عيد الجلوس - عبدالله البردوني
هذا الصباح الراقص المتأود
                                                                            فتن مهفهفه و سحر أغيد
                                                                    و مباهج ما إن يروقك مشهد
                                                                            من حسنه حتّى يشوقك مشهد
                                                                    الفجر يصبو في السفوح و في الربى
                                                                            و الروض يرشف النّدى و يغرّد
                                                                    و الزهر يحتضن الشعاع كأنّه
                                                                            أمّ تقبّل طفلها و تهدهد
                                                                    في مهرجان النور لاح على الملا
                                                                            عيد يبلوره السنا ... و يورّد
                                                                    فهنا المفاتن و المباهج تلتقي
                                                                            زمرا تكاد من الجمال تزغرد
                                                                    ***
                                                                    عيد الجلوس أعر بلادك مسمعا
                                                                            تسألك أين هناؤها ؟ هل يوجد ؟
                                                                    تمضي و تأتي و البلاد و أهلها
                                                                            في ناظريك كما عهدت و تعهد
                                                                    يا عيد حدّث شعبك متى
                                                                            يروي ؟ و هل يروي و أين المورد ؟
                                                                    حدّث ففي فمك الضحوك بشارة
                                                                            وطنيّة ؛ و على جبينك موعد
                                                                    فيم السكوت و نصف شعبك ها هنا
                                                                            يشقى .. و نصف في اشعوب مشرّد
                                                                    يا عيد هذا الشعب ، ذلّ نبوغه
                                                                            و طوى نوابغه السكون الأسود
                                                                    ضاعت رجال فيه كأنّها
                                                                            حلم يبعثره الدجى و يبدّد
                                                                    ***
                                                                    للشعب يوم تستثير جراحه
                                                                            فيه و يقذف بالرقود المرقد
                                                                    و لقد تراه في السكينة .. إنّما
                                                                            خلف السكينة غضبة و تمرّد
                                                                    تحت الرماد شرارة مشبوبة
                                                                            و من الشرارة شعلة و توقد
                                                                    لا ، ألم يلم ثأر الجنوب و جرحه
                                                                            كالنار يبرق في القلوب و يرعد
                                                                    لا ، لو يلم شعب ... يحرّق صدره
                                                                            جرح على لهب العذاب مسّهد
                                                                    شعب يريد و لا ينال كأنّه
                                                                            ممّا يكابد في الجحيم .. مقيّد
                                                                    ***
                                                                    أهلا بعاصفة الحوادث ، أنّها
                                                                            في الحيّ أنفاس الحياة تردّد
                                                                    لو هزّت الأحداث صخرا جلمدا
                                                                            لدوى و أرعد باللذهيب الجلمد
                                                                    بين الجنوب و بين سارق أرضه
                                                                            يوم نؤرّخه الدما و تخلّد !
                                                                    الشعب أقوى من مدافع ظالم
                                                                            و أشدّ من بأس الحديد و أجلد
                                                                    و الحقّ يثني الجبش و هو عرمرم
                                                                            و يفلّ حدّ السيف و هو مهنّد
                                                                    لا أمهل الموت الجبان و لا نجا
                                                                            منه ؛ و عاش الثائر المستشهد
                                                                    يا ويح شرذمة المظالم عندما
                                                                            تطوي ستائرها و يفضحها الغد !
                                                                    و غدا سيدري المجد أنّا أمّة
                                                                            يمنيّة شمّا ؛ و شعب أمجد
                                                                    و ستعرف الدنيا و تعرف أنّه
                                                                            شعب على سحق الطغاة معوّد
                                                                    فليكتب المستعمرون بغيظهم
                                                                            و ليخجلوا ، و ليخسأ المستعبد
                                                                    ***
                                                                    عيد الجلوس و هل نصّت لشاعر
                                                                            هنّاك و هو عن المسرّة مبعد ؟
                                                                    فاقبل رعاك الله تهنئتي و إن
                                                                            صرخ النشيد و ضجّ فيه المنشد
                                                                    واعذر إذا صبغ التنهّد نغمتي
                                                                            بالجرح فالمصدور قد يتنهّد