سائل - عبدالله البردوني
مررت بشيخ أصفر العقل و اليد
                                                                            يدبّ على ظهر الطريق و يجتدي
                                                                    ثقيل الخطى يمشي الهوينى بجوعه
                                                                            واحزانه مشي الضرير المقيّد
                                                                    و يمضي و لا يدري إلى أين ينتهي
                                                                            و لم يدر قبل السير من أين يبتدي
                                                                    و يزجي إلى الأسماع صوتا مجرّحا
                                                                            كئيبا كأحلام الغريب المشرّد
                                                                    يمدّ اليد الصفرا إلى كلّ عابر
                                                                            و لم يجن إلاّ اليأس من مدّة اليد
                                                                    فيلقي على الكفّ النحيل جبينه
                                                                            و يسأل هل في الأرض ظلّ لمسعد
                                                                    هو الشرّ ملء الأرض و الشر طبعها
                                                                            هو اشر ملء الأمس و اليوم و الغد
                                                                    وهذا غبار الأرض آهات خيّب
                                                                            و هذا الحصى حبذات دمع مجمّد
                                                                    رمى الشيخ فيما حوله نظرة الأسى
                                                                            ومرّ كطيف المستكين المهدّد
                                                                    فيا للفقير الشيخ يمشي على الطّوى
                                                                            و في مأتم الشكوى يروح و يغتدي
                                                                    يظنّ أكفّ الناس تهوي بجودها
                                                                            إليه و لم يبصر سوى وهمه الردي
                                                                    و جوع يلوّي نفسه في ضلوعة
                                                                            فينساق لا يدري إلى أين يهتدي .