المهد - أدونيس
... إِذَنْ أَدْعُو إِلَى تَوَاطُؤِ الهَمْسِ وَالشَّمْسِ, العُنُقِ وَالأُفُقِ
                                                                    إِذَنْ, أُشَبِّهُ غُمْدَانَ بِالنَّهَار, وَبَلْقِيسَ بِاللَّيْل, وَأَنَا بَيْنَهُمَا الهَدِيل.
                                                                    1
                                                                    شَجَرُ أَيَّامِهِ عَارٍ, وَالجذْرُ الَّذِي نَمَاهُ يَأْخُذُ شَكْلَ الصَّحْرَاء, وَهَا
                                                                    هُوَ التَّارِيخُ يُلَفُّ بِالسَّرَاوِيل, وَالوطَنُ يُكْسَى بِالرَّمْلِ لَكِنْ هَذَا
                                                                    الظَّاهِرُ لاَ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ يَعْرِفُهُ بَاطِنٌ لَمْ يَحِنْ ظُهُورهُ بِالْغِيَابِ
                                                                    يَمْتَحِنُ وَيَسْتَقْصِي, وَبِاسْمِ الحُضُورِ يسُنّ شَفْرَةَ الكِتَابَةِ وَيُحَزِّرُ
                                                                    هَذِهِ الأَرْض.
                                                                    إِنَّهَا مُهْرَةُ الحِبْر تَخبُّ فِي سُهُولِ الحُلْمِ, لَكِنْ لأَحْلاَمِهِ طَبِيعَةُ
                                                                    الجِبَال مَحَارَاتٌ وَقَواقِعُ يلفظُهَا مَوْجُ الذَّاكِرَة الزَّبَدُ يَنْعَقدُ أَسَاوِرَ
                                                                    في مِعْصَم الشَّاطىء, وَالصَّخْرُ صَنَّارَةُ الهَواء وَرَأَى أَنَّ لأَيَّامِهِ
                                                                    جَسَدًا تَمْسَحُهُ الرِّياحُ بِرِيشِهَا, وَأَنّ دَرْبَهُ غَابَاتٌ تَحْتَرِقُ
                                                                    كيْفَ يُحَرِّرُ هَذَا الأُفُقَ الَّذِي يَلْتَهِمهُ مِنْشَارُ الرُّعْبِ?
                                                                    2
                                                                    قَالَ أَنْسَلخُ مِنْ أَنْقَاضِي وَأَرْمِي نَرْدِيَ ( ... ), -
                                                                    (عَلِي أَحْمَد سَعِيد, اسْمٌ يَمَانيّ),
                                                                    سَمِعْتُ هَذَا مِرَارًا والنّقْشُ الَّذِي بَقِيَ مِنْ قَصْرِ غُمْدانَ يَعْرِفُ
                                                                    اسْمِي وَالحَجَرُ الذِي نُصِبَ لِعَشْتَرَ يَتَذَكَّر اسْمِي لي فِي
                                                                    تُرَابِ اليََمَن عِرْقٌ مَا طِينَتِي قَابِلَةٌ وَغَرِيزَتِي حُرّة, -
                                                                    أَنَا الأُسْطُورَةُ وَالهَوَاءُ جَسَدِي الذِي لاَ يَبْلَى
                                                                    هَكَذا ذَهَبْتُ مَعَ ظَنِّي الجَمِيلِ انْسَلَخْتُ مِنْ أَنْقَاضِي وَرَمَيْتُ نَرديَ
                                                                    ( ... ) /
                                                                    هُوذَا أَتَوَهَّجُ مَع رَامْبُو بَيْنَ جَمْرَةِ عَدَنٍ وَتَبَارِيحِ المَنْدَب عاريًا
                                                                    مِنِّي مَكْسُوًا بِهَا أَضِيعُ فِيهَا وَتَتَضوَّعُ فِيَّ -
                                                                    عَدَنٌ / قَدمَاهَا موجٌ
                                                                    جِذْعُهَا بَرَاكِين فَجْرُهَا يَطُوفُ سَاحَاتِهَا بِقَمِيصٍ مِنْ نَارٍ وَحِينَ
                                                                    يَقْرَعُ بَابَكَ يَأْتِي مَحُمُولاً عَلَى أَجْنِحَةِ النَّوارِس تَنْهَضُ وَتَجْلِسُ مَعَ
                                                                    شَمْسٍ تَجْمَعُ بَيْنَ حِكْمَةِ الغُرَابِ وَعُذُوبَة البجعِ تَرَى إِلَى البَوَاخِرِ
                                                                    تَتَدَوَّر قِبَابًا تَكْتَنِزُ المُحِيط وَمِنْ كِتَابِهَا مَفْتُوحًا عَلَى مَدَى الزُّرقَة
                                                                    تَسْمَع كَلمَاتٍ لَم تَأْلفْهَا تُفْرِغُهَا عَلَى صَفَحَاتِ الشَّوارِعِ رَافِعَاتٌ
                                                                    وَعَرَبَاتٌ / مَحَابِرُ وَأَقْلاَمٌ مِنْ مَعْدَنٍ آخَر وَكُنْتُ أَسْمَعُ كَلِمَاتٍ
                                                                    أُخْرَى تَتَسَاقَطُ عَلَى الأَرْصِفَة / يَمْتَلِىءُ وَجْهُهَا بِالْجِرَاحِ وَلاَ
                                                                    شِفَاءَ لِرُضُوضِهَا وَبَيْنَ أَسْلاَكِ الحَدِيدِ وَأَسْلاَك القنّبِ يَتَصَاعَدُ
                                                                    الصّخب:
                                                                    عُمَّالٌ يَفْتَحُونَ خَزَائِنَ المَوْجِ
                                                                    عُمَّالٌ يُفْرِغُونَ وَيَفْرِزُونَ
                                                                    عُمَّالٌ يَحْزِمُونَ وَيُكَوِّمُونَ
                                                                    وَتَرَى إِلَى العرقَ يَتَدَحْرَجُ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَأَعْنَاقِهِم وَتَتَمَرْأَى فِيهِ
                                                                    كَأَنَّكَ تَتَمَرْأَى فِي مَاء عَالمٍ جَدِيد وَتَرَى إِلَى طُيُورِ البَحْرِ تَتَكَتَّبُ
                                                                    وَتَهْجُمُ تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَ فِي هَذِهِ الضجَّةِ الخَالِقَة وَتُنْسِيكَ طَلاَسِمُ
                                                                    التّقْنِيَةِ الَّتِي تَكْتُبُ المَدِينَة طَلاَسِمَ كُنْتَ تَتَوَسَّلُهَا فِي طُفُولَتِكَ لِتَقْرَأَ
                                                                    الغَيْبَ
                                                                    ... / وَأَخَذَتْ عَدَن تَتَرَاءى قَصِيدَةً لَمْ تُكْتَب وَكَانَ رَامْبُو قَدْ حَاوَلَ,
                                                                    - اسْتَخْرَجَ حبرًا آخَرَ مِنْ كِيمِيَائِهَا, لَكِنْ خَانَتْهُ كِيميَاءُ العَصْر.
                                                                    3
                                                                    أَتَحَدَّثُ مَعَ عَدَنٍ وَتُوحِي إِلَيَّ صَنْعَاء تَسِيرُ مَعَكَ الأُولَى وَتُقْبل
                                                                    إِلَيْكَ الثانيةُ فيما تَجْلِسُ حَوْلَهُمَا الجِبَالُ كَمثلِ شُهُبٍ هَدَّهَا
                                                                    السَّيْرُ.
                                                                    صَنْعَاءُ - تسنُدُني أَشْجَارُ السِّدْر تُظَلِّلُنِي أَشْجَارُ العَرْعَر
                                                                    تَحضنُنِي بُيُوتٌ أَعْشَاشٌ تُوَاكِبُنِي مدَرَّجَاتٌ سَلاَلِمُ وَحِينَ أَنْخَفِضُ
                                                                    فِي تِهَامَةَ وَأَلْتَبِسُ بِعُشْبِ الأَقَالِيم تَتَخَطَّفنِي نَبَاتَاتٌ تَتَآلفُ مَعَ
                                                                    الصَّخْرِ وَنَبَاتَاتٌ تَعشقُ الملوُحَة وَتَنْفَجِرُ أَمَامِيَ الأَوْدِيَةُ حُقُولاً
                                                                    فَيْضِيَّةً - وَهَا هِيَ المِيَاهُ أُمَّهَاتٌ يُرْضِعْنَ النَّخِيلَ وَالأَثْلَ الأَرَاكَ
                                                                    والطَّلْحَ وَيُرْضِعْنَ حَشَائِشَ لاَتَفْقَهُهَا اللُّغَة
                                                                    صَنْعَاءُ, - أَسْتَسْلِمُ لِمُهْرَة الحِبْرِ وَأُلْقِي رَأْسِي عَلَى خَاصِرَةِ
                                                                    أَحْلاَمِهَا: هَلْ أَهْمِسُ لِبَلْقِيسَ أَنْ تكْسِرَ عَقْرَبَ الوَقْتِ? هَل الذَّاكِرَةُ
                                                                    بلْقِيسُ هَلْ بلْقِيسُ النّسْيَان? هَلْ بَلْقِيسُ نَجْمَةُ العَصَب هَلْ هِيَ
                                                                    أَنِينُ القَصَب? هَلْ هِيَ الضَّوْءُ تُفْرِزُهُ شَمْسٌ لاَ تَتْرُكُ أَثَرًا
                                                                    لِخُطُوَاتِهَا? هَلْ هِيَ الحَنَانُ يَدْفُقُ عَارِيًا وَأعْزل كَمَاء اليَنَابِيع?
                                                                    هَلْ هِيَ المنْجَلُ يَحْصُدُ الظَّلاَم? السُّؤَالُ يجمَح وَلاَ أعْرفُ كَيْفَ
                                                                    أُرَوِّضُهُ.
                                                                    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
                                                                    وَاْلخَرِيفُ الذِي يَتَسَاقَطُ مِنْ أَعْضَائِي وَرَقٌ يَكْتُبُهُ مَهَبُّ المَرَارَات
                                                                    يَتَسَاقَطُ فِي خَيْطٍ يَجِيءُ مَنْ جَنَائِنَ عُلِّقَتْ بِقَدَمَيْ كَوْكَبٍ تَائِهٍ,
                                                                    جَنَائِن تَنْعَكِسُ فِيهَا الفُصُولُ وَتَعُومُ أَشْلاَءُ النَّهَارِ وَاللَّيْل جَنَائِنُ
                                                                    أَجْهَدُ فِيهَا أَنْ أُعَرِّيَ الرَّقِيمَ وَالكَهْف أَنْ أُلاَمِسَ نَصْلَ اللَّقَاحِ
                                                                    حَيْثُ يَرْقُدُ غُبَارُ الطَّلع أَجْهَدُ أَنْ أَكْتَشِفَ وَحْدَةَ الشّفَاه بَيْنَ الزَّهْر
                                                                    والنَّحْل وَأَنْ أَنْقُشَ الجَانِبَ الآخَرَ مِنْ عُمْلَةِ السرّ
                                                                    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
                                                                    هَلْ يُجْدِي هَذَا الجَيْشُ الَّذِي أَتَقَدَّمُهُ فِي جَبِينِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَيْثُ
                                                                    يَخْرُجُ طَائِرُ الرِّغْبَة نَحْوَ سَمْتٍ مِنَ السَّرْخَسِ وَدوًَّار الشَّمْسِ?
                                                                    هَلْ يُجْدِي ذَلِكَ الحُزْنُ الَّذِي أَصْقُلُ صَفَائِحَه بِأَهْدَابِي? خَيْرٌ
                                                                    لِي أَنْ أَتَوَتّرَ قَوْسًا لِسَهْمٍ أَحْتَارُ فِيهِ مِنْ أَيْنَ وَكَيْفَ خَيْرٌ لِي أَنْ
                                                                    أَرْسُمَ خَرِيطَةَ أَحْشَائِي وَأَتَنَقَّلَ بَيْنَ تُخُومِهَا فِي هَذَيَانٍ أُهَنْدِسُ
                                                                    عَمَارَاتِهِ وَأَفْرِضُ عَلَيْهَا ضَرِيبَةَ المَفَاتِيح
                                                                    هَكَذَا أُطْعِمُ كَائنَاتِي خُبْزًا آخَرَ وَأُغَيِّر آدَابَ المَائِدَة وَحِينَ
                                                                    يَجْلِسُ الزَّمَنُ إِلَيْهَا أُعَدِّلُ جلْسَتَهُ مَاسِحًا كَتِفَيْهِ بِحَنَانِ شَيْخٍ
                                                                    يَمُوتُ ثُمَّ أَمْلأُ الكُؤُوسَ بِخَمْرةِ الفَجِيعَة وَأُنَادِم الرَّفْض
                                                                    لِي فِي تُرَاب اليَمَنِ عِرْقٌ مَا,
                                                                    أَقْدَامُ حَدِيدٍ تَسْقُفُ المَكَانَ
                                                                    نِسَاءٌ يَنْقُشْنَ قُبُلاَتهنّ عَلَى شَفَتَيْ
                                                                    عَصْرٍ يَتَغَطَّى بِالإِسْمَنتْ
                                                                    لَيْسَ لذِي يَزَنٍ إَلاَّ أَنْ يُغَالِبَ أَسْوَارًا يُحْتَضَرُ وَرَاءَهَا الأَسْرَى
                                                                    وَإِلاَّ أَنْ يَسْتَطلعَ الدُّرُوبَ فِي آثَارِ خُطُوَاتِهم لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ
                                                                    يُكَرِّرَ قِرَاءاتِهِ لأَبْجَدِيَّة الغُبَار
                                                                    صَنْعَاءُ, - نَوَافِذُ بِلُطْفِ الطُّفُولَةِ مَمَرَّاتٌ كَأَنَّهَا الكِتَابَةُ وَبَيْنَ
                                                                    الخَطّ وَالخَطّ فَوَاصِلُ وَحَرَكَاتٌ تُوَشْوِشُ, -
                                                                    لِلْقَنَاطِر خُيُولٌ وَهَذَا القَوْسُ حَاجِبَانِ وَثَمّةَ أَقْمَارٌ تَقْفِزُ مِنْ
                                                                    أَعَالِي البُيُوتِ وَمِنْ أَطْرَافِ المَآذِنِ يَنْكَسِرُ شُعَاعُهَا وَيَلْتَئِمُ
                                                                    غَلاَئِلَ وَعَبَاءاتٍ
                                                                    وَفِي الأَزِقَّة المَرْصُوفَةِ بِأَسْنَانِ تَارِيخٍ شيخٍ كُنْتُ أَتَخَيَّلُ وَقْعَ
                                                                    قَدَمَيَّ مَمْلُوءًا بِأَشْبَاحٍ لَهُنَّ هَيْئَةُ الكَواكِبِ.
                                                                    4
                                                                    - (حَقّ العشْرِين بِعَشْرَه, يَابَلاَشْ يَابَلاَشْ) / يُكَرّر طِفْلٌ
                                                                    نِدَاءَاتِه يَسْحَبُ خُيوطَ صَوْتِهِ بَيْنَ سُوق البَزّ وَسُوق النُّحَاس
                                                                    فِيمَا يَرْفَعُ مَرآتَهُ الصَّغِيرَةَ فِي اتِّجَاهِ شَمْسٍ تتسكّعُ
                                                                    بين الأَرْجُل وَفِي أَرِيجٍ مِنَ البَهَارَات تَتَشَابَكُ الأَسْوَاقُ أَوْرِدَةً
                                                                    وَشَرايِين في هذا الجِسْمِ الذِي لَيْس مِن وَاقِعٍ وَلاَ حُلْمٍ.
                                                                    صَنْعَاءُ, - آخذُكِ بَيْنَ ذِرَاعيَّ
                                                                    نَمْشِي مَعَ رِجَالٍ يَرْفَعُونَ
                                                                    النَّهَارَ مِظلَّةَ أَحْزَان
                                                                    مَعَ نِسَاء يَحْمِلْنَ عَلَى أَكْتَافِهِنَّ
                                                                    هُمُومًا بِلَوْنِ الزَّبِيبِ
                                                                    وَلَيْسَ لأَقْدَامِهنَّ إِلاَّ شَهْوَةٌ
                                                                    وَاحِدَة: أَنْ تقبِّلهَا الرِّيح
                                                                    قَنَادِيلُ وَجَامِعُ أَرْوَى يتَّكِىءُ عَلَى رِيَاضِيَّاتِ سَبأ
                                                                    قَنَادِيلُ انْطَفَأَتْ وَلَهَا شَرَارَةُ الوَحْي
                                                                    أَقْرَأُ أَسْرَارَهَا مَتْنًا مَتْنًا
                                                                    وَأُرْجىءُ الهَوَامِشَ وَالتَّفَاصِيلَ
                                                                    ثمَّةَ عَصْفٌ مَا وَأَسْألُكِ
                                                                    أَيَّتُها القَنَادِيلُ أَيْنَ السَّاهِرُونَ وَمَنْ يُمْسِكُ بالزِّناد?
                                                                    أَوَّلُ السُّوق / مَهْلاً - لَيْسَ هَذَا مَاءً بَلْ دَمٌ لَيْسَ هَذَا جِدَارًا بَلْ
                                                                    العَمُودُ الفِقَرِيّ لِرَجُل قَالَ مَرَّةً كَلاّ
                                                                    آخِرُ السُّوقِ / امْرَأَةٌ كَوْكَبٌ آبنُوسِيٌّ يَسْبَحُ فِي أَثِير التنهُّدَات
                                                                    - (أَلَنْ نَلْتَقِي بَعْدُ?)
                                                                    تَرَكْتُ اللَّيْل يَنَامُ عَلَى عَتَبَةِ بَيْتِهَا فِيمَا كَانَت نَجْمَةٌ تَتَهَيَّأُ لِكَيْ
                                                                    تَقْتَحِمَ غُرْفَتِي وَتقْرَأَ جَسَدَهَا عَليَّ
                                                                    وَكَانَتِ الأَسْوَاقُ تَهْدِرُ وَتَتَمَوَّجُ فِيمَا كُنْتُ أَسْتَعِيد
                                                                    قَوْلَ الهَمَدَانِيّ:
                                                                    (لاَ تَلْحَقُ بِحَسْنَاء صَنْعَاءَ امْرَأَةٌ مِنَ العَالَم).
                                                                    أَتَحَدَّثُ مَعَ صنْعَاءَ وَأَتَجَوَّلُ فِي عَدَن,
                                                                    صَيَّادُونَ يَرْسُمُونَ ظِلاَلَهُمْ عَلَى البَحْرِ
                                                                    حَضَرٌ وَبُدَاةٌ يَسْتَنْطِقُونَ
                                                                    جَسَدَ المَادَّة وَيَرُجُّونَ ذَاكِرَةَ الشَّوَاطِىء
                                                                    تَنْفُرُ أَحْلاَمُهُم أحْصِنَةً تصْهلُ, -
                                                                    فَرَسُ شَهْوَةٍ
                                                                    شُعَاعُكَ أَيُّهَا التَّارِيخُ وَقِشْرَتُكَ تُعَاكِسُ شَهَوَاتِنَا
                                                                    لَكِنَّ سِلاَحَكَ صَدَأ وَنَحْنُ صَوَّانُ الرَّغَبَات
                                                                    نَخْتَارُكَ أَيُّهَا الصَّوّان بَيْنَ مُلْكِ الصَّحْرَاء بِكَ
                                                                    تَسَمَّيْنَا انْشِقَاقًا بِكَ فَكَّكْنَا بِكَ تَمَاسَكْنَا وَالتَحَمْنَا
                                                                    وَأَنْتَ فِينَا شَقِيقٌ لِلْمَاء (الصّوانُ مَاءٌ جَامِدٌ المَاءُ
                                                                    صوَّانٌ سائِل)
                                                                    أقُولُ عَدَنٌ وَصَنْعَاءُ وَأُضْمِرُ هَذَا المرَكّبَ - المَهْد /
                                                                    (... نَحْنُ آسِيَا وَأَفْرِيقيَا مَغْسُولَتَيْنِ بِمَاء المُسْتَقْبَل
                                                                    مَكْسُوَّتَيْنِ بِسَعَفِ البِدَايَات وَلَسْنَا مِنْ عَصْرِ
                                                                    المَعْدِن بَلْ مِنْ عَصْرِ الإِنْسَان)
                                                                    أَقُولُ عَدَنٌ وَصَنْعَاءُ وَأَعْنِي هَذَا المرَكّب - المهد /
                                                                    - كَيْفَ لِغُمْدَانَ أَنْ يظَلَّ شَابًّا مُنْذُ آلافِ السَّنَواتِ?
                                                                    - كَيْفَ أجِيبُ وَأَنَا (حَصَّنْتُ غُمْدَانَ بِمُبهَمَات?)
                                                                    (إكْلِيل الهَمَدَانِي)
                                                                    صَنْعَاءُ, - مِنْ هُنَيْهَةٍ رَأَيْتُكِ فِي صُورَةٍ وَالآنَ
                                                                    تَتَحَوَّلِينَ أَنْتِ الثَّوبُ يُفْتَقُ وَيُرْتَقُ بِرَفَّةِ الهُدِْبِ وَمَا
                                                                    أَغْرَبَ الخَلِيطَ الذِي يُنْسَجُ هَذِهِ اللَّحْظَة /
                                                                    سُوق الحَرِير, -
                                                                    امْرَأَةٌ مِن جِنّ سَبَأ
                                                                    ثَوْبُهَا تَعْرِيشُ بَطرٍ وَتَخْرِيمُ
                                                                    شَهَوَاتٍ حَافِيَةٌ وَكُمَّاهَا طَائِرَان
                                                                    لَوْحٌ: (أَبْكَارُ النِّسَاء كَإِنَاثِ الخَيْل
                                                                    لاَ يَسْمَحْنَ إِلاَّ عَنْ صَهِيلٍ
                                                                    وَمُغَالَبة) (بلقِيس)
                                                                    سُوق الحَبّ, -
                                                                    نَقْشٌ: (هَذَا العَالَمُ لاَ يَحْلُو فِي عَيْنِي
                                                                    وَمَا لاَ يَحْلُو فِي العَيْنِ لاَ يَحْلُو فِي الفَمِ).
                                                                    سُوق الذَّهَب, -
                                                                    لَوْحٌ: (كلّ قَرِيبٍ شَاسِعٌ)
                                                                    نَقْشٌ: (يَزْهَدُ العَاقِلُ كَأَنَّهُ المَوْت
                                                                    وَيَعْمَلُ كَأَنَّهُ الأَبَدُ).
                                                                    سُوق الفِضَّة, -
                                                                    نَقْشٌ: (يُوقِنُ الصَّائِغُ لِيُصْلحَ نَفْسَهُ
                                                                    وَيُتْقِنُ ليُصْلح الدُّنْيَا).
                                                                    سُوق القَات, -
                                                                    رُقْعَة: (تُدْرِكُ يَدَايَ مَا لاَ تَرَاهُ عَيْنَايَ).
                                                                    سُوق العطارةَ, -
                                                                    رُقْعَة: (يَذْهَبُ عَنِّي مَا أُرِيدُ وَيَأتِينِي مَا لاَ أُرِيدُ)
                                                                    سُوق الزَّبِيب, -
                                                                    نَقْشٌ: (أَنَا رَاعِي الحَيّ فَإِذَا سَكرتُ ضَاع).
                                                                    سُوق الحَنَّاء, -
                                                                    لَوْحٌ: (مَا لَوْنُ الربّ?) (بلْقِيس)
                                                                    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
                                                                    أَهْبِطُ مَعَهَا إِلَى البِدَايَات كَيْ أُحْسِنَ اكتِشَافَ مَا
                                                                    يَأْتِي
                                                                    شَقَائِقُ نُعْمَانٍ
                                                                    سِلاَلُ عِنَبٍ تَنْهَضُ مِنْ أسِرَّةِ التِّلاَلِ
                                                                    نَهْدَانِ يَسْتَعْجِلاَنِ القطَاف
                                                                    وَوَرَاءهمَا يتَفَتَّتُ فَخَّارُ الأَزْمِنَة
                                                                    شُكْرًا لِلْحَيَاة وَلَيْلِهَا
                                                                    المُزْدَوِجِ شُكْرًا لِحِكْمَةِ صَوّانٍ يَسْتَوْهِمُ أَنَّهُ
                                                                    صَدِيقِي
                                                                    وَأَنْتِ حَاذِرِي أَنْ تَبْتَرِدِي - أُغَطِّيكِ يَا أَسْرَارِي
                                                                    صَنْعَاءُ, - حَقًّا تُقِلِّني
                                                                    الرِّيح أَتَعَلَّمُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَمَنْطِقَ كُلّ شَيْء
                                                                    تَسِيرُ مَعِي الجِبَالُ وَتَجْلِسُ وَرَائِيَ الجِنّ.
                                                                    5
                                                                    اهْبِطْ, أَيُّهَا الشَّاعِرُ, إِلَى الكثيبِ
                                                                    الأَحْمَر فِي أَسْفَلِ وَادِي الأَحْقَافِ, وَاسْأَلْ
                                                                    قَبْرَ هُود: مَنْ أَنْتَ, وَمِنْ أَيْن?
                                                                    إِيلِ / عَلِي
                                                                    أُقْسِمُ بِهَذَا الوَادِي, كُنْتُ أَسْتَطِيعُ مُتَوكِّلاً عَلَى
                                                                    امْرِىء القَيْس, أَن أَتَسلَّقَ الفَضَاءَ وَأَنْ أَخْتَرِقَهُ,
                                                                    وَلَسْتُ سَاحِرًا وَلاَ أَدَّعِي النبُوَّة.
                                                                    كَانَتْ أَطْرَافِي قَدْ امْتَلأَتْ بِلَيْلِ حَضَرمَوْت,
                                                                    وَازَّينَتْ حَوَاسِّي
                                                                    وكُنْتُ اسْتَيْقَنْتُ أَنَّ اللَّيْلَ فِيهَا لَيْسَ مَغِيبًا
                                                                    لِلشَّمْسِ وَأَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَهَا لَيْسَتْ قُبَّةَ الأَرْضِ بَلْ
                                                                    ثَوْبُهَا الَّذِي يَلْتَصِقُ بِجَسَدِهَا -
                                                                    (يَا لَلْجَسَد - هَادِرًا بِنَشِيدِ الْبِدَايَاتِ
                                                                    لاَ تَتَّسِعُ لِخُطُوَاتِهِ سَاحَةُ الوَقْتِ,
                                                                    يَا لَلْجَسَدِ مَوْجًا يُزَحْزِحُ شطْآنَ التَّارِيخ);
                                                                    إِنَّهَا النُّجُومُ تَهْبِطُ إِلَيَّ,
                                                                    وَهَا أَنَا أَتَشَرَّدُ مَعَهَا,
                                                                    يَحْرِسُنِي التّرَاب نَفْسُهُ,
                                                                    وَسِلاَحُهُ الخَطّ المُسْنَدُ, وَالنُّقُوشُ, والتَّمَاثِيلُ,
                                                                    وَفِي كُلِّ نَاحِيةَ مِنْ كِنْدَةَ يُدَنْدِنُ امرؤُ القَيْس
                                                                    شفتَاكِ, فَاطِمُ, عَسَلُ دَوْعن
                                                                    نَهْدَاكِ تَمْرٌ مَدِينِيّ
                                                                    وَظَنِّي أَنّ هَذَا المَدَى الذِي ينْسجُهُ المَدَرُ قَدْ فَهِم
                                                                    طِينَتِي
                                                                    وَأَنْتِ, يَا فَاطِمُ, سَأُسَمِّيكِ فِي هَذَا الوَادِي
                                                                    بِاسْمٍ تَجْهَلُهُ الشِّفَاهُ
                                                                    وَأَنْتَ يَا جَسَدِي, سَأَكْتُبُ بِالخَطِّ المُسْنَدِ رَسَائِلَ
                                                                    شَوْقِكَ إِلَى المَعْنَى.
                                                                    اهْبطْ أَيُّهَا الشَّاعِر
                                                                    الفَضَاءُ بَيْتٌ تَسْقفُهُ أَحْلام النّسَاء
                                                                    وَالقَمَرُ يَتَسَلَّقُ الجُدْرَان,
                                                                    وَيُوَصْوِص مِنَ النَّوَافِد, -
                                                                    وَهَا هِيَ الأَزِقَّةُ وَالحُقُولُ تَسْهَرُ كَمِثْلِ الكُتبِ التِي
                                                                    تخْتَصِرُ الطَّبِيعَة.
                                                                    سَيؤُون تَرِيم شِيبَام
                                                                    أَبْوَاقٌ مِنْ عَالَمٍ آخَرَ تَصْدحُ تَحِيَّةً لِلْعَنَاصِرِ
                                                                    الأَيَّامُ تَنْزِلُ عَلَى سَلاَلِمهَا كَمثلِ الأَطْفَالِ,
                                                                    وَمُنْذُ أَنْ تَصِلَ الشَّمْسُ إِلَيْهَا,
                                                                    تَجْلِسُ عَلَى عَتَبَاتِهَا وَتَتَنَهَّدُ كَأَنَّهَا لاَ تُرِيدُ
                                                                    أَنْ تَنْهَضَ
                                                                    اهْبِطْ أَيُّهَا الشَّاعِرُ, -
                                                                    أَظُنّ أَنّ ذَاكِرَتِي تَسِيلُ فِي وَادِي الأَحْقَافِ
                                                                    أَظُنُّ أَنَّ الزَّمَنَ يَنْكَسِرُ بَيْنَ يَدَيَّ كَمِثْلِ قَضِيبٍ
                                                                    يابِسٍ
                                                                    أَظُنّ أَنّ الجِبَالَ التِي تُظَلِّلُ
                                                                    أَحْمَد بْنَ عِيسَى المُهَاجِر,
                                                                    جَاءتَ تُشَارِكُنَاالدَّانَ فِي فُنْدُق سَيؤُون,
                                                                    ذَلِكَ المَسَاءَ, وَتَرْقُصُ
                                                                    فِي طَرَبٍ شِبْه صوفِيّ,
                                                                    أَظُنّ أَنَّنِي قُلْتُ: لاَ شَكَ أَنَّنِي سَلِيلُ مُوسِيقَى
                                                                    خَرَجَتْ مَرَّةً
                                                                    مِنْ حُنْجَرَةِ السَّمَاء, ثُمّ آثَرَتْ ألاَّ تَعُود
                                                                    - أيّتُهَا المُوسِيقَى,
                                                                    أَهْلاً بِكِ عَلَى هَذِهِ الأَرْض, فِي دَارِ هِجْرَتِنَا
                                                                    الدَّائِمَة.
                                                                    وَالآنَ,
                                                                    جَاءَتِ الشّفَافِيَةُ تَحْمِلُنِي وَتَتَعَالَى أقْدِرُ أَنْ أَتَحَوَّلَ
                                                                    أن أتَمَاهَى وَمِثْلَمَا كُنْتُ الطيِّعَ أقْدِرُ الآنَ أَنْ أكُونَ
                                                                    الآمِرَ أَقُولُ لِكُلِّ طينَةٍ كُونِي صُورَةً لِكُلِّ صُورَةٍ
                                                                    تَكَوَّنِي أُعْطِي لِلأَشْيَاء حَرَكَاتِي وَأَهْوَائِي
                                                                    يَمْتَلِىءُ كُلّ شَيْء بِضِيَاء هذِهِ الخَلِيقَةِ وَأَكُونُ قَدْ
                                                                    عَرَّيْتُ الزَّمَنَ /
                                                                    رَمَيْتُ ثَيَابَهُ الحِجَازيّة فِي خِزَانَة بلْقِيس
                                                                    وَنَثَرْتُ أَيَّامَه النّجْدية فِي مَأرِبَ وَمَا حَوْلَهَا
                                                                    وَأَكُونُ قَدْ أَجْرَيْتُ عَلَيْهِ ماءَ تَكْوِينٍ آخَرَ,
                                                                    وَكَسَوْتُهُ بِأَنْفَاسِ لُغَةٍ ثَانِيةٍ -
                                                                    هَكَذَا أَتَكَلَّمُ بِطَرِيقَةٍ تُجسِّدُ
                                                                    أَصْدِقَائِي شُعَرَاءَ الْجَاهِلِيَةِ (أَقْصِدُ شُعَرَاءَ
                                                                    البَصِيرَةِ وَالهُيَامِ والرِّغْبَةِ) أَقُولُ لِكَلِمَاتِي أَنْ
                                                                    تَنْتَشِيَ فِي مَكَانِهَا بَيْنَ شَفَتَيَّ وَهَذَا الضَّوْء الذِي
                                                                    يَجِيئُهَا مِنْ أَشْيَاء الوَاقِعِ أُغْرِيهَا بِالسَّفَرِ فِي
                                                                    وَحْشِيّةِ سُقُوطٍ لَيْسَ إِلاَّ صُعُودًا آخَر
                                                                    حَيْثُ نَرَى لِلرِّغْبَةِ جَسَدًا يُولَدُ فِي الجَسَد
                                                                    حَيْثُ نقْدر وَرَاءَ كَلّ حِجَابٍ أَنْ نُحَيِّي امرؤَ
                                                                    القَيْس,
                                                                    وَنَسْتَشِفّ عُمَر بْنَ أَبِي رَبِيعَة,
                                                                    وَحَيْثُ نَسْمَعُ الحَجَرَ وَالمَاءَ يَتَحَدَّثَانِ دَائمًا عَنْ
                                                                    يُوسُفَ وامْرأَةِ العَزِيزِ, -
                                                                    سَلاَمًا حضرَمُوت -
                                                                    أَيَّتُها العَيْنَان السَّوْدَاوَان في هَذَا الرّأسِ الأَزْرَقِ
                                                                    الذِي سُمِّي السَّماء,
                                                                    أَيَّتُها المَرْأَةُ التِي تَغْتَسِلُ بِعَسَل دَوْعن,
                                                                    حِزَامُهَا بَحْرُ العَرَب
                                                                    وَخَلْخَالُهَا المَوْج.
                                                                    6
                                                                    ... / إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, - أَرْبِطُ مُخَيِّلَتِي بِتِلْكَ
                                                                    الخضرَة وَأُخْلِي جسْميَ من دَبِيبِ الهَوَاجِس
                                                                    مَاذَا? فِي قَرَارَاتِي وَخْزٌ
                                                                    (نَاسٌ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثَمَنُ الرَّأْس منْدِيل وَلاَ
                                                                    شَيْءَ إِلاَّ السِّلاَحُ وَالصّياحُ)/
                                                                    هَلْ أَجِيءُ مِنْ دَاء لا يَشْفَى?
                                                                    وَخُيِّلَ إِليَّ أَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتًا يلفظهُ قَيْءُ
                                                                    الصَّحْرَاء يَتَحَدَّثُ عَنْ قَمَرٍ صِنَاعِيّ اسْتَقَالَ مِنَ
                                                                    الجَاذِبيّة عَنْ مسْتَوْصَفَاتٍ للِنِّسَاء
                                                                    الآليّات عَنْ فَنَادِقَ لِلْكِلاَبِ وَأَعْرَاسٍ لِلْقِطَطِ
                                                                    وَتَرَاءَتْ لِي جُذُوعٌ بَشَريَّةٌ مَبْتُورَةٌ تَلْتَئِمُ حَوْلِيَ تَارَةً
                                                                    وَتَتَمَزَّقُ تَارَةً فِي أَحْشَائِي وَكُنْتُ كَمَنْ يَسْبَحُ فِي
                                                                    شَرْق تَثْقُبُهُ بُحَيْرَاتُ الدَّم وَشُبِّهَ لِي أَنَّنِي فِي
                                                                    مهْرَجَان أَعْنَاقٍ تَحْتَفِلُ بِذَبْحِهَا دُونَ أنْ تَدْرِي
                                                                    وَتَمْتَمْتُ: أَنْ تَكْتُبَ هُوَ أَنْ تُهَرِّبَ الكَلاَم /
                                                                    لَنْ تُغْرِينَي أَيُّهَا المَلاَكُ وَالشَّيْطَانُ أعْقَلُ مِنْ أَنْ
                                                                    يُوَسْوِسَ إِلَيَّ عَيْنَايَ تَفِرَّانِ إِلَى الأَمَامِ
                                                                    وَقَدَمَايَ نَشْوَةٌ وَرَقْص الإِيقَاعَ الإِيقَاعَ
                                                                    وَلْنَرْقُصْ فَوْقَ رَمَادِ هذِهِ الأَزْمِنَة
                                                                    هَكَذَا ذَهَبْتُ مَعَ ظَنِّي الجَمِيل
                                                                    فجْأَةً رَأَيْتُنِي
                                                                    أَسْتَسْلِمُ لأَلَقِ لَحْظَةٍ تَنْضَحُ بِرَائِحَةِ عُودٍ يُؤَاخِي
                                                                    بَيْنَ النّسْيَانِ وَالذِّكْرَى وَأُصْغِي إِلَى حَكِيمٍ يُمْلِي -
                                                                    - (كَلاَّ, لَنْ تَجِدَ الطَّبِيعَةُ زُهُورًا جَدِيدَةً إِلاَّ فِي
                                                                    جِرَاحِنَا كَلاَّ لَنْ يحْظَى تَارِيخُنَا بِنَبْضِهِ إِلاَّ
                                                                    فِي مَنْفَانَا).
                                                                    وَحَسِبْتُ أَنّ آسِيا العَجُوز تَجْلِسُ فِي رِوَاقِ أَرْوَى
                                                                    والفُصُولَ تَتَبَادَلُ قُمْصَانَهَا بَيْنَ ذِي يَزَنٍ وَعَشْتَار.
                                                                    .../ إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, -
                                                                    أَيَّتُها الإِيقَاعَاتُ الطَّالِعَةُ مِنَ الأَوَائِل أَمْتَزِجُ بِك
                                                                    وَأُضِيفُ بَصِيرَتِي إِلَيْكِ أَتركُ لأَوْتَارِي أَنْ تَصْهَركِ
                                                                    طِينَةً ثَانِيَةً وَمِنْ هَذَا الرِّوَاقِ الَّذِي نَرْعَاهُ أَصْدِقَائِي
                                                                    وَأَنَا نكتبُ لِتِلْكَ الجِهَة المَطْمُوسَةِ مِنْ عُرُوبَةِ القَلْبِ
                                                                    لأُولَئِكَ المسْحُوقِينَ يَمُوتون وهُمْ يَتَقَاسَمُونَ الرَّغِيفَ
                                                                    لأُولَئِكَ التَّائِهينَ يَسْقُطُونَ وَهُمْ يَتَشَبَّثُونَ بِالأَعَالِي
                                                                    يُشاركونَ الحُقُولَ كَآبَةَ الجَدْبِ وَيُصَادِقُونَ الهَوَاءَ
                                                                    لأُولَئِكَ المَنْبُوذِينَ يَنْتَعِلُونَ الأودية وَيَلْتَحِفونَ الجِبَال
                                                                    ... / إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, -
                                                                    تَنْهَضُ فِي قَصَائِدِنَا أَبْوَابٌ وَشُرُفَات نَكْتَشِفُ
                                                                    زَوَايَا مِنْ جَسَدِ صَنْعَاء لاَ تَزالُ عَصِيَّةً عَلَى
                                                                    الصُّور نَسْمَعُ كَلِمَاتٍ فِي حُنْجُرَةِ عَدَنٍ لاَ
                                                                    شَوَاطِىءَ لَهَا
                                                                    - بِلاَدٌ نَاقَةٌ تَرْعَى أَعْشَاب الفِقْه /
                                                                    الصَّحْرَاء تَابُوتٌ يَتَنَقَّلُ عَلَى رُؤوسِنَا وَاللُّغَةُ بَبَّغَاءُ
                                                                    فِي قَفَصِ الرُّعْبِ
                                                                    - كَيْفَ نَخْتَرِقُ هَذَا الرّبْعَ الخَالِي? أَيْنَ لُقْمَانُ
                                                                    وَحِكْمَتُهُ? هَلْ عَلَيْنا أَنْ نجْدلَ شعْرَ السَّمَاء أَعِنَّةً
                                                                    لِخُيُولِنَا? أَنَّ نَصْرخَ بِالنُّجُومِ مُدّي أَيْدِيَكِ إِلَيْنَا?
                                                                    هَلْ عَلينا أنْ نَشُقَّ القَمَر?
                                                                    - مِنْ أَيْنَ لِنَمْلَةٍ أَنْ تُغْرِيَ نَسْرًا?
                                                                    - نُنَاضِلُ كَمن يُقَاتِلُ الغُبَار كَمن يَكْتُبُ أَبْجَدِيَّة الرَّمْلِ
                                                                    كَمن يَرْضع ثَدْيَ الحَجَرِ
                                                                    - ألْوَطَنُ فُرْنٌ يُطْبَخُ فِيهِ مَنْ يَجِيءُ لإِيلاَفِ مَنْ يَرُوح
                                                                    - لَيْتَ السَّمَاءَ تَمْرٌ
                                                                    إِذَنْ كُنَّا أَكَلْنَاهُ وَاسْتَرَحْنَا
                                                                    - مَا أَنْتِ وَمَنْ أَيَّتُهَا الشَّجَرَة?
                                                                    - رُبَّمَا كُنْتُ حَبْلَ سُرَّةٍ بَيْنَ رَحِمِ اليَأْسِ وَسَرِيرِ
                                                                    الغِبْطَة رُبَّمَا كُنْتُ لُغَةً يَلُوذُ بِهَا الحَيّ فِي حِوَارِهِ
                                                                    مَعَ المَيِّتِ رُبَّمَا كُنْتُ لَوْنًا يُوَحِّدُ بَيْنَ قَوْسِ قُزَحٍ
                                                                    وَقَوْسِ الأَيَّامِ رُبَّمَا كُنْتُ إِكْسِيرًا
                                                                    يَتْرُكُ لِكُلِّ شَيْء أَنْ يَسْبَحَ فِي شِعْرِهِ الخَاصّ
                                                                    - إِذَنْ مَا شَكْوَاكَ أَيُّهَا القَاتُ الصَّامتُ?
                                                                    - ... أَنّ صَدِيقِي الوَقْتَ أَقَلُّ اخْضِرَارًا مِنِّي /
                                                                    هَكَذَا نَسْتَنْبِتُ قَاتًا آخَرَ لاَ مِنَ الأَرْضِ
                                                                    لاَ مِنَ النَّبَاتِ بَلْ مِنَ الصَّبْوَةِ وَانْفِجاَرَاتِها, -
                                                                    نَشْوَةٌ: حِينَ تَأسرُكَ العَاصِفَةُ اسْتَسْلِمْ,
                                                                    لَكِنْ كُنِ الوَتَرَ الَّذِي يَعْزِفُ الرِّيحَ,
                                                                    حِكْمَةٌ: الغبَارُ حِكْمةُ الَيدِ وَالعَتَبَةُ غَرِيزَةُ القَدَم.
                                                                    أُمْثُولَة: أرْضَعَتِ الشَّمْسُ عَدَنًا وَنَسَجَتْ لَهَا
                                                                    غَلاَئِلَ لاَ تَخْرِقُهَا أَظَافِرُ الدّهْر.
                                                                    شَطْحَةٌ: النُّجُومُ فِي صَنْعَاءَ قَطِيعٌ
                                                                    وَالقَمَرُ رَاعٍ يَتَوَكَّأ عَلَى عَصَاهُ وَرَاءَ سِيَاج
                                                                    الفَضَاء.
                                                                    مُكَاشَفَة: لِكَيْ لاَ تَتَعَثَّرَ فِي طَرِيقكَ أَوْ تَسْقُطَ
                                                                    قُلْ لِقَلْبِكَ أَنْ يَتَرَجَّلَ وَيَمْشِي أَمَامَك
                                                                    لِي فِي تُرَابَ اليَمَنِ عِرْقٌ مَا /
                                                                    مِنْ أَجْلِ شَوَارِعَ تَرْتَسِمُ شَامَاتٍ فِي وَجْهِ النَّهَارِ
                                                                    مِنْ أَجْل لَيْلٍ يَلْبسُ النُّجُومَ قَلاَئدَ وَأَقْرَاطًا
                                                                    مِنْ أَجْلِ أَرَاغِنَ تَضْحَك وَتَبْكِي فِي سِرِيَرةِ كُلّ شَيْء
                                                                    مَنْ أَجْلِ غَرَابَةٍ تُهَيْمِنُ عَلَى أَحْشَائي
                                                                    مِنْ أَجْلِ أَيْدٍ تَنْسُجُ البُكَاءَ خِيَامًا لِلْحُلْمِ
                                                                    مِنْ أَجْلِ مَجْهُولٍ أَنْغَرِسُ فِيهِ وَتَنْغَرِسُ أُرُومَة الخَلْقِ
                                                                    أَقُولُ فِي تُرَاب اليَمَنِ
                                                                    لِي عِرْقٌ مَا,
                                                                    وَأَنْتَمِي إِلَيْهِ
                                                                    بَلَدًا بَلاَ عُمُرٍ
                                                                    كَأَنَّهُ وَجْهُ الله.
                                                                    هَكَذَا نَنْضجُ فِي خَابِيةِ الزَّمَنِ يَكْتُبُ دَمُنَا مَا لاَ
                                                                    تقْدرُ أَنْ تَمحُوَهُ
                                                                    أَيْدِينَا وَكَيْفَ أَكُونُ المُفْرَدَ وَمَا أَنَا, إِنْ لَمْ أَلْبس
                                                                    الشُّخُوصَ كلّهم إِنْ لَمْ أَكُنْ هَذَا الجَمْعَ? انظُرُوا
                                                                    إِلَى المَشْهَدِ يَتَحَرَّكُ فيه الخَلِيفَةُ وَالإِمَامُ القَاضِي
                                                                    وَالفَقِيهُ المُشَرِّعُ وَالشُّرَطِيّ الأَمِيرُ وَالجنديّ
                                                                    أَعْنِي يَتَحَرَّكُ المُتَمَرِّدُ وَالمُرْتَدّ الثَّائِرُ وَالعَاشِقُ
                                                                    الخارجُ وَالشَّاعِرُ الصَّعْلُوكُ وَالفَارِسُ
                                                                    وَبَيْنَ سَوْرَةِ القَلْبِ تَتَفَطَّرُ شِعْرًا
                                                                    وَسَوْرَةِ الذِّهْنِ تَتَلأْلأُ نظرًا
                                                                    أَكْتُبُ وَأُعْلِنُ: كِتَابَتِي غِوَايَةٌ, - وَأُكَرِّر: لَسْتُ
                                                                    الجَوْهَرَ لَسْتُ النّوعَ النّقِيّ أَنَا جَوَاهِرُ وَأنْوَاعٌ
                                                                    مَزِيجُ قَمَرٍ وَشَمْسٍ في لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ
                                                                    وَ(حِينَ أَضْحَكُ
                                                                    أَضْحَكُ لِكَيْ أنْفَصِل بِفَرَحٍ عَنِ المَاضِي) (مَارْكس)
                                                                    مُعْلِنًا حَقِّي فِي أَنْ أَكُونَ مَتَنَاقِضًا (مَنْطِقِي أَكْثَرُ
                                                                    شُمُولاً مَنْ مَنْطِقكُم الظَّاهِريِّ)
                                                                    وَأَنْتَ أَيُّهَا الطُّوفَانُ يَا صَدِيقِي تَقَدَّمْ
                                                                    هَكَذَا نَنْضُجُ فِي خَابِيَةِ الزَّمَنِ وَنَسْتَنْبِتُ قَاتًا آخَرَ, -
                                                                    صَنعَاءُ / (الإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يُوجَدُ لاَمِنْ حَيْثُ
                                                                    يُولَدُ)
                                                                    عَدَنٌ / (الإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يَثْبُتُ لاَ مِنْ حَيْثُ ينْبُتُ)
                                                                    صَنعَاءُ / الجَسَدُ ثَقَافَةُ اللُّغَة وَالحَيَاةُ أَنْ تُعَاشِر المَوْت
                                                                    عَدَنٌ / (لِمَاذَا) هِي البَدَاهَةُ (كَيْفَ) هِي المُشْكِلَةُ
                                                                    صَنعَاءُ / أُضَلِّلُكِ وَأَنَا الهَادِي
                                                                    عَدَنٌ / هَلْ أشْتمُ الفَلَكَ?
                                                                    صَنعَاءُ / (الصَّدَاقَةُ رَضَاعٌ ثَانٍ)
                                                                    عَدَنٌ / لاَ سُلْطَانَ كُلّ إِنْسَانٍ سُلْطَان
                                                                    مَوْتٌ أَنْ تَحْيَا بِأَفْكَارٍ مَاتَتْ
                                                                    الأَفْكَارُ كُلُّهَا لِكَيْ تَمُوتَ مِنْ أَجْلِكَ
                                                                    وَأَنْتَ أَيُّهَا الطُّوفَان يَا صَدِيقِي تَقَدَّمْ
                                                                    7
                                                                    الأُفُقُ جَائِعٌ وَأَنَا فِي خَلِيجِ عَدَنٍ أخْبزُ عَرَقِي
                                                                    أشْجَارُ المُرَيْمَرةِ تَئِنّ وَتَكَادُ أَنْ تُجَنَّ وَكَيْفَ تقدر
                                                                    أَنْ تَتَجَنَّبَ الفُؤُوسَ التِي تَخْرُجُ مِنْ نَعِيق الغُرْبَانِ?
                                                                    أُسْنِدُ جِسْمِي عَلَى الغُرُوبِ أُوَحِّدُ بَيْنَ مَشَاعِرِي
                                                                    وَلَعِبِ المَوْجِ أَقُولُ لِلرَّمْلِ الذِي يَشْرَبُ المِلْح وَلاَ
                                                                    يَرْتَوِي: مِنْ أَيْنَ لَكَ, أَيّهَا الضَّامِرُ, هَذِهِ المِعدة?
                                                                    يَا صَدْرِي, يَا صَدْرًا بآلافِ الطَّبَقَاتِ - اكتَنِزْ
                                                                    بِهَذَا النّسِيم الذِي يَهُبّ فِي أَحْضَانِ الخَلِيجِ
                                                                    العَدَنِيّ
                                                                    لَوِّحْ لِتِلْكَ المرَاكِب غَيْر المَرْئِيّة التِي تَعْمُرُ أُفق المَاء
                                                                    وَأَوْسِعْ فِي أَنْحَائِكَ المَرافِىءَ
                                                                    أَصْغِ لِشَمْس عَدَنٍ تُوَشْوِشُ الخَلِيج وَهي تَغْتَسِلُ
                                                                    بِرُطُوبَةِ المَسَاء
                                                                    وانظُرْ لِهَذَا النَّوْرَس كَيْفَ يَحْمِلُ عَلَى كَتِفَيْهِ عِبءَ
                                                                    الشَّوَاطِئ
                                                                    حَقّاً, لِكَيْ تَدْخُلَ فِي إِيقَاعِ اليَمَنِ,
                                                                    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ يُغَنِّي البُكَاءُ الضَّحكَ,
                                                                    وكَيْفَ يَنَامُ القَمَرُ والشَّمْسُ عَلَى مِخَدَّةٍ وَاحِدَةٍ,
                                                                    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ تَكُونُ فِي اللَّحْظَةِ نَفْسِهَا
                                                                    النّهَارَ وَاللَّيْلَ,
                                                                    وَكَيْفَ يَتَحَوَّلُ الغُبَارُ فِي خُطوَاتِكَ إِلَى صِيَّادٍ
                                                                    لِلْوَقْتِ,
                                                                    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ يُكْسَرُ الحَجَرُ كَمَا يُكْسَرُ
                                                                    الجَوز.
                                                                    ... / أرْضٌ تَكْتُبُ أَعَاجِيبَهَا بِحِبْرِ المَادَّة البَحْرُ
                                                                    فِيهَا يَخْرُجُ مِنَ الصُّدُورِ وَالأَيْدِي النُّجُومُ تَطْلعُ
                                                                    مِنَ البُيُوتِ
                                                                    سمْعًا,
                                                                    مَا الَّذِي يَقُولُهُ هَذَا الحِزَامُ الفِضِّي لِخَصْرِ هَذِهِ
                                                                    المرْأة?
                                                                    مَا هَذِهِ الشَّمْسُ التِي تَنْزَلِقُ خِفْيَةً فِي مُلاَءةِ هذِه
                                                                    المرْأة?
                                                                    مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ التِي تَتَحَوَّلُ إِلَى قُبَلٍ تَرْتَسِمُ
                                                                    هَالاَتٍ هَالاَتٍ حَوْلَ جَسَدٍ هَذِهِ المرْأَة?
                                                                    كَلاَّ, لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ إِلَى ذَلِكَ النَّهَار الذِي يَعْرِفُ
                                                                    وَحَدَهُ كَيْفَ يَلْبسُ لَيْلَ هَذِهِ المرْأة.
                                                                    نَفْهَمُ الآنَ كَيْفَ تَسْتَنِدُ امرَأَةٌ يَمَانِيةٌ إِلَى دُمُوعِهَا
                                                                    فِيمَا تَمْسَحُ الغُبَار عَنْ وَجْه الأُفُقِ وَكَيْفَ تلقِي
                                                                    التَّارِيخَ عَلَى كَتفيها كَمنْدِيلٍ أخْضَرَ نَعْرِفُ الآنَ
                                                                    كَيْفَ تُزَفُّ عَرَائِسُ البَحْرِ إِلَى رؤوسِ الجِبَالِ
                                                                    نَعْرِفُ اللَّقَاحَ الذِي يُوَحِّدُ وَيُعَدِّدُ نَعْرِفُ كَيْفَ
                                                                    يَعْمَلُ الجَبَلُ لكَيْ يُصْبِحَ سَمَاءً وَكَيْفَ تَعْمَلُ
                                                                    السَّمَاءُ لِكَيْ تُصْبِحَ شَجَرَةً
                                                                    نَقدر الآنَ أَنْ نُسَمِّي الذَّاكِرَةَ سَفِينَةً وَأَنْ نَقُولَ
                                                                    اللَّيْلُ نَبْعٌ وَالنَّهَارُ إِبْرِيقٌ ونَزْعم أَنَّ التَّارِيخَ كَثيِرًا
                                                                    مَا يأخُذ هَيْئَة شَاعِرٍ ضَيْفٍ يَأْسِرُهُ الغِنَاء اليَمَانِيّ
                                                                    إِنَّهَا المَادَّةُ نَفْسُهَا تُطْلِقُ أَفْرَاسَ المُخَيِّلَةِ فِي
                                                                    الْجِهَاتِ الخَفِيَّة مِنْ كَوْكَبِ الحَيَاةِ أسمعُ
                                                                    أَجْرَاسًا تَتَدَلَّى مِنْ أَعْنَاقِ الأَشْيَاء أَكْتَشِفُ
                                                                    الأَسْمَاءَ المَرْقُومَةَ في كتاب
                                                                    المجَرَّةِ أَرَى الفَضَاءَ عَتَبَةً لِرَأْسٍ يَبْحَثُ عَنْ وِسَادَةٍ
                                                                    فِي مَجْهُولٍ ما,
                                                                    وَلَسْتُ أَتَحَدَّثُ عَنِ الغَيْبِ أَتَحَدَّثُ عَنْ هَذَا الكَوْنِ
                                                                    الصَّغِير - الإِنْسَانِ وعن شَهْوَتِه لِكَيْ يَحْتَضِن
                                                                    الكَوْنَ الكَبِيرَ وَيَلبس اللاَّنهَايَةَ
                                                                    إِذَنْ مِنْ إِشْعَاعِ البَشَرِ وَمِنْ مَرَاكِب الظنِّ آخُذ
                                                                    هَذِهِ الحِكْمَةَ: لَيْسَ الإِنْسَانُ هُو الّذي
                                                                    يَنُوءُ بَلْ الطَّرِيقُ وَسَوفَ نَتَلأْلأُ فِي هَذَا الكُسُوفِ
                                                                    العَرَبِيّ
                                                                    نَفْتَتحُ طَرِيقًا آخَرَ
                                                                    وَنُطْلعُ شَمْسَنَا الثَّانِيةَ
                                                                    اللَّحَظَاتُ تَزْدَهِرُ ضِدَّ الصَّحْرَاء وَالأَشْيَاءُ انفِجَارٌ
                                                                    ضَوْئِيّ
                                                                    الجَسَدُ أكْبَرُ مِنْ مَكَانِهِ وَالعَيْنُ أوْسَعُ مِنْ
                                                                    فَضَائِهَا, -
                                                                    نصْغِي لِكَيْ تَقُولَنَا مَوْجَةٌ أَوْ يبثَّنا السّحَرُ ندىً
                                                                    فَوْقَ مُخْمَلِ الأرْض أَو يَحْمِلَنَا الصَّبَاحُ ماءً
                                                                    وَخُبْزًا وَمَنْ يَسْأَل الوَرْدَةَ ماذَا يقولُ
                                                                    عِطْرُكِ أَيَّتُها الشَّاعِرَة? هَكَذَا لَنْ يَسْأَلَكَ أحدٌ مَاذَا
                                                                    تَقُولُ أَيُّهَا الشَّاعِرُ?
                                                                    وَبَيْنَ العَرَبِيّ الذِي يَلْتَهِمُهُ الغَرْبُ وَالعَرَبِيّ الَّذِي
                                                                    يَلْتَهِمُهُ العَرَب سَيَكُونُ مَكَانٌ لِتَارِيخٍ آخَر, -
                                                                    أنْظُرُوا إِنَّهَا السُّهُولُ تَتَدَثَّرُ بِغُبَارِ الطّلع
                                                                    إِنَّهَا البَرَاعِمُ تَدْخُلُ فِي أَعْرَاسِ اللِّقَاحِ
                                                                    (بَلَى, لاَ تَزَالُ هُنَاكَ جَنَّات) (مُونْتِيرْلاَن)
                                                                    ... أَنْغَمِسُ فِي نَوَايَاي وَأُهِيِّىءُ حُروبِي, -
                                                                    مُنْحَدَرُ التَّارِيخ يَنْعَكِسُ أعْطِي نَشْوَةَ الحُلْمِ
                                                                    لِبَصِيرَةِ العَمَلِ أغْتَرِبُ لأَعْرِفَ نَفْسِي أهجِّن
                                                                    الأَصَالَة (أَنْ تبدعَ هُوَ أَنْ تهجِّن) وأَسْأل مَنْ قَالَ
                                                                    العَيْنُ هِيَ وَحْدَهَا البَصَرُ? مَنْ قَالَ اللِّسَانُ هُوَ
                                                                    وَحْدَهُ الكَلاَمُ? مَنْ قَالَ اليَدُ لاَ تُفَكِّرُ?
                                                                    وأَقُولُ الجَسَدُ إمْلاَئِي وَشَرْعِيَ التّحَوُّلاَت, -
                                                                    إفْتَحِي صَدْرَكِ يَا مَلِيكَتِي..
                                                                    ... إِذَنْ فِي انْفِجَار التحَوُّل تَبْدُو الحَيَاةُ اسْتِعَارَةً
                                                                    وَالْحَقِيقَةُ مَجازًا
                                                                    إِذَنْ أشَبِّه غُمْدَانَ بِالنَّهَار وَبلقيس بِاللَّيْل وَأَنَا
                                                                    بيْنَهُمَا الهَدِيلْ .