الرَّحيلُ الى العُيونِ المَرافِئ* - حلمي الزواتي
(1)
                                                                    لِعَيْنَيْكِ أَبْدَأُ هذا النَّشيدَ
                                                                    وَ أُبْحِرُ نَحْوَ العُيونِ التي أَوْجَعَتْني
                                                                    لِقَلْبِكِ تُشْرَعُ أَبْوابُ قَلْبي
                                                                    وَ يَبْزُغُ فَجْري
                                                                    وَ تُشْرِقُ شَمْسي
                                                                    وَ تَفنى الجِراحُ التي أَحْرَقَتْني
                                                                    وَ يَشْتَعِلُ البَحْرُ مَوجاً
                                                                    وَ يَكْبُرُ فينا..
                                                                    يُمازِجُ ما بَيْنَ روحي وَ حُلْمِكِ
                                                                    يَذْهَبُ في أُفُقٍ أَخْضَرَ اللونِ...يَمْضي
                                                                    وَ يَسْأَلُ أَهْلوكِ عَنِّي
                                                                    مَن ِ العاشِقُ المُغْتَرِبْ؟
                                                                    فَأَغْمَدْتُ حُزْناً بِقَلبي
                                                                    بَكَيْتُ.. بَكَيْتُ.. بَكَيْتُ
                                                                    وَ كانَتْ يَداكِ تُلَمْلِمُ جُرْحي
                                                                    تُعيدُ التَّواصُلَ ما بَيْنَ روحي وَ أَرْضي
                                                                    وَ يَنْتَفِضُ القَلْبُ حُزْناً
                                                                    أَنا الثَّائِرُ العاصِفُ المُلْتَهِبْ
                                                                    وَ أَغْمَدْتُ حُبَّكِ سَيْفًا بِخَصْري
                                                                    وَ صِرْتِ الرَّياحَ وَ صِرْتُ الجَناحَ
                                                                    وَ فَتَّشْتُ عَنْكِ الجِراحَ وَ كُنْتُ أُغَّني
                                                                    (2)
                                                                    لِعَيْنَيْكِ أَبْدَأُ هذا النَّشيدَ
                                                                    أُجَدِّدُ مَوْتي وَ بَعْثي
                                                                    وَ أَنْتِ تَجيئينَ بَحْراً
                                                                    تَجيئينَ عُشْباً
                                                                    تَجيئينَ خِصْباً يُفَجِّرُ صَحْراءَ حُزْني
                                                                    تَصوغينَ بِالصَّمْتِ اسْمي وَ رَسْمي
                                                                    وَ ماذا تَقولُ النَّوارِسُ؟
                                                                    ماذا تَقولُ البِحارُ القَديمَةُ
                                                                    عَنْ عاشِقَينِ عَلى صَهْوَةِ الجُرْحِ
                                                                    جاءا بِلا مَوْعِدٍ للتَّلاقي؟
                                                                    وَ ماذا تَقولُ النَّوارِسُ؟
                                                                    ماذا تَقولُ العُيونُ التي داهَمَتْني؟
                                                                    وَ أَنْتِ تَجيئينَ حُلْماً
                                                                    تَجيئينَ سَيْفاً
                                                                    تَجيئينَ عِطْراً
                                                                    يُطَهِّرُ أَكْمامَ زَهْري
                                                                    (3)
                                                                    لِعَيْنَيْكِ وَحْدَكِ أَبْدَأُ هذا الرَّحيلَ
                                                                    وَ لَسْتُ سِواكِ أُغَنِّي
                                                                    وَصَلْتُ أَخيراً،
                                                                    جًثَوْتُ،
                                                                    غَفَوْتُ عَلى رُكْبَتَيْكِ
                                                                    حَلُمْتُ كَثيراً
                                                                    أَعَدْتُ صِياغَةَ هذا الوُجودِ
                                                                    وَ أَنْشَدْتُ شِعْراً عَنِ الأَرْضِ
                                                                    عَنْ مَوْسِمِ البُرْتُقالْ
                                                                    عَنِ الحُبِّ وَ العِشْقِ وَ العُنْفُوانْ
                                                                    وَ ما كُنْتُ وَحْدي
                                                                    و َما كُنْتُ أَدري
                                                                    وَ ما كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ المَسافَةَ
                                                                    ما بَيْنَ يافا وَ مَدْخَلِ جُرْحي
                                                                    تُساوي العَلاقَةَ بَيْنَ النُّجومِ وَ شُطآنِ بَحْري
                                                                    وَ ما كُنْتُ أَعْرِفُ
                                                                    أَنَّ السِّياطَ التي أَلْهَبَتْني
                                                                    التي مَزَّقَتْني
                                                                    تُحاوِلُ تَدْجينَ شِعْري
                                                                    وَ ما دَجَّنَتْني
                                                                    وَ حينَ تَرَجَّلْتُ عَنْ صَهْوَةِ الجُرْحِ
                                                                    عَنْ قِمَّةِ الرُّمْحِ
                                                                    كانَتْ يَداكِ تُعيدُ الحَياةَ
                                                                    وَ تُلغي جَميعَ مَواعيدِ قَتْلي
                                                                    (4)
                                                                    لِعَيْنَيْكِ يَبْتَدِئُ العِشْقُ نَهْراً
                                                                    وً يَنْفَجِرُ الآنَ صَدْري
                                                                    وً أَبْدَأُ هذا العِناقَ سُيولاً
                                                                    مِنَ التِّينِ وَ اللوْزِ وَ الزَّعْتَرِ الجَبَلِي
                                                                    وً أَرْسِمُ ظِلَّكِ باقَةَ وَرْدٍ
                                                                    وَ خُصْلَةَ شَعْرٍ تَدَلَّتْ عَلى وَجْهِكِ اليَعْرُبِيِّ
                                                                    أَلوذُ بِقَلْبِكِ،
                                                                    أَصْعَدُ هذا الزَّمانَ الرَّديءَ
                                                                    وَ ما كُنْتُ وَحْدي
                                                                    وَ كَيْفَ أَكونُ وَ حيداً
                                                                    وَ أَنْتِ تُعيدينَ عَهْدي
                                                                    دَعَوْتُكِ بِاسْمِكِ ألاَّ تَغيبي
                                                                    لأَنَّ غِيابَكِ مَوْتي
                                                                    وَ حُبَّكِ رُمْحي
                                                                    وَ صَدْرَكِ حَقْلٌ مِنَ القَمْحِ
                                                                    بَحْرٌ أُسافِرُ فيهِ وَ أُرْسي
                                                                    دَعَوْتُكِ بِاسْمِكِ أَلاَّ تَغيبي
                                                                    دَعَوْتُكِ بِاسْمِكِ أَلاَّ تَغيبي
                                                                    _____________
                                                                    (1) من ديوان "تَرفضُ السّرجَ الجِيادُ"، بيروت: مؤسسة السنابل الثقافية، 1982. ص ص 89-105.