يوم العلم - عبدالله البردوني
ماذا يقول الشعر ؟ كيف يرنّم ؟
                                                                            هتف الجمال : فكيف يشدو الملهم
                                                                    ماذا يغنّي الشعر ؟ كيف يهيم في
                                                                            هذا الجمال ؟ و أين أين يهوّم ؟
                                                                    في كلّ متّجه ربيع راقص
                                                                            و بكلّ جو ألف فجر يبسم
                                                                    يا سكرة ابن الشعر هذا يومه
                                                                            نغم يبعثره السنى و يلملم
                                                                    يوم تلاقيه المدارس و المنى
                                                                            سكرى كما لاقى الحبيبة مغرم
                                                                    يوم يكاد الصمت يهدر بالغنا
                                                                            فيه و يرتجل النشيد الأبكم
                                                                    يوم يرنّحه الهنا و له ... غد
                                                                            أهنا و أحفل بالجمال و أنغم
                                                                    ***
                                                                    يا وثبة " اليمن السعيد " تيقّظت
                                                                            شبّابة و سمت كما يتوسّم
                                                                    ماذا يرى " اليمن " الحبيب تحقّقت
                                                                            أسمى مناه و جلّ ما يتوهّم
                                                                    فتحت تباشير الصباح جفونه
                                                                            فانشقّ مرقده وهبّ النوم
                                                                    و أفاق و الإصرار ملء عيونه
                                                                            غضبان يكسر قيده و يدمدم
                                                                    و مضى على ومض الحياة شبابه
                                                                            يقظان يسبح في الشعاع و يحلم
                                                                    ***
                                                                    و أطلّ " يوم العلم " يرفل في السنى
                                                                            و كأنّه بفم الحياة ... ترنّم
                                                                    يوم تلقّنه المدارس نشأها
                                                                            درسا يعلّمه الحياة و يلهم
                                                                    و يردّد التاريخ ذكراه و في :
                                                                            شفتيه منه تساؤل و تبسّم
                                                                    يوم أغنّيه و يسكر جوّه
                                                                            نغمي فيسكر من حلاوته الفم
                                                                    ***
                                                                    وقف الشباب إلى الشباب و كلّهم
                                                                            ثقة وفخر بالبطولة مفعم
                                                                    في مهرجان العلم رفّ شبابه
                                                                            كالزهر يهمس بالشذى و يتمتم
                                                                    و تألّق المتعلّمون ... كأنّهم
                                                                            فيه الأشعّة و السما و الأنجم
                                                                    ***
                                                                    يا فتية اليمن الأشمّ و حلمه
                                                                            ثمر النبوغ أمامكم فتقدّموا
                                                                    و تقحّموا خطر الطريق إلى العلا
                                                                            فخطورة الشبّان أن يتقحّموا
                                                                    وابنوا بكفّ العلم علياكم فما
                                                                            تبنيه كفّ العلم لا يتهدّم
                                                                    و تساءلوا من نحن ؟ ما تاريخنا ؟
                                                                            و تعلّموا منه الطموح و علّموا
                                                                    ***
                                                                    هذي البلاد و أنتم من قلبها
                                                                            فلذ و أنتم ساعداها أنتم
                                                                    فثبوا كما تثب الحياة قويّة
                                                                            إنّ الشباب توثّب و تقدّم
                                                                    لا يهتدي بالعلم إلاّ نيّر
                                                                            بهج البصيرة بالعلوم متيّم
                                                                    و فتى يحسّ الشعب فيه لأنّه
                                                                            من جسمه في كلّ جارحة دم
                                                                    يشقى ليسعد أمّه أو عالما
                                                                            عطر الرسالة حرقة و تألّم
                                                                    فتفهّموا ما خلف كلّ تستّر
                                                                            إنّ الحقيقة دربه و تفهّم
                                                                    قد يلبس اللّصّ اعفاف و يكتسي
                                                                            ثوب النبيّ منافق أو مجرم
                                                                    ميت يكفّن بالطلاء ضميره
                                                                            و يفوح رغم طلائه ما يكتم
                                                                    ***
                                                                    ما أعجب الإنسان هذا ملؤه
                                                                            خير و هذا الشرّ فيه مجسّم !
                                                                    لا يستوي الإنسان هذا قلبه
                                                                            حجر و هذا شمعه تتضرّم
                                                                    هذا فلان في حشاه بلبل
                                                                            يشدو و هذا فيه يزأر ضيغم
                                                                    ما أغرب الدنيا على أحضانها
                                                                            عرس يغنّيها و يبكي مأتم !
                                                                    بيت يموت الفأر خلف جداره
                                                                            جوعا و بيت بالموائد متخم
                                                                    ويد منعّمة تنوء ... بمالها
                                                                            و يظلّ يلثمها و يعطي المعدم
                                                                    ***
                                                                    فمتى يرى الإنسان دنيا غضّة
                                                                            سمحا فلا ظلم و لا متظلّم ؟
                                                                    يا إخوتي نشء المدارس يومكم
                                                                            بكر البلاد فكرّموه تكرّموا
                                                                    و تفهّموا سفر الحياة فكلّها
                                                                            سفر ودرس و الزمان معلذم
                                                                    ماذا أقول لكم و تحت عيونكم
                                                                            ما يعقل الوعي الكريم و يفهم ؟