ماذا تريد من الدنيا تعنيها - أبو مسلم البهلاني العماني

ماذا تريد من الدنيا تعنيها
اما ترى كيف تفنيها عواديها

غدارة ما وفت عهدا وان وعدت
خانت وان سالمت فالحرب توريها

ما خالصتك وان لانت ملامسها
ولا اطمأن الى صدق مصافيها

سحر ومكر وأحزان نضارتها
فاحذر اذا خالست مكرا وتمويها

وانفر فديتك عنها انها فتن
وان دعتك وان زانت دعاويها

كذابة في دعاويها منافقة
والشاهدات على قولي معانيها

تريك حسنا وتحت الحسن مهلكة
يا عشقيها اما بانت مساويها

نسعى اليها على علم بسيرتها
ونستقر وان ساءت مساعيها

أم عقوق وبئس الأم تحضننا
على غذاء سموم من أفاعيها

بئس القرار ولا ننفك نألفها
ما اعجب النفس تهوى من يعاديها

تنافس الناس فيها وهي ساحرة
بهم وهمهم ان يهلكوا فيها

يجنون منها على مقدار شهوتهم
وما جنوه ذعاف من مجانيها

من الذي لم ترعه من طوارقها
وأي نفس من البلوى تفاديها

كل البرية موتور بما فتكت
لا ثار يؤخذ لا أنصار تكفيها

تروعهم روعة للحسن مدهشة
وهي الحبائل تبديها وتخفيها

ما أغفل الناس فيها عن معائبها
وانما راقهم منها ملاهيها

وللبصائر حكم في تقلبها
بأن عيشتها فيها سترديها

غول تغول أشكالا حقيقتها
مكرا ولا يرعوي عنها مدانيها

نجري الى غاية فيها فتصرعنا
لابد من صرع جار مجاريها

وان دارا الى حد نصاحبها
من أحزم الأمر انا لا نصافيها

أني نصافي التي آباءنا طحنت
والآن تطحننا الانياب في فيها

انستقر على لهو بلا ثقة
ولا أمان ولا نفس تعافيها

ما سالمت من نأى عنها وحاربها
ولا تسالم قطعا من يداجيها

لا ترحم الطفل تردى عنه والده
ولا الثكالى ولو سالت مآقيها

لم تهدء الدور من نوح وصارخة
ولا المقابر من مستودع فيها

نمر بالطرق والايتام تملأها
ولا نفكر فيمن كان يؤويها

ونرسل الطرف والأبواب مغلقة
والدور فارغة والدهر يبليها

أين الذين غنوا فيها مقرهم
أظنهم في طباق الأرض تطويها

أين الذين عهدنا أين مكثهم
أين القرون لمن تبقى مغانيها

أين الحميم الذي كنا نخالطه
أين الأحبة نبكيها ونرثيها

أين الملوك ومن كانت تطوف بها
أو من ينازعها أو من يداريها

أين الاباعد أين الجار ما فعلت
بهم بنات الليالي في تقاضيها

لو أمكن القوم نطق كان نطقهم
ريب المنون جرت فينا عواديها

عظامهم نحخرت بل حال حائلها
تربا لدى الريح تذروها عوافيها

لا شبر في الارض الامن رفاتهم
فخل رجلك رفقا في مواطيها

نبني القصور وذاك الطين من جسد
بال ونحرث أرضا مزقوا فيها

عواتق الناس لا ترتاح آونة
من النعوش ولا يرتاح ناعيها

ما بين غارة صبح تحت ممسية
يراقب الناس اذ نادى مناديها

تغدو وتمسي على الأرواح حاصدة
لا ينتهي الحصد أو تفنى بواقيها

ونحن في اثرهم ننحو مصيرهم
وجوعة اللحد تدعونا ونقربها