المارد - جريس دبيات
اصبع الموت التي أسكرها مصّ الدماءْ
                                                                    من جسوم كلّ ما فيها لِعاتيها مُباحْ
                                                                    صادها الموتُ
                                                                    وعضّتها الثنايا الصُّفرُ
                                                                    والليل استراحْ
                                                                    كان ذاك الليل حُلمًا في الليالي ،
                                                                    أن يُرى الموتُ قتيلا
                                                                    أن يُرى القهر ذليلا
                                                                    يوم يمحو صورة المارد من أعينهمْ
                                                                    دفق الصباحْ
                                                                    ***
                                                                    كنت مازلت صبياً
                                                                    لا أعي للموت مَرآى
                                                                    غيرَ مرأى الصمت والدمع ِ
                                                                    وان تُفلتَ " آهْ " ،
                                                                    أنّ وقع الموت قد يطمسُه طيف الحياهْ.
                                                                    في وجوه الناس حول الجثة الملقاة ِ
                                                                    في بحر النجيعْ
                                                                    لم أرَ الدمع ولا خداً مُندّى
                                                                    كان ما أبصرتُ أشلاءَ التفاتهْ
                                                                    هزّة الرأس وهمسًا
                                                                    وانا إذّاك لا اعرف أعراض الشماتهْ
                                                                    ***
                                                                    عرس موت ٍ
                                                                    زفّ بشراه الى الآذان بارودٌ رحيمْ
                                                                    أوقف الحرب على أحلامهمْ
                                                                    اوقف الرقص على آلامهمْ
                                                                    اطلق البارود من حُبسته الصوت الرخيمْ
                                                                    فعلى الأرض سلامٌ
                                                                    وعلى الليل أمانٌ
                                                                    وعلى المارد نيران الجحيمْ
                                                                    ***
                                                                    فركت أميّ يديْها
                                                                    - بات باب البيت مفتوحا على غير اعتياد ِ -
                                                                    وأجابت :
                                                                    إِنه المارد ، يا قُرَّة عيني ،
                                                                    زارع الموت وجاني المتعة الحمراء ِ
                                                                    عشّاق السواد ِ
                                                                    سارق النوم من الأعين ِ وسواس النوادي
                                                                    عينه النارُ
                                                                    وفي إصبعه الزرقاء أعمار العباد ِ
                                                                    إنّ فوق الظّلم رباً
                                                                    يده أقدر من كلّ الأيادي
                                                                    ***
                                                                    ضجعة المارد تحت التُرْب ميلاد جديدْ
                                                                    شِقّها الواحد ثأرٌ
                                                                    شقها الآخرُ عيدْ
                                                                    شيَّعته النظرات الخائفاتْ
                                                                    أودعته في الثرى المصعوق أيد ٍ راجفاتْ
                                                                    تنفض الرعب وتمضي
                                                                    والتعازي تمتمات ليس فيها رحَماتْ
                                                                    تمتمات تمتمات تمتماتْ
                                                                    يفقد الصوت صداهُ
                                                                    وتذوب الكلماتْ
                                                                    لم تصدّق جارتي أمّ اليتامى يومها
                                                                    ان ذاك المارد الجبّار ربّ الموت ِ
                                                                    . . . ماتْ !
                                                                    ***
                                                                    اصبع الموت التي أسكرها مصّ الدماءْ
                                                                    بعد عام من رحيل المارد الملعون ِ
                                                                    ثارت من جديدْ
                                                                    تنفث اليل عذابا
                                                                    تبذر الصبح ضبابا
                                                                    كلّ من في الكون غولٌ
                                                                    كلّ ما فيه وعيدْ
                                                                    هاجر الحلم وغابت عن أمانينا السماءْ .