أول الاجتياح - أدونيس
لا تقولوا: جُنِنْتَ.
                                                                    جنونيَ أحلامكم/أتينا
                                                                    ورسَمْنا الحقولْ
                                                                    جسداً يتفتّح، كنا نقولْ
                                                                    لوْ نجيءُ ونَغْتصب الكونَ.
                                                                    جئنا
                                                                    ...
                                                                    مَن يراكم يراني - أنا الوردةَ الأوّليهْ
                                                                    في رمادِ المساء انكسرتُ، وبالفجر طيّبْتُ جَذْريَ -
                                                                    أوراقيَ الزغبيّهْ
                                                                    تتقاطَرُ في سُلّمٍ/
                                                                    صوتُ آتٍ
                                                                    أم خُطىً تتناءى؟
                                                                    ...
                                                                    مَن يراكم يراني - أنا كاشفُ الظّنونْ
                                                                    وأقدّم نفسي للرّعدِ: هذا شُعاعٌ
                                                                    غيّروا صورةَ الطّبيعهْ
                                                                    أُمزجوا الصّخرَ بالجناحِ، وبالغبطةِ الفَجيعهْ.
                                                                    ...
                                                                    كلّ شيءٍ جديدٌ على الأرضِ / وجهي فضاءٌ
                                                                    والمدى أوّلُ العيونْ
                                                                    ...
                                                                    من يراكم يراني/ صرخْنا:
                                                                    لا طريقٌ سوى النّار، جئنا
                                                                    لا مجيءٌ إذا لم يكن صاعقاً، وجئنا
                                                                    لم تَزل تكبرُ السّجونْ
                                                                    والمنافي ترفّ مع الهُدْبِ، والخوف يعصفُ ، والخائفونْ
                                                                    ورَقٌ،
                                                                    تكبر السّجونْ/
                                                                    يهبطونَ إلى الشّعر في جُبّةٍ، في زوايا
                                                                    يَستجيرون بالحدّ، يمشون في فُسحةٍ خرّزيّهْ
                                                                    وأنا الصّاعِقُ الحدودَ، أنا الرّحم الأوّليَهْ.
                                                                    ...
                                                                    ويقولون: هذا غموضٌ
                                                                    ويقولونَ: غَيْبُ/
                                                                    غيِّبي كلماتي
                                                                    غَيِّبي خطواتي
                                                                    واجمحي وخُذيني
                                                                    أيّها الشّهوةُ الملكيّهْ؛-
                                                                    إنْ رأيتَ على مدخل الجامعهْ
                                                                    نجمةً، خُذْ يديها
                                                                    إن رأيتِ على مدخل الجامعهْ
                                                                    كوكباً، عانقيهِ...
                                                                    وكتبنا على مدخل الجامعهْ:
                                                                    ألتواريخ تنهار، والنّار تَطْغى
                                                                    خُطانا
                                                                    لَهبٌ يتغَلْغَل في جُثّة الأرضِ.
                                                                    نَسْتأصِلُ العائلَه
                                                                    ونقيمُ الصّداقة/ غَنّوا
                                                                    للشّقوقِ التي تجرح الدّهر هذا
                                                                    زمنٌ يتفتّتُ / غَنّوا
                                                                    لهجوم الفجيعهْ
                                                                    أَفْسحوا للمقيّد أن يُولمَ الطّبيعهْ
                                                                    لأغانيهِ.../
                                                                    تأتينَ تيّاهةً غارقَهْ
                                                                    في محيط الدّم العربيّ، تجيئينَ أشهى من الصّاعقَهْ
                                                                    لا تقولوا: جُنِنْتَ.
                                                                    جنونيَ أحلامكمْ / أتينا
                                                                    وهبطنا الظّلامَ، كسرنا قناديله، وجئنا
                                                                    مثل أرضٍ تحنّ إلى الماء، جئنا
                                                                    مثلَ رَعْدٍ تدثّر بالغيمِ/ وَعْدٌ:
                                                                    ستكونونَ فجراً
                                                                    سيكون الزّمان لأحلامنا شُرفاتٍ...
                                                                    كلّ شيءٍ جديدٌ على الأرض، والأبجديّه
                                                                    لَهبٌ،
                                                                    ...
                                                                    والجنونْ
                                                                    سَفَرٌ بينها وبيني/
                                                                    أَفُقٌ
                                                                    يتهجّى الحدودَ الخفيّهْ،
                                                                    واسمُنا واحِدٌ-
                                                                    ...
                                                                    تأسّستُ في شَجَرٍ لا يموتْ
                                                                    ورأيتُ الخُطى، ورأيت البيوتْ
                                                                    وهي تنهارُ / هذا شراري
                                                                    والمسافاتُ حُبلى
                                                                    واسمُنا واحدٌ - ونجتاحُ: هذا مدانا
                                                                    أن نَرُجَّ المداراتِ، أن لا نكونْ
                                                                    غيرَ هذا الجنونِ
                                                                    الجنونِ
                                                                    الجنونْ.