أم الكرم - عبدالله البردوني
نشوة النور و أحلام الجنان
                                                                            و شذا الأنسام و الجوّ الجماني
                                                                    رقصت في الروضة الغنّا كما
                                                                            ترقص الحور على شدو المثاني
                                                                    و صبت معجزة الحسن بها
                                                                            صبوة السكر بأعطاف الغواني
                                                                    بلدة الفن و " أمّ الكرم " في
                                                                            حضنها الحاني صبت أمّ الدنّان
                                                                    نسّق الفن حواشي كرمها
                                                                            فتعانقن على بعد المكان
                                                                    و طلى بهجتها صفو الندى
                                                                            و الصباح الطفل وردي البنان
                                                                    و العناقيد على أغصانها
                                                                            كالنهود العاطفيّات الحواني
                                                                    و تدلّت كالقروط البيض من
                                                                            أذن الغيد المليحات الحسان
                                                                    ***
                                                                    روضة فوحاء فردوسيّة
                                                                            تلد اللّذّات آنا بعد آن
                                                                    كلّها راح وروح عبق
                                                                            و ظلال و تثنّي غصن بان
                                                                    وزهور تبعث العطر كما
                                                                            تبعث السكر العناقيد الدواني
                                                                    تفرش الجوّ جمالا و شذا
                                                                            و الثرى ظلا نديّ العطف هاني
                                                                    ***
                                                                    الهوى الممراح فيها و الصبا
                                                                            و حوار الوصل فيها و التداني
                                                                    و فنون الحسن فيها و الغنا
                                                                            مهرجان يرتمي في مهرجان
                                                                    و العصافير على أدواحها
                                                                            كالقياثير على أيدي القيان
                                                                    تسكب اللّحن على مرقصها
                                                                            فتشّي الجو رقصا و أغاني
                                                                    و كأنّ النهر في أحضانها
                                                                            شاعر ذوّبه فرّط الحنان
                                                                    و محبّ كلّما ناجى الهوى
                                                                            طلمست نجواه " فوضاء " الزمان
                                                                    فتحال النهر محموم الغنا
                                                                            مطربا هيمان معقود اللّسان
                                                                    و كأنّ الروضة الغنّا على
                                                                            مائه فجر الهوى طفل الأماني
                                                                    ***
                                                                    بلد توحي مجاليه إلى
                                                                            مزهر الفنان أبكار المعاني
                                                                    قلت للشعر و قد ساجله
                                                                            نغم الفنّ و سحر الإفتنان
                                                                    أتراه سرق الفردوس أم
                                                                            هو فردوس بحضن الأرض ثاني