                    لماذا تظن بأنك شيء مهمٌ لدينا
                                                                    وأنك أنت هِرَقْلُ العظيمُ ،
                                                                    وأنك كسرى .!؟
                                                                    لعلك تملك ما لا نراه من المعجزاتِ ،
                                                                    فتجلبَ نفعاً وتكشف ضُرا ؟!
                                                                    لعلك أوتيتَ من كل شيءٍ ،
                                                                    بياناً وسحرا ؟!
                                                                    أعُلِّمْتَ من منطق الطيرِ بعض الكلامِ ،
                                                                    ولم تكُ طيرا .؟!
                                                                    أتجري الرياحُ بأمرك أنتَ ،
                                                                    وتبقى بدونكَ ، من غير مجرى ؟
                                                                    وإن شئتَ ما بين نهرٍ ونهرٍ ،
                                                                    بغمضة عينٍ ، تفجر نهرا ؟!
                                                                    وهل يتحول بين يديك الرمادُ ،
                                                                    فيصبح ناراً وجمرا ؟!
                                                                    وإن لم يكنْ ..!
                                                                    فلماذا قتلتَ الغلامَ ،
                                                                    لماذا أقمتَ الجدارَ ، ونحن يتامى ،
                                                                    ولم تنتظره لينقضَّ ، حتى نجيءَ ،
                                                                    ونستخرج الكنز من تحتهِ ذات يومٍ ؟
                                                                    لقد جئت شيئاً قبيحاً ونُكرا .!
                                                                    لماذا خرقت السفينة عمداً فأغرقتها ،
                                                                    وهي تمخر في البحر مخرا .!؟
                                                                    لقد جئتَ شيئاً مقيتاً وإمرا .!
                                                                    لماذا حفرت لنا بيديك القبورَ ،
                                                                    وماذا فعلنا ؟
                                                                    لتصبح أكثر ظلماً وجورا . ؟
                                                                    هنالك سرٌ إذنْ ..!
                                                                    وإذا كانت الفأس في الرأس غارت ،
                                                                    وزادت مع الوقت غورا .
                                                                    فماذا يفيدُ ،
                                                                    إذا جئت تفشى لنا اليوم سرا ؟!
                                                                    فمُتْ عن قريبٍ وخذه لقبركَ ،
                                                                    حتى يموتَ بصدرك أيضاً ويُقبَر قبرا .!
                                                                    وقله لربك يوم الحسابِ ،
                                                                    ليجزيَك الله عنهُ ،
                                                                    وإن شاءَ يُعْطِك أجرا ..!
                                                                    ولكننا لا نريدكَ ..
                                                                    لن نستطيعَ على ،
                                                                    ما فعلت بنا أمس واليومَ صبرا .!
                                                                    كفانا عذاباً .. وظلماً .. وقهرا .
                                                                    سنعبر هذا الطريق الطويل بدونكَ ،
                                                                    مهما بذلنا من التضحياتِ ،
                                                                    وننتزع الأرض شبراً فشبرا .
                                                                    سنمضي بكل قوانا وحتى النهايةِ ،
                                                                    بحراً .. وجواً .. وبرا .
                                                                    سنجعل هذا الظلامَ الذي صنعته يداكَ ،
                                                                    يصير نهاراً ويصبح فجرا .
                                                                    وأنت ستغدو مجرد ذكرى .!
                                                                    وسوف يظلُ
                                                                    كما كانَ شعبُ فلسطين دوماً ،
                                                                    عزيزاً وحُرَّاً وحُرَّا ..!