غَابَةُ الأَطْفالِ وَ الحِجَارَة - حلمي الزواتي
حَرَّرتَ لَو حَجَرٌ يُفَجِّرُ غَازِيَا
                                                                    وَ نُصِرْتَ لو عَرَبٌ تُجيبُ مُنادِيَا
                                                                    وَ جَدَلْتَ مِنْ شَعْرِ الشُّموسِ مَشانِقاً
                                                                    للمارِقينَ فَما تَرَكْتَ مُداجِيَا
                                                                    وَ نَشَرْتَ مِنْ فَوْقِ الضِّياءِ مَلاحِماً
                                                                    وَ نَقَشْتَ بالدَّمِ مَا يَغيظُ العادِيَا
                                                                    هذي بِلادي مَا خُلِقْتُ لِغَيْرِها
                                                                    وَ لِغَيْرِ رَبِّ البَيْتِ لَسْتُ الجاثِيَا
                                                                    سَبْعونَ عَامَاً مَا بَرِحْتُ مُنادِياً
                                                                    وَ ظَلَلْتُ أَصْرُخُ مَا وَجَدْتُ الصَّاغِيَا
                                                                    يَتَسابَقونَ إِذا دَعَوْتَ لِمَغْنَمٍ
                                                                    وَ إِلى المَعارِكِ مَا وَجَدْتُ الغَادِيَا
                                                                    الرَّاقِصونَ عَلى ضِفافِ جِراحِنا
                                                                    وَ السَّارِقونَ الحُلْمَ غَضّاً زَاهِيَا
                                                                    العاجِزونَ عَلى حُطامِ عُروشِهمْ
                                                                    وَ الهادِمونَ وَ مَا تُصادِفُ بَانِيَا
                                                                    الخانِعونَ النَّاعِمونَ بِجَهْلِهِمْ
                                                                    قَبَروا الرُّجُولَةَ لَيْتَ فيهِم ضَارِيَا
                                                                    هُم يَشْرَبونَ الرَّاحَ مِلْءَ كُؤوسِهم
                                                                    وَ يَظَلُّ شَعْبي فِي المَنافِي صَادِيَا
                                                                    ***
                                                                    يَا ثَوْرَةَ الشَّعْبِ الغَضوبِ تَحِيَّةً
                                                                    مَمْلوءَةً صِدْقاً وَ حُبّاً صَافِيَا
                                                                    إِني تُمَزِّقـُني قُيودِي فِي يَدي
                                                                    وَ أَظَلُّ، رَغْمَ القَيْدِ، أَصْدَحُ شَادِيَا
                                                                    حَرَقوا حُروفِي فِي فَمي وَ أَصَابِعي
                                                                    فَكَتَبْتُ بِالأَهْدابِ لَحْنَ بِلادِيَا
                                                                    يَا مُعْجِزَ التَّاريخِ يَا شَعْبي الَّذي
                                                                    صَاغَ الحَياةَ مُؤاسِياً وَ مُداوِيَا
                                                                    بَاتَتْ أَفاعِي الحِقْدِ تَنْفُثُ سُمَّها
                                                                    غَرْباً تُحَرِّكُ رَأْسَهَا وَ شِمَاليَا
                                                                    حَرْبُ الأَفَاعِي أَنْ تُدَكَّ رُؤُوسُهَا
                                                                    د َكاً وَ يُسْحَقَ كُلُ رَأْسٍ خَاوِيَا
                                                                    إِنِّي أَمُدُّ إِلَيْكَ ضِلْعِي حَرْبَةً
                                                                    وَ أَمُدُّ لِلأَطْفَالِ قَلْبِي الدَّامِيَا
                                                                    هذِي خُيُولِي لَمْ تُحَطُّ رِكَابُهَا
                                                                    وَ صَهِيلُهَا مَا زَالَ يَمْلأُ وَاِديَا
                                                                    مَا كَانَ سَيْفِي ذَاتَ يَوْمٍ مُغْمَداً
                                                                    إِلاَّ تَجَرَّدَ لِلْمَعَارِكِ عَارِيَا
                                                                    شَرَفُ الرُّجُولَةِ أَنْ نَعيشَ بِعِزَّةٍ
                                                                    وَ تَظَلَّ رَايتُنَا تُرَفْرِفُ عَالِيَا
                                                                    ***
                                                                    يَا قُدْسُ، يَا أَلَقَ الطُّفُولَةِ نَاعِساً
                                                                    الحُلْمُ بَاتَ عَلى هِضَابِكِ باكِيَا
                                                                    مَدَّ الظَّلامُ عَلى رُباكِ جَنَاحَه ُ
                                                                    وَ الليْلُ مِنْ فَوْقِ المَآذِنِ سَاجِيَا
                                                                    وَ المَسْجِد ُالأقْصى يُقَلِّبُ كَفَّه ُ
                                                                    وَ أَذانُه ُصَوْتُ العَواصِفِ دَاوِيَا
                                                                    حَشَدوا لَه ُالأوْغَادَ رٮغْمَ أُنُوفِهِمْ
                                                                    فَتَجَمَّعوا سَدَّاً وَ نَهْرَاً طَامِيَا
                                                                    دَاسُوا عَلَى القُرْآنِ في عِزِّ الضُّحَى
                                                                    فَتَظَاهَرَ الأَطْفالُ وَا قُرْآنِيَا
                                                                    يَا مَنْ رَأى نَاراً تُحَرِّقُ نَفْسَهَا
                                                                    وَ تَصُبُّ فِي أَحْشَائِهَا بُرْكَانِيَا
                                                                    هُم كُلَّمَا لِلْحَرْبِ نَارَاً أَوْقَدوا
                                                                    فَاللهُ يُطْفِئُهَا وَ ُيْذكِي نَارِيَا
                                                                    يَا قُدْسُ يَا مَسْرى الحَبيبِ مُحَمَّدٍ
                                                                    يَا قِبْلَتي الأُولَى عَلَيْكِ سَلامِيَا
                                                                    هَلْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ إلاَّ قِطْعَةٌ
                                                                    مِنْ رَوْضِكِ المَحْزُونِ، وَا إِسْلامِيَا
                                                                    لَوْ أَنَّ فِي الفِرْدَوْسِ شَادوا مَنْزِلي
                                                                    لَدَعَوْتُ رَبِّي أَنْ أّعُودَ لِقُدْسِيَا
                                                                    ***
                                                                    يَا ثَوْرَةَ الأَطْفالِ يَا تَاجَ الفِدَا
                                                                    مَا ضَرَّنِي أَنِي أُقاتِلُ حافِيَا
                                                                    فَجَّرْتُ فِي وَجْهِ الظَّلامِ قَصَائِدي
                                                                    وَ قَبَسْتُ مِنْ لَهَبِ الدِّمَاءِ غِنَائِيَا
                                                                    قَالوا تَحَزَّبَ إِذْ عَشِقْتُ عُروبَتِي
                                                                    وَ زَرَعْتُ فِي بَغْدادَ بَعْضَ دِمَائِيَا
                                                                    بَغْدادُ يَا رَأْسَ العُروبَةِ شَامِخا
                                                                    الله ُمَا أبْهاكِ يا بَغْدادِيَا!!
                                                                    إِنْ كَانَ حُبِّي لِلْعِراقِ تَحُزُّباً
                                                                    سَأظَلُّ أهْتِفُ مَا حَييتُ عِراقِيَا
                                                                    يَا سَيِّدَ الثُّوارِ يَا طِفْلي الَّذي
                                                                    قَهَرَ الحَديدَ مُجاهِداً وَ مُلاقِيَا
                                                                    حَارَبْتَ مَنْ عَجِزَ الأُلى عَنْ حَرْبِهِم
                                                                    جَيْشاً خُرافِيَّاً وَ حُكْماً طَاغِيَا
                                                                    قَدْ راعَهُم أَنَّا نُحِبُ بِلادَنَا
                                                                    وَ تَضُمُّنَا شَوْقاً وَ صَدْراً حَانِيَا
                                                                    حَجَرٌ عَلى حَجَرٍ نَدُكُّ حُصُونَهُم
                                                                    وَ نُشيد ُصَرْحاً لِلْمَفاخِرِ رَاسِيَا
                                                                    إِنْ يَجْنَحوا لِلسِّلْمِ فَابْرَأْ مِنْهُمُ
                                                                    وَ اجْنَحْ إِلى الأَحْجَارِ وَ ارْمِ البَاغِيَا