كِتابُ فَتىً أَخى كَلَفٍ طَروبِ - صريع الغواني
كِتابُ فَتىً أَخى كَلَفٍ طَروبِ
                                                                            إِلى خَودٍ مُنَعَّمَةِ لَعوبِ
                                                                    صَبَوتُ إِلَيكِ مِن حُزنٍ وَشَوقٍ
                                                                            وَقَد يَصبو المُحِبُّ إِلى الحَبيبِ
                                                                    وَقَد كانَت تُجيبُ إِذا كَتَبنا
                                                                            فَيا سَقياً وَرَعياً لِلمُجيبِ
                                                                    تَخُطُّ كِتابَها بِقَضيبِ رَندٍ
                                                                            وَمِسكٍ كَالمِدادِ عَلى القَضيبِ
                                                                    كِتابٌ فيهِ كَم وَإِلى وَما إِن
                                                                            أُقَضّي مِن رَسائِلِها عَجَبي
                                                                    نُعَمّيهِ عَلى ذي الجَهلِ عَمداً
                                                                            وَلا يَخفى عَلى الفَطِنِ اللَبيبِ
                                                                    وَقَد قالَت لِبيضٍ آنِساتٍ
                                                                            يَصِدنَ قُلوبَ شُبّانٍ وَشيبِ
                                                                    أَنا الشَمسُ المُضيئَةُ حينَ تَبدو
                                                                            وَلَكِن لَستُ أُعرَفُ بِالمَغيبِ
                                                                    بَراني اللَهُ رَبّي إِذ بَراني
                                                                            مَبَرَّأَةً سَلِمتُ مِنَ العُيوبِ
                                                                    فَلَو كَلَّمتُ إِنساناً مَريضاً
                                                                            لَما اِحتاجَ المَريضُ إِلى الطَبيبِ
                                                                    وَخَلقي مِسكَةٌ عُجِنَت بِبانٍ
                                                                            فَلَستُ أُريدُ طيباً غَيرَ طيبي
                                                                    وَأَعقِدُ مِئزَري عَقداً ضَعيفاً
                                                                            عَلى دِعصٍ رُكامٍ مِن كَثيبِ
                                                                    وَجِلدي لَو يَدِبُّ عَلَيهِ ذَرٌّ
                                                                            لَأَدمى الذَرُّ جِلدي بِالدَبيبِ
                                                                    وَريقي ماءُ غادِيَةٍ بِشَهدٍ
                                                                            فَما أَشهى مِنَ الشَهدِ المَشوبِ
                                                                    فَقُلنَ لَها صَدَقتِ فَهَل عَطَفتُم
                                                                            عَلى رَجُلٍ يَهيمُ بِكُم كَئيبِ
                                                                    غَريبٍ قَد أَتاكَ فَأَطلِقيهِ
                                                                            فَإِنَّ الأَجرَ يُطلَبُ في الغَريبِ
                                                                    فَقالَت قَد بَدَت مِنهُ هَناتٌ
                                                                            وَقَد تَبدو الهَناتُ مِنَ المُريبِ
                                                                    وَصَلناهُ فَكَلَّمَنا بِسِحرٍ
                                                                            كَذَلِكَ كُلُّ مَلّاقٍ خَلوبِ
                                                                    وَما ظَلَمَت وَلَكِنّا ظَلَمنا
                                                                            فَقَد تُبنا إِلَيها مِن قَريبِ
                                                                    فُتِنّا لِلشَقاءِ بِحُبِّ سِحرٍ
                                                                            كَما فُتِنَ النَصارى بِالصَليبِ
                                                                    غَفَرتُ ذُنوبَها وَصَفَحَتُ عَنها
                                                                            فَلَم تَصفَح وَلَم تَغفِر ذُنوبي
                                                                    وَلَو أَنَّ الجَنوبَ تُجيبُ عَنّي
                                                                            لَأَهدَيتُ السَلامَ مَعَ الجَنوبِ
                                                                    وَقائِلَةٍ أَفِق مِن حُبِّ سِحرٍ
                                                                            فَقُلتُ لَها جَهِلتِ فَلَم تُصيبي
                                                                    أَمَرتِ بِهَجرِها سَفَهاً فَتوبي
                                                                            إِلى الرَحمَنِ مِمّا قُلتِ توبي
                                                                    أَلا يا لَيتَني قاضٍ مُطاعٌ
                                                                            فَأَقضي لِلمُحِبِّ عَلى الحَبيبِ