صَهيلُ الِجيادِ المَذبوحة - حلمي الزواتي
(1)
                                                                    مَنْفِيٌّ مِثْلُكَ يا تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    مَطْعونٌ مِثْلُكَ
                                                                    مَزروعٌ في قَلبي خِنْجَرْ
                                                                    سَرَقوا حِلْمي
                                                                    أَكَلوا لَحْمي
                                                                    بَاحوا سِرِّي
                                                                    أَعْطَوْني كَرتاً أَصْفَرْ
                                                                    (2)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    يا جُرْحاً في صَدْري يَكْبَرْ
                                                                    يا شَرْخاً في وَجْهِ الشَّمْسْ
                                                                    يا حُزْناً في لَيْلَةِ عُرْسْ
                                                                    يا أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ قُصورِ الثَّوْرِيينَ وَ أَطْهَرْ
                                                                    (3)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    يا جُرْحاً في كَبِدي يَكْبَرْ
                                                                    يا حُزْناً شَفَّافاً أَحْمَرْ
                                                                    سَرَقوا الحُّبَّ
                                                                    وَ باعوا الفَجْرَ
                                                                    اغْتالوا الشَّمْسَ
                                                                    وَ قَصُّوا كُلَّ جَدائِلِها
                                                                    شَرِبوا الأَنْخابَ
                                                                    وَ قالوا: نَحْنُ العَسْكَرْ
                                                                    (4)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    يا أَنْظَفَ مِنْ كُلِّ مَقاهي الثَّوْرِيينْ
                                                                    يا سَهْماً في عَيْنِ التِّنِّينْ
                                                                    يا عِطْراً يَنْمو في أَوْصالِ التِّينْ
                                                                    أَنْتَ الأَكْبَرْ،
                                                                    أَنْتَ الأَطْهَرْ
                                                                    (5)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    يا لَحْماً مِنْ جَسَدي يُبْتَرْ
                                                                    مِنْ عُمْقِ الأَرْضِ نُنادي
                                                                    مِنْ سِجْنِ الرَّمْلَةِ
                                                                    مِنْ سِجْنِ الدَّامون ِ وَ مِنْ صَرَفَنْد
                                                                    مِنْ تَحْتِ سِياطِ الجَلاَّدينْ
                                                                    مِنْ بَيْنِ الجُدْرانِ الصَّفْراءِ
                                                                    وَ مِنْ أَحْزانِ المَحْزونينْ
                                                                    نَصيحُ نُزَمْجِرُ مِثُلَ الرَّعْدْ
                                                                    أَنْتَ الأَكْبَرْ...
                                                                    أَنْتَ الأَطْهَرْ
                                                                    (6)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    مِنْ حَيْفا...
                                                                    مِنْ يافا...
                                                                    مِنْ غَزَّة...
                                                                    مِنْ جَبَل ِ الكَرْمِل ِ...
                                                                    مِنْ جِنينْ
                                                                    وَ زِنْزاناتِ الرَّجْعِيِّينْ
                                                                    ما زِلْنا أَبَداً نَزْأَرْ
                                                                    (7)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    يا جَبَلَ اللوْزِ الأَخْضَرْ
                                                                    يا غُصْنَ الزَّيْتونِ المَحروق ِالأَصْفَرْ
                                                                    يا جَبَلَ النَّرْجِسِ وَ الياسْمينْ
                                                                    يا نَهْراً يَنْبُعُ مِنْ صَنِّينْ
                                                                    يا عُشَّ البُلْبُلِ وَ النَّوْرَسْ
                                                                    أَنْتَ الأَبْهى...
                                                                    أَنْتَ الأَنْضَرْ
                                                                    (8)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    أَطْفالُكَ جَوْعى في الدَّامورْ
                                                                    يَفْتَرِشونَ تُرابَ الأَرْضْ
                                                                    يَلْتَحِفونَ سَماءَ الرَّبْ
                                                                    لكِنَّ السُّلْطانَ الأَعْظَمْ
                                                                    وَ الحُجَّابَ المَوْتورينْ
                                                                    داسوا بِالخَيْل ِالأَزْهارْ
                                                                    نَهَشوا جِسْمَكْ
                                                                    أكَلوا لَحْمَكْ
                                                                    شَرِبوا نَخْبَكْ
                                                                    رَقَصوا فَوْقَ رُفاتِ نِسائِكْ
                                                                    سَكِروا..ثَمِلوا
                                                                    قالوا..هَتَفوا
                                                                    يَحيا الزَّعْتَرْ!
                                                                    (9)
                                                                    تَلَّ الزَّعْتَرْ
                                                                    نَحْنُ جَميعاً مَنْفِيُّونْ
                                                                    نَحْنُ جَميعاً مُنْذُ سِنينْ
                                                                    سَرَقوا مِنْ أَعْيُنِنا الحُبْ
                                                                    صَلَبوا في جَبْهَتِنا الجُرْحْ
                                                                    جاءوا جَمْعاً مِنْ صِفِّينْ
                                                                    قَتَلوا فينا كُلَّ حَنينْ
                                                                    لكِنَّا ما زِلْنا نَفْرَحْ
                                                                    نَعْرِفُ أَنَّ الدَّرْبَ طَويلْ
                                                                    أَنَّ الفَجْرَ قَريبٌ آتْ
                                                                    أَنَّ الشَّمْسَ سَتورِقُ يَوْماً
                                                                    وَ الزَّعْتَرُ يَنْمو فينا
                                                                    عِشْقاً...
                                                                    دِفْئاً...
                                                                    تَلَّ حَنينْ
                                                                    ___________
                                                                    صَهيلُ الِجيادِ المَذبوحة: من ديوان (قصائد ممنوعة التجوال)
                                                                    الطبعة الثانية ، بيروت: مؤسسة السنابل الثقافية، 1982. ص ص 37-51.