رسالة للعم جمال - خميس
في كل أسبوعٍ
                                                                    كعادتها الجميلةِ منذ أعوامٍ ،
                                                                    تراسلني " دلالْ ".
                                                                    وتقول لي .. بعض التفاصيل التي
                                                                    عبرَ الأثير وفي الصحافة لا تُقالْ .
                                                                    وأنا أحبُّ سماعَ أخبارِ الذين أحبُّهم
                                                                    وألحُّ دوماً في السؤالْ ..
                                                                    عن حالهم ،
                                                                    وأقول سبحان الإلهِ ،
                                                                    مُغيِّر الأحوال من حالٍ لحالْ .
                                                                    وصلت رسالتُها الأخيرةُ منذ أيامٍ ،
                                                                    وفيها ما يلي :
                                                                    عمِّي " جمالْ " : ـ
                                                                    إن كنتَ يوماً في الجنوب وفجأةً
                                                                    اشتدَّ شوقُك للأحبة في الشَّمالْ .
                                                                    وأتاك من طرف الحبيب الأمرُ أنْ :
                                                                    هيَّا تعالَ ، بسرعةٍ ، هيَّا تعالْ .
                                                                    وتحركت فيك المشاعر والحنين لما مضى
                                                                    والدمع من عينيك سالْ .
                                                                    وعبرتَ شط الذكرياتِ بحلوها
                                                                    وبمرِّها ،
                                                                    وسبحتَ في بحر الخيالْ .
                                                                    وحزمتَ أمرك أنْ ستُقفِل راجعاً
                                                                    مهما يكنْ ،
                                                                    وتشد للأهل الرحالْ .
                                                                    ثم اكتشفتَ بأنَّ ما قد خِلتُهُ
                                                                    سهلاً ،
                                                                    غدا متعذراً ، صعب المنالْ .
                                                                    وبأن رؤية من تحب كأنها
                                                                    حلم من الأحلام أو شيء محالْ .
                                                                    ثم انفعلت بشدةٍ ، وبدت على
                                                                    قسماتِك السمراءِ ، شدةُ الانفعالْ .
                                                                    وصرختَ : هل نحيا بعصر سابقٍ ؟
                                                                    حيث الدوابُ غدت
                                                                    وسيلةَ الانتقالْ . ؟
                                                                    وهناك آلاف الحواجز لم تزل
                                                                    وهناك حظرٌ للتجول لا يزالْ . ؟
                                                                    وهناك شيءٌ لا شبيهَ له ولا
                                                                    في هذه الدنيا له أبداً مثالْ .
                                                                    يُدعى احتلالاً ـ يا لَخيبةِ عالَمٍ
                                                                    مازال معترفاً
                                                                    بدولة الاحتلالْ . ؟! ـ
                                                                    ورفعتَ كلتا قبضتيك وقلت : " لا
                                                                    باقون نحن ..
                                                                    والاحتلال إلى زوالْ ".
                                                                    ثم اندفعتَ وفي عيونك نظرةٌ
                                                                    وكأنها جمرٌ ،
                                                                    على وشك اشتعالْ .
                                                                    فإذا المدارس غُلِّقت أبوابُها
                                                                    إلا " الشهادةُ "
                                                                    بابُها يَسَعُ الجِمالْ .!
                                                                    وإذا الشوارع شبه خاليةٍ وما
                                                                    من " حَطَّةٍ " ،
                                                                    فوق الرؤوس ولا " عِقالْ " .
                                                                    أين الرجالُ ؟ سألتَ ،
                                                                    قيل : استشهدوا
                                                                    وغدوا مناراتٍ على درب النضالْ .
                                                                    وهناك مفقودونَ .. أو جرحى ومن
                                                                    في السجن ، والباقون فروا للجبالْ .
                                                                    ***
                                                                    ـ هذا غدا .. يا عمُّ حال رجالنا
                                                                    قلْ لي ..
                                                                    أيوجد عندكم أنتم رجالْ ؟! ـ